قال رئيس الوزراء اللبناني، نجيب ميقاتي، إن لديه خطة للإصلاح الاقتصادي يثق بأنها قادرة على انتشال بلده من الانحدار الحر، بحسب تعبيره.
وأوضح في مقابلة مع قناة "الشرق" بعد إعلان تشكيل حكومته: "خطة الإصلاح الاقتصادي حاضرة، ولكن لا أستطيع البوح بها قبل عرضها على مجلس الوزراء"، مشيراً إلى أنها "تتضمن سبعة أو ثمانية بنود أساسية يجب أن نتعاون مع المجلس النيابي لإصدار قوانين" خاصة بها.
تمكن ميقاتي، من تشكيل حكومة بعد أن أقرها الرئيس، ميشال عون، اليوم الجمعة. وكشف عن وزارته المؤلفة من 24 حقيبة، بما في ذلك تعيين مسؤول من مصرف لبنان وزيراً للمالية.
تأتي الخطوة بعد أكثر من عام من استقالة الحكومة السابقة، فيما يعاني لبنان من أزمة اقتصادية طاحنة تهدد استقراره. كما يمر البلد بأزمة مالية ضخمة، وصفها البنك الدولي بأنَّها واحدة من أعمق حالات الكساد المسجلة في العصر الحديث.
وقال رئيس الحكومة: "لم يعد لدينا أموال لندعم الاقتصاد.. الأمور التي سيطلبها صندوق النقد الدولي لدعم لبنان أصبحت مطبقة، وسنقوم بعدها بطلب المساعدة اللازمة لتوفير النقد الأجنبي للقيام بالمقومات الأساسية للعيش الكريم في لبنان".
العمل فوراً
من المنتظر أن تبدأ حكومة ميقاتي على الفور إصلاحات ملحة وتستأنف المفاوضات مع صندوق النقد الدولي، لتمهيد السبيل للحصول على مساعدات أجنبية تحتاجها البلاد بشدة.
وقال ميقاتي لـ"الشرق": "لن أطلب فترة سماح (تحضيرية) ثلاثة شهور، لأن المطلوب هو أن أحل هذه المواضيع بأسرع وقت ممكن". وأضاف: "أريد وقف الانحدار الحر في لبنان.. سأعمل جاهداً للوصول إلى اتفاق مرض مع صندوق النقد الدولي.. وأن يكون جيداً للبنان"، لافتاً إلى أن بلاده ليست الحالة الوحيدة التي يعالجها الصندوق.
يرى رئيس الحكومة اللبنانية أن أحد أسباب الوضع الذي آلت إليه بلاده يكمن في الانقطاع الذي حصل بينها وبين العديد من الدول، وبشكل خاص العربية. وقال: "أريد إعادة التواصل كاملاً مع الدول العربية والانفتاح على دول العالم التي انقطع التواصل معها".
من المتوقع أن يوافق البرلمان اللبناني على التشكيلة الوزارية الجديدة بعد أن حصلت على دعم الرئيس ميشال عون. لكن لم يحدد تاريخ للتصويت لغاية الآن.
اقتصاد مرهق
ساهمت الانقسامات السياسية الحادة في شل الحياة الاقتصادية في البلاد طوال سنتين، ما قاد إلى نشوء أزمة مركبة من العملة إلى الوقود والكهرباء وغيرها من القطاعات الحيوية. كما قفز معدل التضخم السنوي بشكل حاد ليبلغ 158% في مارس 2021، في أعلى مستوى له خلال عشر سنوات.
تشير تقديرات لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا (إسكوا) إلى أنَّ الأزمة دفعت حتى الآن 78% من السكان إلى الفقر.
إقرأ أيضاً: نجيب ميقاتي: لدي الخبرة والدعم لوقف انحدار لبنان الاقتصادي
يشهد لبنان منذ صيف 2019 انهياراً اقتصادياً متسارعاً، فاقمه انفجار مرفأ بيروت المروع في 4 أغسطس 2019، وإجراءات مواجهة فيروس كورونا. وتخلَّفت الدولة في مارس 2020 عن دفع ديونها الخارجية، ثم بدأت مفاوضات مع صندوق النقد الدولي حول خطة نهوض عُلِّقت لاحقاً بسبب خلافات بين المفاوضين اللبنانيين.
وتوقع البنك الدولي أن ينكمش إجمالي الناتج المحلي الحقيقي في لبنان بنسبة 9.5% في العام 2021.
تعدُّ هذه الأزمة أسوأ انهيار منذ الحرب الأهلية التي دارت بين عامي 1975 و1990، ووصل الانهيار إلى نقطة حرجة، فقد أجبرت المستشفيات، والمخابز، والخدمات الأساسية الأخرى على تقليص أو إغلاق أبوابها بسبب انقطاع التيار الكهربائي مع فقدان البنزين الذي يكاد يكون العثور عليه مستحيلاً.
وشهد شهر أغسطس الماضي رفع الحكومة اللبنانية الأسعار الرسمية لمختلف أنواع الوقود المستخدمة في السوق المحلية، بنسب تراوحت بين 53% إلى 73%.
واستخدم المصرف المركزي احتياطاته الدولارية لتمويل واردات الوقود بأسعار الصرف الرسمية التي تقلُّ كثيراً عن سعر تداول الدولار في السوق الموازية، الأمر الذي أدى إلى استنزاف الاحتياطي.