كان معظم من استثمروا في "بتكوين" تقريباً رابحين، لفترة وجيزة. لكن مع تراجع العملة الرقمية حالياً من أعلى مستوياتها القياسية، يتساءل الجميع إلى متى سيظلون عالقين في لحظة "البيع عند الخبر" التي أعقبت ذلك.
انخفض سعر الأصل الرقمي بنسبة وصلت إلى 14% بعد أن سجل أعلى مستوى له على الإطلاق عند 69191 دولاراً للوحدة في وقتٍ مبكرٍ من يوم الثلاثاء. ومع تغير اتجاه الأسعار، صُفيت مراكز شرائية بقيمة تجاوزت 800 مليون دولار في سوق العقود الآجلة الدائمة (التي ليس لها تاريخ انتهاء محدد)، وفقاً لموقع "كوين غلاس" (Coinglass) الذي يتتبع بيانات الأصول المشفرة.
تمثل حركة الأسعار المتقلبة صعوداً وهبوطاً أحدث الأمثلة على طبيعة الانتعاش أو الأزمة التي تتسم بها "بتكوين". لقد ارتفع سعر أكبر عملة مشفرة بأكثر من 60% منذ بداية العام الحالي وسط أجواء من الإثارة والحماس ارتبطت بالموافقة على الصناديق المتداولة في البورصة الأميركية التي تستطيع أخيراً أن تتعامل مباشرة في الرموز المشفرة. وفي الدورات السابقة شهدت العملة مكاسب سنوية بنسبة تجاوزت 1000% أعقبتها سنوات تكبد فيها المستثمرون خسائر اقتربت من ثلاثة أرباع قيمتها.
وتقول عائشة كياني، الرئيسة التنفيذية للعمليات في صندوق التحوط "إم إن إن سي غروب" للعملات المشفرة: "دائماً نشهد عمليات تصفية ضخمة مع الارتفاعات القياسية الجديدة. ومن المتوقع أن تحدث بعض التعديلات في السوق".
الرهان على الصعود
مثّل الرهان على الصعود القوة الدافعة للمكاسب الأخيرة في سوق المشتقات، حيث كان المستثمرون في السابق يستطيعون الحصول على رافعة مالية (الاستدانة) تصل قيمتها إلى 100 ضعف قيمة مراكزهم الاستثمارية في منتجات مثل العقود الآجلة الدائمة. و كما يظهر من اسمها، يمكن الاحتفاظ بعقود المقايضة الدائمة إلى أجل غير مسمى.
ارتفعت المراكز الاستثمارية المفتوحة، أو إجمالي قيمة العقود القائمة، من عقود "بتكوين" الآجلة إلى رقم قياسي تجاوز 30 مليار دولار، وفقاً لما ذكره موقع "كوين غلاس".
وقال سبنسر هالارن، الرئيس العالمي للتداول خارج البورصة في شركة "جي إس آر" للاستثمار في الرموز المشفرة: "كما يتضح من معدلات التمويل الدائم والمراكز المفتوحة في مختلف بورصات الرموز المشفرة التي وصلت إلى أعلى مستوياتها في عدة سنوات، ظهرت المضاربة على الشراء مرة أخرى في مجال مشتقات الرموز المشفرة. وهو ما جعل السوق عرضة لمخاطر تسوية التزامات الرافعة المالية لهذه المراكز الاستثمارية في المدى القصير".
ومعدل التمويل هو مقياس يوضح تكلفة الاحتفاظ بمراكز استثمارية ممولة بالديون في سوق عقود المقايضة الدائمة. فعندما يكون معدل التمويل موجباً، فإن المتعاملين الذين يراهنون على ارتفاع الأسعار يدفعون لأولئك الذين يراهنون على انخفاضها حتى تبقى مراكزهم الاستثمارية مفتوحة، والعكس صحيح. على سبيل المثال، تجاوز معدل تمويل "بتكوين" على بورصة "بينانس" مستوى 100% على أساس سنوي في الأسبوع الماضي.
كتب فيتل لوندي، كبير المحللين في شركة "كيه 33 ريسيرش" (K33 Research): "ينبغي على المستثمر توخي الحذر عند استخدام الرافعة المالية في ظروف السوق الحالية؛ حيث إن الحركات الكبيرة في الأسعار ستقضي على المراكز الاستثمارية التي تفرط في الاعتماد على الرافعة المالية قبل بلوغ نقطة النهاية؛ على الرغم من احتمال أن يكون المستثمر محقاً في اختيار الاتجاه الذي يراهن عليه عند تلك النقطة".
التحول إلى أصول أخرى
قد يبدأ المضاربون الآن في الانتقال إلى عملات أصغر مثل "إيثر" أو "سولانا"، وفقاً لشيليانغ تانغ، رئيس شركة "أربيلوس ماركتس" (Arbelos Markets).
قال تانغ إن بعض المستثمرين قد يوجهون استثماراتهم إلى عملات بديلة كنوع من الاستثمار في الأصول التي تأخرت عن مواكبة السوق مع وصول هيمنة "بتكوين" إلى أعلى مستوياتها في شهر.
غير أن المستثمرين أيضاً يرون أن "بتكوين" ستستمر في الارتفاع على المدى الطويل، مدفوعة في الغالب بتوقعات استمرار تدفق الاستثمارات بوتيرة قوية في صناديق المؤشرات المتداولة للعملة المشفرة. وقد اجتذبت الصناديق التسعة التي أطلقت هذا العام استثمارات صافية بلغت حوالي 8 مليارات دولار.
هل يصل سعر بتكوين إلى 138 ألف دولار؟
في كل مرة ترتفع عملة "بتكوين" إلى مستوى قياسي جديد، تتضاعف الأسعار من أربع إلى خمس مرات في الفترة التالية، وفقاً لتصريحات ليو ميزوهارا، المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة "هاشنوت" (Hashnote) لإدارة أصول التمويل اللامركزي للمؤسسات. لكنه قال إن تلك المكاسب هذه المرة ربما لا تتجاوز ضعف السعر الحالي. واستناداً إلى تقديرات ميزوهارا، ربما يرتفع سعر "بتكوين" إلى 138 ألف دولار عند نقطة معينة.
وقال مايكل سافاي، المؤسس المشارك في شركة "ديكستيريتي كابيتال" (Dexterity Capital) للتداول الكمي: "إن الارتفاع القياسي الجديد شهادة على قصة عودة (بتكوين) الكبرى".