فوضى بيانات الوظائف الأمريكية تنعكس على الاقتصاد و"الفيدرالي"

تقرير الوظائف الأمريكية في أغسطس يعطي إشارات متضاربة بعد زيادة الوظائف بمعدلٍ هو الأقل في 7 أشهر - المصدر: بلومبرغ
تقرير الوظائف الأمريكية في أغسطس يعطي إشارات متضاربة بعد زيادة الوظائف بمعدلٍ هو الأقل في 7 أشهر - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

- مقال رأي

من المفترض أن يدفعنا تقرير الوظائف الأمريكية لشهر أغسطس، الذي خالف التوقعات بشكل كبير، إلى التعاطف مع من يتعاملون مع تدفق البيانات الاقتصادية، سواء كانوا من المحللين أو من صانعي السياسات، نتيجة تباين التفسيرات الخاصة بمجموعة البيانات في ظل حالة الضبابية وعدم اليقين بشأن المشهد الاقتصادي بعد الوباء.

اقرأ أيضاً: وسط انتشار "دلتا".. سوق الوظائف الأمريكية تسجل أدنى مكاسب لها في سبعة شهور

لنبدأ بالملاحظات الرئيسية:

- اختلفت البيانات بنسبة كبيرة عن التوقعات، ما جعل الرقم الرئيسي لتقرير الوظائف أمس الجمعة مخيباً للآمال، إذ بلغ عدد الوظائف الجديدة 235 ألف وظيفة فقط، مقارنة بمتوسط ​​ 733 ألف وظيفة للتوقعات التي ضمت مجموعة واسعة من توقعات المحللين (جاءت البيانات الفعلية أقل من أدنى توقع).

- سبقت تلك الصدمة الناتجة عن عدم توافق البيانات مع التوقعات بشكل جزئي التعديلات التي جرت على بيانات الوظائف خلال الأشهر السابقة والتي عدّلت متوسط ​​الأشهر الثلاثة إلى مستوى أكثر قبولاً بنحو 750 ألف وظيفة شهرياً، مقارنة بخلق مليوني وظيفة في شهرَي يونيو ويوليو فقط.

- رغم التراجع النسبي في خلق الوظائف خلال أغسطس، تراجع معدل البطالة 0.2 نقطة مئوية إلى 5.2%، وارتفع معدل الأجور من حيث معدل الأجر في الساعة بأكثر من التوقعات (0.6% مقارنة بـ0.4% على أساس شهري).

- وبالنظر إلى معدل البطالة الإجمالي نجد مؤشرات مثيرة للقلق على صعيد عدم المساواة، إذ انخفض معدل البطالة بين الأشخاص ذوي البشرة البيضاء من 4.8% إلى 4.5%، فيما ارتفع بين أصحاب البشرة السوداء من 8.2% إلى 8.8%.

- ظل معدل القدرة على المشاركة في القوى العاملة نسبة إلى عدد السكان دون تغيير عند 61.7%، على الرغم من العجز الوظيفي لأكثر من 7 ملايين عامل مقارنة بمستويات ما قبل الوباء.

مخاطر مستقبلية

يمكن التوفيق بين بعض هذه المؤشرات من خلال دمج تأثير سلالة "دلتا" المتحورة في قطاع الخدمات، لا سيما بالنظر إلى بيانات التوظيف المخيبة للآمال بقطاعات التجزئة والترفيه والضيافة.

كما يمكن النظر إلى بيانات التوظيف الرئيسية على أنها "ضوضاء" مؤقتة، في ظل قوة متوسط خلق الوظائف على مدار عدة أشهر.

لكن البيانات قد تفسح المجال أيضاً لمزيد من الآراء التي ترى مشكلات هيكلية تشير إلى تزايد المخاطر بشأن التوقعات المستقبلية.

من بين تلك الآراء وجود تحديات بشأن استمرار عدم قدرة سوق العمل على مطابقة الزيادة في الطلب على الوظائف، التي يأتي في مقابلها زيادة في فرص العمل المتوفرة لأكثر من 10 ملايين وظيفة متاحة، وفقاً لمسح وزارة العمل الخاص بفرص العمل ومعدل دوران العمال.

انحراف مؤقت

يكمن القلق بشأن تلك البيانات من عدم تطابق المهارات مع تطور الاقتصاد الذي يتطلب عمالة أقل ويعاني من مشكلات في التنقل، إلى جانب تضاعف المؤشرات الدالة على ارتفاع تكاليف المدخلات لعديد من الشركات، ما يؤدي إلى ارتفاع الأسعار ويغذي فكرة أن الاقتصاد يواجه رياحاً تضخمية متزايدة.

يحتاج كل من المحللين وصانعي السياسات إلى استعراض وتدقيق تلك المؤشرات وما تحمله من تحليلات متباينة. أما إذا كان عليهم الاعتماد على رد فعل السوق فقد أكد أداء معظم فئات الأصول التفسير القائل بأن خيبة الأمل في الوظائف الكبيرة كانت انحرافاً مؤقتاً. ومع ذلك فإن إشارات السوق هذه نفسها مشوهة بشدة، بسبب التدخل الهائل والمتزايد من جانب الاحتياطي الفيدرالي بشكل مباشر في تسعير مجموعة واسعة من الأصول.

ويزيد من صعوبة الوصول إلى تفسير واضح تفكير الاحتياطي الفيدرالي في خفض مشترياته الشهرية من الأصول البالغة قيمتها 120 مليار دولار بشكل تدريجي.

زيادة انقسام الاحتياطي الفيدرالي

وبدلاً من أن يوضح تقرير الوظائف الصادر أمس الجمعة الموقف، زاد من الضبابية حول المؤشرات الخاصة باتخاذ قرار بموجب السياسة النقدية الجديدة لمجلس الاحتياطي الفيدرالي، الذي دائماً ما ينظر إلى الخلف لأنه يعتمد على النتائج لا التوقعات.

في الواقع، سوف تتسبب البيانات في زيادة الانقسام بين محافظي البنوك المركزية داخل الاحتياطي الفيدرالي.

يمكنني القول إن المشكلات الخاصة بتركيبة عضوية "اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة" تشير إلى أن تقرير التوظيف الصادر أمس قد يؤدي إلى تراجع التوقعات بشأن الإعلان عن التناقص التدريجي في مشتريات الأصول من سبتمبر إلى ديسمبر.

في المقابل، سيؤدي هذا إلى تأخير بدء التناقص التدريجي الفعلي من العام الحالي حتى عام 2022، مما يوفر للأسواق المالية مساراً أطول لدعم السيولة الهائلة.

يمكن تغيير ذلك الجدول الزمني مع صدور بيانات جديدة خلال تلك الفترة، ما لم يستبق الاحتياطي الفيدرالي ذلك ويتخذ قراراً يكشف فيه عن التوجه الجديد، يراعي فيه التوازن بين المخاطر والفرص المستقبلية. وهي خطوة من شأنها أن تستدعي بدء التناقص التدريجي في سبتمبر، التي تقل احتمالات لجوء الاحتياطي الفيدرالي إليها في الوقت الحالي.

اضغط هنا لقراءة المقال الأصلي
هذا المقال لا يعكس موقف أو رأي "الشرق للأخبار"وهو منشور نقلا عن Bloomberg Mediaولا يعكس بالضرورة آراء مجلس تحرير Bloomberg أو ملاكها
تصنيفات

قصص قد تهمك

الآراء الأكثر قراءة