حثَّت مجموعة من حملة السندات اللبنانية، والتي تشمل بعضا من أكبر صناديق الاستثمار في العالم، الحكومة الجديدة اليوم الثلاثاء على بدء محادثات لإعادة هيكلة الديون في أقرب وقت ممكن للمساعدة في التعامل مع الأزمة المالية الطاحنة في البلاد.
تعرض لبنان لأول عجز عن سداد ديون دولية له في مارس آذار الماضي، بعد سنوات من الاضطرابات السياسية وسوء إدارة الاقتصاد، مما قوض قدرته على خدمة عبء ديون يوازي أكثر من 170% من الناتج المحلي الإجمالي.
وبعد عام من الجمود السياسي، شكل القادة اللبنانيون حكومة جديدة بقيادة رجل الأعمال السني نجيب ميقاتي في وقت سابق من الشهر الجاري، وكلفوه بمهمة إعادة بناء اقتصاد صار ثلاثة أرباع السكان فيه يعيشون في فقر.
وتراجعت قيمة العملة اللبنانية 90% على مدى العامين المنصرمين، وارتفعت أسعار الأغذية ارتفاعا حادا بما يزيد عن 550%، وحول تفاقم نقص السلع الأساسية مثل الوقود والأدوية الحياة اليومية إلى مشقة.
وقالت مجموعة الدائنين في بيان "الآمال والتوقعات بأن تعزز الحكومة الجديدة عملية إعادة هيكلة ديون سريعة وشفافة ومنصفة".
وأضافت "مثل هذه العملية ستتطلب من الحكومة الانخراط بشكل مجد مع صندوق النقد الدولي ودائني لبنان الدوليين وشركاء القطاع الرسمي".
ولم يتسن التواصل مع الحكومة اللبنانية بعد للحصول على تعليق.
هيكلة القطاع المالي
ركز تصديق البرلمان أمس الاثنين على الحكومة على برنامج سياسات يتمحور حول استئناف المحادثات مع صندوق النقد الدولي وإعادة هيكلة القطاع المالي في البلاد.
تضم المجموعة الصناديق الكبيرة أموندي وأشمور وبلاك روك وبلوباي وفيدلتي في-رو برايس، بالإضافة إلى مجموعة من صناديق التحوط الأصغر حجما.
وتشير تقديراتها إلى أنها تمتلك "حصة حجب" تزيد عن 25% في 40% من سلسلة السندات اللبنانية المختلفة، مما يعني أنها ستكون لاعبا هاما في أي إعادة هيكلة جادة.
محادثات صندوق النقد
غالبية السندات المتبقية في حوزة بنوك تجارية محلية في لبنان أو مصرفه المركزي الذي اشترى ثلاثة مليارات دولار من الدين مباشرة من حكومة سابقة في 2019.
وبحسب مسودة برنامج للسياسة اطلعت عليه رويترز الأسبوع الماضي، فإن حكومة رئيس الوزراء نجيب ميقاتي الجديدة تريد أيضا استئناف المحادثات مع صندوق النقد الدولي.
ويتضمن مقترح ميقاتي تجديد خطة تعاف رسمتها الحكومة السابقة، والتي تقول إن العجز في القطاع المالي يقدر بنحو 90 مليار دولار وهو رقم صدق عليه صندوق النقد الدولي.
وساعدت الإشارات القادمة من الحكومة الجديدة السندات اللبنانية المتعثرة في السداد على الارتفاع بأكثر من خمسين بالمئة في الأيام الأخيرة من حوالي 12 سنتا للدولار إلى ما بين 18 و19 سنتا، وهي لا تزال منكوبة بشكل كبير.
وقالت الحكومة السابقة إن لديها نحو 30 مليار دولار من السندات المقومة باليورو حل أجل استحقاقها في الأسواق العالمية، إضافة إلى 50 مليار دولار أخرى صدرت في الأسواق المحلية.
انهارت الجولة الأخيرة من المفاوضات بشأن دعم صندوق النقد الدولي العام الماضي، عندما اختلفت النخب السياسية والبنوك في لبنان حول حجم خسائر القطاع المالي المنصوص عليها في خطة التعافي.
وقال ميقاتي من قبل إن المحادثات لن تكون سهلة، لكنها ضرورة ملحة وليست خيارا. لكنه لم يفصح عن تفاصيل فيما يتعلق بأي تغييرات قد يتم إدخالها على الخطة السابقة لتجعلها مقبولة أكثر لمعارضيها.
وقال طلال سلمان الذي استقال قبل عام من قيادة مفاوضات إعادة هيكلة الديون اللبنانية وكان أحد الشخصيات الرئيسية في اتخاذ قرار التعثر في سداد الديون إن أي محادثات لإعادة هيكلة الديون مشروطة ببرنامج صندوق النقد الدولي، وهذا بدوره مشروط بخطة إصلاح وإصلاح القطاع المصرفي. وأضاف أن هناك ارتباطا كبيرا بين إعادة هيكلة السندات المقومة باليورو والنظام المالي، إذ لا يمكن القيام بعملية دون أخرى.