ستسعى الحكومة البريطانية لمقاومة جذب الولايات المتحدة في عهد دونالد ترمب لقطاع العملات المشفرة، عبر وضع خطط لتنظيم القطاع في الشهر الجاري، في محاولة منها لطمأنة الشركات على فرصها في المملكة المتحدة.
تخطط وزارة الخزانة لإعداد قانونين بشأن العملات المستقرة، وهي العملات المشفرة التي يرتبط سعرها بقيمة أصل أقل تقلباً مثل الدولار الأميركي، والموافقة على طلب العاملين باستثناء ما يطلق عليها اسم "خدمات التحصيص" من اللوائح التنظيمية المالية الحالية، بحسب أشخاص مطلعين على الأمر.
يأتي القرار بالمضي قدماً في تنظيم العملات المشفرة بعد أن أعطى فوز ترمب بالانتخابات الأميركية، الذي احتفى به القطاع، دفعة كبيرة للأصول الرقمية، بما فيها "بتكوين". ويتمثل الخطر على المملكة المتحدة في أن تسعى الشركات الناشئة في القطاع إلى الانتقال لدول أخرى مثل الولايات المتحدة، حيث تكون القوانين أكثر وضوحاً أو دعماً.
تعهد ترمب بتحويل الولايات المتحدة إلى عاصمة العملات المشفرة في العالم، وإقالة رئيس لجنة الأوراق المالية والبورصات الأميركية غاري غنسلر، وبناء احتياطي حكومي من "بتكوين"، وضمان تعدين كل عملات "بتكوين" في المستقبل بالولايات المتحدة.
إعادة تصنيف عملية "التحصيص"
كان يُتوقع إصدار القوانين من قبل حكومة حزب المحافظين التي قادها رئيس الوزراء السابق ريشي سوناك خلال فصل الصيف، في إطار تعهده عام 2022 بجذب شركات الأصول الرقمية، وتحويل المملكة المتحدة إلى مركز عالمي للعملات المشفرة، لكن قراره الدعوة إلى انتخابات عامة في يوليو الماضي، التي خسرها الحزب، أرجأ الموعد المحدد، بينما أجّلت حكومة حزب العمال برئاسة كير ستارمر الخطة.
سيفسح التشريع بشأن العملات المستقرة المجال أمام هيئة السلوك المالية للتشاور مع القطاع حول القوانين، فيما يتُوقع أن تحصل عملية التحصيص، التي يخزن فيها المستثمرون العملات المشفرة لدعم استمرار عمل سلسلة الكتل (بلوكتشين) مقابل عائد ضئيل، على تصنيف جديد يتجنب اعتبارها كبرنامج استثمار جماعي، وما يصاحب ذلك من التدقيق الإضافي.
ويعتبر القطاع عملية التحصيص تقديماً لخدمات تقنية، وليس إدارة مباشرة للأصول، وهي الصفة التي يشير إليها التصنيف على أنها برنامج استثمار جماعي.
خارطة طريق منتظرة
رفض المتحدث باسم وزارة الخزانة البريطانية التعليق، فيما أطلع متحدث باسم الجهة التنظيمية "بلومبرغ" على أن هيئة السلوك المالي تعتزم إصدار خارطة طريق لخططها في تنظيم قطاع العملات المشفرة قريباً.
يُرجح أن تحتوي الخارطة على جدول زمني ستنشر بمقتضاه هيئة السلوك المالي ورقة التشاور بشأن العملات المشفرة في مطلع العام المقبل، يتبعه نهج تدريجي في تنظيم المجالات الأخرى في القطاع.
ستطلع الحكومة القطاع على التقدم المحرز في المسار التجريبي للأوراق المالية الرقمية، وهو عبارة عن بيئة حية لتجربة "بلوكتشين" تشترك في إدارتها هيئة السلوك المالي وبنك إنجلترا، بحسب الأشخاص المطلعين.
فرصة حقيقية
أدى عدم الحراك التشريعي في المملكة المتحدة إلى قلق شركات العملات المشفرة من تخصيص الموارد لبريطانيا، بحسب ما كشفه تنفيذيون وجماعات ضغط لـ"بلومبرغ"، بالأخص مع توقع دخول لائحة أسواق الأصول المشفرة (MiCA) واسعة النطاق التي أصدرها الاتحاد الأوروبي حيز التنفيذ الكامل بنهاية العام الجاري.
قالت لورا نافاراتنام، مديرة السياسة البريطانية في مجلس العملات المشفرة للابتكار، إنه "أمام المملكة المتحدة فرصة حقيقية للاستفادة من ميزة المبادر الثاني، لكن هذه المكاسب لن تتحقق إلا إذا تحركت الحكومة. نحن متأخرون قليلاً عما سعت إليه وزارة الخزانة والجهات التنظيمية في الواقع".
قالت وزارة الخزانة البريطانية العام الماضي إنها ستوفر وضوحاً أكبر بشأن مجالات بعينها في قطاع العملات المشفرة في وقت ما خلال 2024، وجاء هذا التعهد بعد تشاور سابق من الحكومة بشأن العملات المستقرة المدعومة بعملات، إلى جانب إصدار قانون الخدمات والأسواق المالية في يونيو 2023.