ترمب تعهّد بإقالة رئيس لجنة الأوراق المالية والبورصات الأميركية غاري غينسلر في أول يوم لولايته الثانية

تراجع كبير مرتقب في تطبيق تشريعات العملات المشفرة تحت إدارة ترمب

غاري غينسلر، رئيس لجنة الأوراق المالية والبورصات الأميركية - بلومبرغ
غاري غينسلر، رئيس لجنة الأوراق المالية والبورصات الأميركية - بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

ضخّت صناعة العملات المشفرة ملايين الدولارات في سباق الانتخابات الرئاسية والكونغرس، لكن أبرز انتصاراتها الانتخابية قد يكون رحيل رئيس لجنة الأوراق المالية والبورصات الأميركية، غاري غينسلر.

قاد غينسلر، وهو المصرفي السابق في "غولدمان ساكس"، أقوى حملة تنظيمية ضد صناعة الأصول الرقمية، حيث رفع عشرات القضايا ضد شركات ومتداولي هذه العملات، بما في ذلك شركات مالية عملاقة مثل "كوين بيس غلوبال" (Coinbase Global) وشركة التداول الخاصة "دي آر دبليو هولدينغز" (DRW Holdings).

فوز الرئيس دونالد ترمب الحاسم يكاد يضمن تراجعاً في تطبيق التشريعات ذات الصلة بالعملات الرقمية بمجرد توليه منصبه. ففي يوليو، وأثناء مشاركته في مؤتمر للبتكوين في ناشفيل تعهّد ترمب بإقالة غينسلر في أول يوم من ولايته الثانية.

كثيراً ما تتباهى لجنة الأوراق المالية والبورصات بنجاحها في تطبيق أحكام قضائية تتوافق مع رؤيتها بأن قوانين الأوراق المالية القديمة تنطبق على فئة الأصول الرقمية الناشئة.

كما فرضت اللجنة غرامات كبيرة على بعض أكبر الأسماء في هذا القطاع، حيث أصدرت غرامة ضخمة بلغت 4.5 مليار دولار بحق "تيرا فورم لابز" (Terraform Labs) لإصدارها عملة مستقرة، ومؤسسها دو كوان في أبريل. لم تصدر اللجنة تقريرها السنوي حول إجراءات التنفيذ للسنة المالية 2024 بعد، لكن في العام السابق رفعت اللجنة 46 قضية من هذا النوع، بزيادة تجاوزت 50% عن العام السابق، بحسب تقرير صادر عن شركة "كورنرستون ريسيرتش" (Cornerstone Research).

قضايا احتيال سابقة

قال جيه. دبليو. فيريت، أستاذ القانون في كلية "أنطونين سكاليا" بجامعة جورج ميسون: "بعض قضايا العملات الرقمية كانت قضايا احتيال حقيقية، وآمل أن تستمر، وآمل أن يُرفع المزيد منها"، مضيفاً: "لكن العديد من القضايا الأخرى كانت مجرد مشاكل تسجيل عندما يكون التسجيل مستحيلاً".

من المتوقع أن يدفع الرئيس القادم للجنة نحو تشريعات جديدة تعدل قوانين الأوراق المالية القائمة، أو تمكّن شركات الأصول الرقمية من الامتثال للقوانين التي طالما انتقد غينسلر تجاهلها، مما سيسهم أيضاً في تقييد الإجراءات التنفيذية.

الآن، يتوقع أن يكون للتشريع المتوافق عليه من الحزبين الذي يدعم هذا الهدف أقوى فرصة، خاصة مع سيطرة الجمهوريين على مجلس الشيوخ.

قال جاك إنغليس، الرئيس التنفيذي لجمعية إدارة الاستثمارات البديلة (AIMA)، وهي مجموعة تجارية مقرها لندن تمثل صناديق التحوط وشركات الملكية الخاصة: "نتوقع أن تكون مقاربة إدارة ترمب والكونغرس الجديد تجاه تنظيم العملات الرقمية أكثر إيجابية"، مضيفاً أن السياسات المستقبلية ستعترف بالحاجة إلى إدماج العملات الرقمية في إطار الخدمات المالية الأوسع، مع مراعاة الاختلافات التكنولوجية عن التمويل التقليدي.

لماذا تقاضي اللجنة العملات المشفرة؟

تركّزت قضايا لجنة الأوراق المالية والبورصات ضد شركات العملات الرقمية حول ما إذا كانت منتجاتها تتوافق مع تعريف الأوراق المالية القديم الذي وُضع في حكم المحكمة العليا الأميركية في قضية لجنة الأوراق المالية والبورصات ضد شركة "هاوي" (W.J. Howey). يقول وليام ماكلوكاس، المدير السابق لتنفيذ القوانين في اللجنة وشريك في شركة "ويلمر هيل" (WilmerHale)، إن هذا النهج لم يكن مثمراً.

أضاف خلال مؤتمر حول إنفاذ قوانين الأوراق المالية في واشنطن: "لا يمكن أن يكون هذا هو الحل، فسواء أحببت العملات الرقمية أم لا، فإنها لن تختفي". وأردف قائلاً: "القضايا التي تم رفعها تبقى كما هي، لكن اللجنة تواصل رفع قضايا جديدة، وما زلنا نرى منتجات جديدة للعملات الرقمية".

تغيّر القوة السياسية يصب في مصلحة "كوين بيس" في المحكمة، حسبما يرى إليوت ستاين، محلل أول الشؤون القضائية في "بلومبرغ إنتليجنس". إذا وصلت القضية إلى المحكمة العليا الأميركية، فقد يؤدي ذلك إلى تضييق "اختبار هاوي".

كتب ستاين في مذكرة يوم الخميس: "كنا نمنح كوين بيس فرصة بنسبة 60% للفوز في القضية، لكننا الآن نعتقد أن احتمال انتصارها يصل إلى 80%، حيث نتوقع أن تتبع لجنة الأوراق المالية نهجاً أكثر اتساماً بالود تجاه العملات الرقمية في ولاية ترمب الثانية".

شكّلت الأصول الرقمية محور 18% من البلاغات والشكاوى والإحالات التنفيذية في اللجنة خلال السنة المالية 2024، حسبما ذكر مفتش اللجنة العام في تقرير حديث. تلقى مكتب توعية وحماية المستثمرين التابع للجنة ما يقرب من 6 آلاف شكوى حول هذا الموضوع، وهو ما يتجاوز ضعف أي نوع آخر من الشكاوى، حسب التقرير.

رحيل غينسلر

رغم تعهّد ترمب بإقالة غينسلر فوراً، قد يعتمد الأمر على ما إذا كان رئيس اللجنة سيستقيل قبل يوم التنصيب. بعض من أشد منتقدي غينسلر في القطاع المالي يدعون بالفعل لاستقالته الفورية.

قال كريس ياكوفلا، الرئيس التنفيذي لجمعية الأوراق المالية الأميركية، التي تمثل الوسطاء الإقليميين وشركات الخدمات المالية الأخرى: "صوّت الشعب الليلة الماضية لصالح تغيير مسار البلاد، ويجب على الرئيس غينسلر احترام هذا التصويت بالاستقالة فوراً".

إذا التزم غينسلر بتقاليد واشنطن واستقال، فسيترك اللجنة منقسمة بنسبة 2-2 على أسس حزبية إلى حين تأكيد تعيين رئيس جديد، ما سيعطل المزيد من الإجراءات التنفيذية الصارمة، خاصة مع استمرار هيستر بيرس، المعروفة بلقب "أم العملات المشفرة"، كمفوضة.

قال أحد التنفيذيين في صناعة العملات الرقمية، الذي طلب عدم الكشف عن هويته، إنهم يتوقعون أن يسعى غينسلر لرفع قضايا ضد شركات مثل "يوني سواب" و"أوبن سي" التي تلقت بالفعل إشعارات "ويلز"، وهو إجراء تنفيذي لإخطار الشركة بأنها قيد التحقيق من قبل اللجنة.

لكن قد يتم تأجيل قضايا أخرى. أشار مسؤول الصناعة إلى أن موظفي اللجنة الذين يدركون أن الرئيس المقبل، خاصة إذا كان يدعم تعهد ترمب بتقليص حجم الحكومة الفيدرالية، قد ينظرون نظرة سلبية إلى الموظفين الذين يتخذون إجراءات صارمة في الأشهر التي تسبق تغيير القيادة والسياسة.

رفضت لجنة الأوراق المالية والبورصات التعليق على الأمر.

اضغط هنا لقراءة المقال الأصلي
تصنيفات

قصص قد تهمك