قفز معدل نمو الصادرات الصينية بشكل غير متوقَّع خلال شهر أغسطس في ظلِّ تعزيز الموردين طلباتهم قبل موسم تسوُّق نهاية العام، مما يعوِّض أي اضطرابات في الموانئ ناتجة عن التفشي الجديد لمتحوِّل "دلتا".
صعدت الصادرات بنسبة 25.6% مقوَّمة بالدولار مقارنة بالعام السابق لتصل إلى مستوى قياسي بلغ 294.3 مليار دولار، بزيادة 10 مليارات دولار عن أي شهر سابق. في حين نمت الواردات بنسبة 33.1% إلى 236 مليار دولار، لتسجل أعلى مستوياتها على الإطلاق، محققةً بذلك فائضاً تجارياً قدره 58.3 مليار دولار في الشهر، بحسب ما ذكرت إدارة الجمارك يوم الثلاثاء.
تسوق مبكر
جاء الصعود على الرغم من الاضطرابات التي شهدها ثاني أكبر ميناء في الصين الشهر الماضي بسبب الموجات الجديدة من تفشي فيروس كورونا، التي أدت إلى تكدُّس السلع بالموانئ، ورفع تكاليف الشحن. ظلَّ الطلب العالمي مرناً، خاصة من الولايات المتحدة وأوروبا، إذ من المحتمل أن يكون تجار التجزئة قد قدَّموا موعد طلبات التسوُّق الخاصة بهم لعيد الميلاد.
قال شينغ تشوبنغ كبير المحللين الاستراتيجيين في الصين لدى "أستراليا آند نيوزيلندا بانكينغ غروب" في شنغهاي: "وصل موسم الكريسماس القوي قبل موعده المعتاد في السنوات السابقة". وأضاف أنَّ المنتجات الجديدة من شركة "أبل" خلقت طلباً، في حين تسبَّب تفشي متحوِّل "دلتا" في جنوب شرق آسيا على الأرجح في تحويل مسار الطلبات إلى الصين. تابع: "سيستمر الطلب قوياً قبل شهر نوفمبر".
كشفت البيانات عن تصدُّر القطاعات الثلاثة: الإلكترونيات، والمنتجات عالية التقنية، والملابس، وإكسسوارات الملابس، الصادرات من ناحية القيمة، في حين كانت أعلى الواردات، هي: الإلكترونيات، ومنتجات التكنولوجيا الفائقة.
رأي خبراء "بلومبرغ إيكونوميكس"
قال إريك شو، المحلل الاقتصادي لشؤون الصين:" تعكس القوة طلباً خارجياً قوياً، على الأرجح، بالإضافة إلى الطلبات المحوَّلة من المصدرين المنافسين بسبب الاضطرابات الناجمة عن تفشي فيروس كورونا. بالنظر إلى المستقبل، على الرغم من ذلك، قد يهدأ نمو الصادرات في الربع الأخير من العام الجاري، إذ ستضر طلبات التصدير الجديدة، الأضعف نسبياً، بالشحنات، وتصبح قاعدة المقارنة بالعام السابق أقل ملاءمة".
ماذا عن الاقتصاد؟
بدأت علامات التباطؤ في الظهور على مستوى العالم، في حين ترتفع حالات الإصابة بمرض كوفيد-19، وحذَّر المسؤولون في الصين من ضعف نمو الصادرات لبقية العام مع تزايد المخاطر.
أظهرت استطلاعات رأي بقطاع التصنيع الأسبوع الماضي انكماشاً في طلبات التصدير الجديدة للشهر الرابع على التوالي في شهر أغسطس، مما قد يشير إلى تباطؤ في المستقبل. بعيداً عن التجارة، يتعرَّض الاقتصاد لأضرار جرَّاء انهيار نشاط الخدمات المرتبط بقيود الحد من تفشي مرض كوفيد، وتشديد القيود على الملكية العقارية، وانخفاض الإنفاق على البنية التحتية.
اقرأ المزيد: تباطؤ نشاط المصانع وتراجع الخدمات يضغطان على اقتصاد الصين في أغسطس
ربما أدت سيطرة الصين الفعَّالة على حالات الإصابة بالفيروس إلى تحويل المورِّدين للطلبات من الدول الآسيوية الأخرى، التي تجد صعوبة في التصدي لمتحوِّل "دلتا"، وتكافح من أجل استمرار عمليات التصنيع. يمكن أن تتراجع هذه الميزة على الرغم من ذلك بمجرد احتواء الوباء في مكان آخر.
وقالت ميشيل لام، الخبيرة الاقتصادية المختصة بالصين الكبرى في شركة "سوستيه جنرال" في هونغ كونغ: "أحد الأسباب المحتملة للصادرات القوية، هو أنَّه نظراً للاختناقات اللوجستية، فقد قدَّم المصدِّرون موعد الشحنات لموسم عيد الشكر، وعيد الميلاد القادمين". وتتوقَّع أن تتباطأ التجارة في ضوء الانكماش في طلبات التصدير لمؤشر مديري المشتريات، وتراجع زخم الاستهلاك في الولايات المتحدة.
الرئيس شي: قيود الفيروس لن تثني الصين عن أهدافها الاقتصادية
جرى إغلاق محطة "ميشان" في ميناء "نينغبو" لمدَّة أسبوعين خلال شهر أغسطس الماضي لاحتواء تفشي الفيروس هناك، وعلى الرغم من إعادة فتحها في أواخر الشهر، فمن المحتمل أن يستغرق الأمر بعض الوقت لتخفيف تكدُّس الشحنات في الميناء.