تراجعت مبيعات التجزئة في بريطانيا بشكلٍ غير متوقع في أغسطس للشهر الرابع على التوالي لتسجل بذلك أسوأ سلسلة انخفاضات متتالية منذ 25 عاماً على الأقل، في إشارة إلى الخسائر الفادحة الناجمة عن انتشار حالات الإصابة بفيروس كورونا وانقطاع الإمدادات.
قال "مكتب الإحصاءات الوطني" الجمعة، إن حجم البضائع المبيعة في المتاجر وعبر الإنترنت انخفض بنسبة 0.9% في أغسطس على أساس شهري، فيما تراجعت المبيعات بنسبة 2.8%، مقابل توقعات الاقتصاديين بتسجيل ارتفاع بنسبة 0.5%.
وقد انخفضت المبيعات باستثناء وقود السيارات الذي ارتفعت مبيعاته 1.2%، وقد عدّل "مكتب الإحصاءات الوطني" الارتفاع الطفيف الذي سجّله في يونيو.
وتتزايد الشكوك بشأن مستقبل الإنفاق الاستهلاكي الذي يغذّي الاقتصاد البريطاني، إذ تواجه ملايين الأسر البريطانية خطر ارتفاع معدلات الإصابة بفيروس كوفيد-19، فضلاً عن تراجع حادّ في مستويات المعيشة بعد الارتفاع الكبير في معدلات التضخم.
وقد تزامنت التراجعات مع تأثير خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي والوباء على مجموعة من العمال الذين يعتمد عليهم قطاع تجارة التجزئة، إضافة إلى الاختناق في سلسلة التوريد وتسببه في فراغ رفوف البضائع.
تباطؤ التعافي الاقتصادي
وقال ستيوارت كول، كبير خبراء الاقتصاد الكلي في "إيكويتي كابيتال" للخدمات المالية: "هذه الأرقام تثير مزيداً من المخاوف بشأن تباطؤ وتيرة تعافي الاقتصاد البريطاني، ووصول انتعاش الطلب الاستهلاكي في البلاد إلى ذروته".
تُعَدّ هذه هي المرة الأولى التي تُسجَّل فيها 4 تراجعات متتالية منذ بدء تسجيل البيانات في عام 1996.
انخفض الإنفاق في السوبرماركتات والمتاجر بحدّة بالتزامن مع باقي القطاعات التي يتابعها "مكتب الإحصاءات الوطني"، الذي قال إن المستهلكين يوجهون الإنفاق نحو تناول الطعام في الخارج والإنفاق على الخدمات الترفيهية حديثاً بعد الإغلاق.
أسعار الفائدة
قال صمويل تومبس كبير خبراء الاقتصاد البريطاني في "بانثيون ماكرو إيكونوميكس"، إن الأرقام "يجب أن تجعل الأسواق تتشكك" فيما إذا كان "بنك إنجلترا" سيرفع أسعار الفائدة في أقرب وقت ممكن في فبراير، وأضاف: "الوضع ضبابي بشأن توقعات إنفاق الأسر على المدى القريب".
أظهر مسح منفصل أن 6.5% من شركات البيع بالتجزئة لم تتمكن من الحصول على السلع والمواد والخدمات التي يحتاجون إليها خلال الفترة 9-22 أغسطس، وقد تزايدت تلك النسبة لتصل إلى 18.2% في المتاجر الكبرى، تليها متاجر الملابس عند 11.2%.
قالت إيما لو مونتغمري التي تعمل مساعدة مدير في صندوق "فيديليتي إنترناشيونال": "تواجه صعوباتٌ التعافيَ في جميع أنحاء القطاع وسط تحديات تواجه عديداً من تجار التجزئة بسبب اضطراب سلسلة التوريد ونقص العمالة، فيما سيبدأ ارتفاع الأسعار في جميع القطاعات بزيادة الضغط على الأسر، كما قد يستمرّ في إعاقة عادات الشراء".
عودة السفر
كانت القطاعات الوحيدة التي سجلت زيادة في المبيعات هي الملابس والوقود بالتزامن مع عودة مزيد من الناس إلى المكاتب والسفر لقضاء العطلات الصيفية.
أظهرت البيانات هذا الأسبوع ارتفاع مؤشر أسعار المستهلكين بنسبة 3.2% منذ بداية العام حتى أغسطس في أسرع وتيرة ارتفاع على مدار أكثر من 9 سنوات.
ومن المتوقع استمرار التسارع كأمر حتمي تقريباً في ظلّ الزيادة المقررة على فواتير الغاز الطبيعي والكهرباء التي ستُطبَّق في فصل الخريف بالتزامن مع استمرار اضطرابات سلسلة التوريد ونقص السلع اليومية.
تعمل الحكومة أيضاً على تقليص الدعم المقدم للعمال ذوي الأجور المنخفضة عن طريق الإلغاء التدريجي للزيادة المؤقتة في برنامج الدعم الشامل.
كما تُلغي الإعفاء الضريبي على شراء العقارات بالتزامن مع التخطيط لزيادة الضرائب على الرواتب في أبريل لدفع تكلفة تحسن خدمات الرعاية الصحية.
في الوقت نفسه تلوح في الأفق طفرة موسمية خلال فصل الخريف في معدلات البطالة بالتزامن مع إنهاء مدفوعات الدعم التي قُدّمَت للعاطلين عن العمل في أثناء الوباء.
تشير بيانات المؤشرات التفصيلية إلى فقدان الزخم الاستهلاكي في سبتمبر، إذ انخفضت زيارات المتاجر والإنفاق على البطاقات وتناول الطعام في المطاعم.