"طالبان" لا يمكنها طباعة العملة النقدية.. وهذه تحديات اقتصادية أخرى بأفغانستان

البنك المركزي الأفغاني يطبع العملة عن طريق شركات متخصصة بالخارج وقد لا يتمكن مواصلة ذلك في ظل العقوبات المفروضة على حركة طالبان - المصدر: بلومبرغ
البنك المركزي الأفغاني يطبع العملة عن طريق شركات متخصصة بالخارج وقد لا يتمكن مواصلة ذلك في ظل العقوبات المفروضة على حركة طالبان - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

- مقال رأي

هناك اقتراحات متفائلة بأن اندماج أفغانستان في الاقتصاد العالمي الذي تحقق بشق الأنفس سيستمر رغم صعود طالبان وانسحاب الولايات المتحدة.

وقد اقترح عدد من المعلقين أن الصين - التي أعلنتها طالبان حليفها الأقوى - يمكن أن تصبح الداعم الاقتصادي الأساسي لأفغانستان وتساعد البلاد على البقاء كجزء من النظام العالمي. هذا التحليل غير واقعي.

فأولاً، يتجاهل هذا التحليل نظام العقوبات الذي فرضه المجتمع الدولي على طالبان. لا تنطبق هذه القيود على المعاملات المالية فحسب، بل على المعاملات التجارية أيضاً.

يجب على جميع الشركات - وليس البنوك فقط - الامتثال لإطار عمل مكافحة تمويل الإرهاب وغسيل الأموال.

عمل البنك المركزي الأفغاني (DAB) - الذي كنت أترأسه حتى سقوط كابول في أغسطس - مع شركائه الدوليين لحظر مثل هذه المعاملات. الآن، من المرجح أن يتعامل باقي العالم مع أفغانستان والبنك المركزي الأفغاني تحت حكم طالبان ككيانات خاضعة للعقوبات.

طباعة النقود

إضافة إلى الآثار المالية، ستكون هناك ثلاث عواقب إضافية لهذا الوضع.

أولاً، سوف يتأثر عرض النقود المادية لأفغانستان. هذا لأن البنك المركزي لا يطبع عملته الخاصة: يستقبل البنك المركزي الأفغاني العملة التي تنتجها شركات متخصصة في الخارج.

يتوقع البنك استلام 2 مليار أفغاني في أوراق نقدية صغيرة من شركة عملة بولندية في أغسطس. كما وقع عقداً مع شركة فرنسية لتوريد 100 مليار أفغاني إضافي للعام التالي. أنا متأكد نسبياً أنه لا يمكن إجراء عمليات التسليم هذه.

خط الغاز الطبيعي

ثانياً، من المرجح ألا يستمر مشروع خط أنابيب الغاز الطبيعي الذي تبلغ تكلفته 7 مليارات دولار بين تركمانستان وأفغانستان وباكستان والهند.

كان خط الأنابيب هذا سيجلب 33 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي سنوياً من حقل تركمان غالكينيش - ثاني أكبر حقل في العالم - إلى باكستان والهند. كان سيحقق بضع مئات من ملايين الدولارات من عائدات العبور لحكومة أفغانستان.

أعرف هذه المسألة جيداً لأنني كنت ممثل أفغانستان في مجلس إدارة المشروع لمدة خمس سنوات. لقد ساعدت في نقل خط الأنابيب من مجرد هدف غامض تم تصوره خلال نظام طالبان السابق إلى مشروع واقعي.

تم الانتهاء من الأعمال الهندسية وتوقيع الاتفاقيات الثنائية وبدء عملية الاستحواذ على الأراضي. وتوصلت شركة المشروع إلى وضع قائمة مختصرة لعدد من الشركات الأوروبية لتقديم الأنابيب الفولاذية والصمامات وأعمال البناء. حتى أننا حددنا مصادر التمويل من مختلف وكالات ائتمان الصادرات وشركات التأمين.

زار وفد من طالبان تركمانستان في وقت سابق من هذا العام لطمأنة الحكومة هناك أن نظام طالبان سيوفر الأمن لخط الأنابيب.

أتذكر الزيارة لأن سيارة مفخخة انفجرت تحت قيادة مدير مشروع خط أنابيب تركمانستان - أفغانستان - باكستان – الهند (TAPI) في كابول في اليوم نفسه. (لقد نجا لحسن الحظ).

على أية حال، مهما كانت التأكيدات التي قدمها الوفد لتركمانستان، فإن طالبان لا تفهم تماماً تعقيدات المشروع. نتيجة لنظام العقوبات والمخاوف الأمنية، لن تتمكن الشركات الأوروبية من توفير المعدات أو التمويل.

وبالتأكيد لن يتمكنوا من الحصول على تأمين للمشروع. في الوقت الحالي، يجب افتراض أن المشروع قد مات.

الموارد المعدنية

ثالثاً، يجب تقليص الآمال في الاستفادة من الموارد المعدنية للبلاد - أو التخلي عنها. ويشمل ذلك منجم أيناك للنحاس، وهو أحد أكبر المصادر غير المستغلة في العالم، والذي حصلت شركة المعادن الصينية على حقوق استثماره في عام 2008. أو منجم هاجيجاك لخام الحديد، وهو منجم يحتوي على خام الحديد على مستوى عالمي، والذي وقعت شركة هندية العقد الخاص به.

هناك أيضاً حوض النفط أمو داريا (Amu-Darya)، حيث تمتلك شركة البترول الوطنية الصينية حقوق التنقيب. كل من هذه المشاريع يتطلب تمويلاً دولياً وأكثر. من غير المحتمل أن تتدخل أي شركة حسنة السمعة في مثل هذه المشاريع الآن. فالمخاطر ببساطة عالية للغاية.

تضرر حركة التجارة

إضافة إلى ذلك، من المرجح أن يتم تقليص البرامج الاقتصادية لدعم التجارة. بصفتي مستشاراً اقتصادياً لرئيس أفغانستان، قمت بتطوير برنامج دعم الشحن الجوي الذي ساعد على زيادة الصادرات بأكثر من 100 مليون دولار سنوياً.

قمنا بتصدير حبات الصنوبر إلى الصين، والفواكه الطازجة إلى الهند، والبسط إلى تركيا والحرف اليدوية إلى أوروبا. لكن مع انخفاض الحيز المالي، من المحتمل أن يصبح دعم الحكومة لهذه الممرات الجوية غير مستدام.

يقترح محللون أن طالبان قد تلجأ إلى إسلام أباد للمساعدة. لكن الاقتصاد الباكستاني لا يرقى إلى مستوى التحدي. باكستان لديها فقط 20 مليار دولار من الاحتياطيات الدولية. ورغم أن هذا ضعف ما تمتلكه أفغانستان، إلا أن باكستان عليها أن تتعامل مع ناتج محلي إجمالي أكبر 14 مرة.

علاوة على ذلك، تبلغ نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي في الدولة 90%، وهي نسبة عالية بالنسبة لسوق نامية. تراجعت الصين مؤخراً عن الاستثمار في باكستان بسبب المخاوف الأمنية.

ستواجه طالبان نفس التحديات الاقتصادية التي واجهها النظام السابق - لكن في ظل العقوبات وبدعم مالي دولي أقل بكثير. يجب على حكام أفغانستان الجدد مواجهة هذا الواقع وتشكيل حكومة شاملة والالتزام بالمعايير الدولية. وإلا فإنهم سيزيدون من إفقار أنفسهم والشعب الأفغاني.

اضغط هنا لقراءة المقال الأصلي
هذا المقال لا يعكس موقف أو رأي "الشرق للأخبار"وهو منشور نقلا عن Bloomberg Mediaولا يعكس بالضرورة آراء مجلس تحرير Bloomberg أو ملاكها
تصنيفات

قصص قد تهمك