تتجه روسيا نحو تنظيم استخدام العملات المشفرة، في ظل مواجهة الشركات صعوبات متزايدة في المدفوعات الخارجية بفعل العقوبات الأميركية المفروضة بسبب الحرب في أوكرانيا.
يعتزم المشرعون في مجلس النواب الروسي "الدوما" النظر في مشروع قانون العملات المشفرة في القراءتين الثانية والثالثة اليوم الثلاثاء، بالإضافة إلى تشريع منفصل ينظم تعدين العملات المشفرة.
يُتوقع أيضاً أن تحظى مشاريع القوانين بموافقة سريعة من أعضاء المجلس الفيدرالي، قبل أن يوقع عليها الرئيس فلاديمير بوتين، لتدخل حيز التنفيذ في الأول من سبتمبر، وفق أناتولي أكساكوف، رئيس لجنة السوق المالية في مجلس الدوما.
قال أكساكوف في مقابلة هاتفية: "في السابق، كانت هناك مخاوف من أن تثير قوننة العملات المشفرة مشاكل لتطوير السوق المحلية". وأضاف أن العملات المشفرة ربما تساعد روسيا في تجاوز العقوبات الغربية، لكن استخدامها "ظاهرة موضوعية ولا يمكن تجاهلها" من قبل الجهات التنظيمية في الدولة.
ضغوط المدفوعات
تمثل هذه الخطوة تحولاً سريعاً في الموقف تجاه الأدوات الرقمية، وتأتي في وقت تواجه فيه الشركات الروسية ضغوطاً متزايدة في مجال المدفوعات؛ بسبب تهديدات الولايات المتحدة بفرض عقوبات ثانوية على البنوك الأجنبية. بينما يُحظر حالياً استخدام العملة الرقمية في المدفوعات الروسية، دعا بوتين الحكومة هذا الشهر إلى "عدم تفويت الفرصة" لتنظيم هذه الطريقة داخل البلاد وفي الصفقات الخارجية.
أخبر بوتين المسؤولين أن "العملات المشفرة تُستخدم بشكل متزايد في العالم كوسيلة للدفع في التسويات الدولية".
وفي يناير 2022، أي قبل أسابيع من بدء الحرب الروسية الشاملة على أوكرانيا، اقترح البنك المركزي فرض حظر شامل على استخدام وإنشاء العملات المشفرة، بحجة أنها تشكل مخاطر كبيرة على الاستقرار المالي والأمن الاقتصادي.
مع ذلك، خفف البنك من موقفه نهاية العام الماضي، مؤيداً الاستخدام التجريبي للعملات المشفرة والتعدين في التسويات العابرة للحدود، لكنه حث المؤسسات المالية في روسيا على عدم نشر خدمات تتعلق بالعملات الرقمية.
لم يرد بنك روسيا على طلب للتعليق بشأن تغيير موقفه. قال النائب الأول لمحافظ البنك المركزي فلاديمير تشيستيوخين الشهر الماضي إن بلاده يجب أن تنظر في كافة الاحتمالات لتجاوز الصعوبات في المدفوعات الدولية، بما فيها تلك "التي بدت غير شائعة بالنسبة لنا أمس".
تنظيم العملات المشفرة
بموجب التشريع، سيجري تنظيم العملات المشفرة بالطريقة نفسها للعملات الأجنبية في روسيا، بحسب أكساكوف. وقال إن الشركات العاملة في مجال العملات المشفرة والتعدين ضغطت بقوة لإقرار هذا القانون، لضمان "قدرتها على العمل ضمن الأطر القانونية العادية"، وعدم الخوف من التحقيقات الرسمية.
تُسرع السلطات في تمرير القانون على أمل أن تحسّن العملات المشفرة التحويلات العابرة للحدود، وفقاً لآني أصلانيان، المحللة التي تدير قناة "تليغرام" مخصصة للعملات المشفرة. ومع ذلك، ربما تراقب الولايات المتحدة الخدمات والشركات التي تستخدمها روسيا في محاولة لمنعها من التقدم في هذا المجال، مما يؤدي إلى بذل جهد أكبر لتجاوز العقوبات.
رجّحت أصلانيان أن يقتصر استيفاء الشروط المحددة في اللوائح التنظيمية على كبار المصدرين فقط، مما يجعل الدفع بالعملات المشفرة بمثابة "نادٍ مغلق" يستبعد الشركات الصغيرة والمتوسطة، فمثلاً ستقتصر المعاملات على أولئك الذين قاموا بتعدين العملات المشفرة بأنفسهم، وهو ما تفعله حالياً الشركات الكبرى في روسيا فقط.
وفقاً للقانون، سيكون بنك روسيا هو الجهة المنظمة لقضايا العملات المشفرة، بينما ستلعب هيئة الرقابة المالية الفيدرالية وخدمة الضرائب الفيدرالية وجهاز الأمن الفيدرالي، ووكالة إدارة الممتلكات الفيدرالية دوراً في التحكم في تداول العملات المشفرة.
وبمجرد وضع اللوائح التنظيمية، "يمكن للشركات التصرف بجرأة"، بحسب ما قاله أكساكوف.