قفز معدل التضخم في منطقة اليورو خلال أغسطس إلى أعلى مستوى له خلال 10 سنوات، ما يمثل اختباراً لإصرار صانعي السياسة على أن الارتفاع المفاجئ في ضغوط التكلفة بعد الأزمة مؤقت.
ارتفعت أسعار المستهلك بنسبة 3%، متجاوزة توقعات جميع الاقتصاديين البالغ عددهم 37 في استطلاع أجرته بلومبرغ.
بلغ مقياس التضخم الأساسي الذي يستبعد السلع المتقلبة مثل الطاقة والغذاء 1.6%، وهو أعلى مستوى منذ عام 2012.
وفي حين يؤدي ضغط العرض عالمياً إلى ارتفاع التكاليف، فإن ارتفاع الأسعار في المنطقة مدفوع أيضاً بعوامل لمرة واحدة مثل انخفاض سنة الأساس. وبالنظر إلى القفزة على أنها مؤقتة، فإن البنك المركزي الأوروبي يتجه لإبقاء السياسة النقدية أكثر مرونة من نظرائه مثل الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، الذي يتوقع أن يخفض التحفيز تدريجياً قريباً.
مع ذلك، قد يستمر نمو الأسعار في منطقة اليورو في التسارع حالياً. ويبلغ معدل التضخم المستورد في ألمانيا، أكبر اقتصاد في المنطقة، 15%.
ويخطط تجار التجزئة في جميع أنحاء منطقة اليورو التي تضم 19 دولة لزيادة الأسعار في الأشهر الثلاثة المقبلة، وقد تهيأ المستهلكون بالفعل، قائلين إنه من غير المرجح أن يقوموا بعمليات شراء كبيرة في العام المقبل.
مستويات مرتفعة في فرنسا وإيطاليا
أظهر تقرير منفصل اليوم الثلاثاء أن معدل التضخم في فرنسا قفز في أغسطس بأكبر قدر خلال نحو 20 عاماً إلى 2.4%، وهو أعلى مستوى منذ 2018. في الوقت نفسه، وصلت وتيرة نمو الأسعار في إيطاليا إلى 2.6%، وهي الأسرع منذ عام 2012، وتزيد بمقدار نقطة فوق أوسط توقعات الاقتصاديين.
وسّعت السندات الألمانية خسائرها بعد صدور بيانات منطقة اليورو، حيث ارتفع العائد على سندات 10 سنوات نقطتين أساس عند (0.42%-).
على الرغم من نمو الأسعار فوق مستوى 2% الذي يهدف البنك المركزي الأوروبي إلى تحقيقه على المدى المتوسط، يصر المسؤولون بقيادة الرئيسة كريستين لاغارد على أنه سيتباطأ مرة أخرى في العام المقبل.
قال محافظ البنك المركزي الفرنسي فرانسوا فيليروي دي غالو، أمس الإثنين إنه لا يرى خطر أن يتوسع الاقتصاد بمعدل لا يمكن تحمله (محموم) في منطقة اليورو.
أدى التخفيض المؤقت لضريبة المبيعات في ألمانيا خلال النصف الثاني من العام الماضي إلى رفع قراءات معدلات التضخم في الوقت الحالي، حيث يتوقع البنك المركزي في البلاد معدلات تصل إلى 5% في نهاية عام 2021.
ألمانيا تواجه ضغوطاً متزايدة بسبب زيادة الصادرات الصينية إلى أوروبا
ارتفع معدل التضخم في أغسطس بفضل توقيت مبيعات الصيف، التي تأخرت العام الماضي بسبب القيود المصاحبة لمكافحة الوباء. وستمثل البيانات تحدياً أمام مجلس إدارة البنك المركزي الأوروبي عندما يجتمع الأسبوع المقبل ويصدر توقعات اقتصادية جديدة.
وفي حين أن الأسعار تتسارع، أصبحت التوقعات أكثر غموضاً في الأسابيع الأخيرة، مع ارتفاع الإصابات بفيروس كورونا مرة أخرى وتباطؤ معدل التطعيم، مما يزيد من خطر فرض قيود جديدة.
على الرغم من هذه التهديدات، فقد يحتاج المسؤولون إلى مراجعة توقعاتهم للتضخم في 2021، بحسب" أر بي سي كابيتال" يوم الثلاثاء قبل إصدار البيانات.
وكتب اقتصاديو الشركة، بينهم كاثال كينيدي في تقرير: "بشكل عام، تبدو التوقعات على المدى القريب للتضخم أكثر ثباتاً مما كان متوقعاً من جانب البنك المركزي الأوروبي.. الجولة التالية من توقعات البنك المركزي الأوروبي، المقررة في اجتماعه يوم 9 سبتمبر، من المرجح أن تشهد تحديثات لتوقعاته على المدى القريب".