استقرت "بتكوين" بشكل سريع في نطاق تداول ضيق بعد وصولها إلى أعلى مستوى جديد خلال عام، لتترك المتحمسين الذين استعادوا نشاطهم يتساءلون فيما إذا كان زخمها في الأسبوع الماضي سيستمر أم لا.
العملة الرقمية الأكبر في العالم، التي تشكل نحو نصف القيمة السوقية لقطاع التشفير البالغة 1.2 تريليون دولار، ارتفعت 1.7% لتصل 30600 دولار يوم الخميس، حتى بعدما انضمت شركة "فيديليتي إنفستمنتس" (Fidelity Investments) إلى قائمة الشركات التي قدمت طلباً لترخيص صندوق متداول بالبورصة لـ"بتكوين". جرى تداول الرمز المميز في نطاق يقارب 1500 دولار منذ بلغ سعرها 31410 دولارات يوم الجمعة الماضي.
مع ذلك؛ قد تتضح أهمية تجاوز أعلى مستوياتها السابقة في يونيو الجاري في المدى الطويل، لا سيما بعد سلسلة من الفضائح والإفلاسات التي هزت قطاع التشفير في نهاية العام الماضي. تعلن تلك الخطوة نهاية السلسلة الأطول في تاريخ العملة المشفَّرة دون بلوغ مستوى جديد خلال عام في البيانات التي تعود إلى أواخر 2014، وفقاً للبيانات الصادرة عن "بيسبوك إنفستمنت غروب" (Bespoke Investment Group).
"الصعود المستمر لـ(بتكوين) والعملات المشفَّرة خلال فترة حدث فيها كل ما قد يتخيله المرء من الأمور السلبية في المجال له أهمية خاصة. فاستمرار صعودها في تلك الفترة الصعبة من الثقة؛ يشجع على التفكير فيما سيحدث إذا حدثت سلسلة من الإعلانات الإيجابية في المجال"، بحسب ستيفان أولييت، الرئيس التنفيذي لشركة "إف آر إن تي فايننشال" (FRNT Financial Inc)، وهي منصة مؤسسية تركز على الأصول الرقمية.
بدأت "بتكوين" العام بتداولها قرب 16 ألف دولار، وتفوقت على أكبر مؤشرات الأسهم لتبدأ العام بهامش ربح كبير. اعتبر الارتفاع في قيمتها بنسبة 85% بمثابة استعراض واضح للقوة من أصلٍ ظن الكثيرون أنَّ نهايته قد دنت. يمكن أن ينُسب صعود "بتكوين" إلى حد ما إلى ارتفاع أصول خطرة أخرى، تشمل الأسهم الأميركية، إذ بدا أنَّ أغلب التشديد النقدي الذي يجريه "الاحتياطي الفيدرالي" حدث بالفعل (أي قارب المركزي الأميركي على الانتهاء من حملته لرفع أسعار الفائدة)..
قيمة "بتكوين كاش" تتضاعف في أسبوع مع عودة الرهان على العملات المشفرة
وقال أليكس كوفي، كبير المحللين الاستراتيجيين للتداول في شركة "تي دي أميريتريد" (TD Ameritrade)، في مقابلة: "نقترب من نهاية دورة (الاحتياطي الفيدرالي) للتشديد النقدي. ويُرجح أنَّ تسارع وتيرة السياسة النقدية انتهى، مما قد يُعتبر مفيداً لـ(بتكوين)".
إقبال المؤسسات المرموقة على التشفير
لكنَّ مؤيدي قطاع التشفير أيضاً تحمّسوا لفرصة إبداء مؤسسات "وول ستريت" المرموقة إشارات على تقبل المجال، إذ أثارت "بلاك روك"، أكبر شركة إدارة أصول في العالم، الضجة بعد تقديمها طلب ترخيص صندوق تداول فوري لـ"بتكوين". برغم أنَّ ذلك المنتج غير موجود حالياً في الولايات المتحدة، فاحتمال موافقة إحدى الجهات التنظيمية عليه يمثل فرصة مثيرة لمؤيدي قطاع التشفير، إذ قد يعني أنَّ السوق تفتح أبوابها لمجموعة أكبر من المستثمرين.
كتب بنديك شاي وفيتله لوندي، من شركة "كيه 33" (K33)، في مذكرة: "أُجّل تنفيذ العديد من المشروعات المؤسسية بعد انتكاسة 2022. فالإعلانات المؤخرة تشير إلى أنَّ مؤسسات كبرى شهيرة ترحب بتقديم خدمات قطاع التشفير، مما يغير الخطر المتوقَّع من المشاركة في أسواق العملات المشفَّرة من المستثمرين المؤسسيين الآخرين وتكتلات الشركات المالية". وأشارا إلى أنَّ ارتفاع علاوة عقود "بتكوين" المستقبلية في بورصة شيكاغو التجارية إلى أعلى مستوياتها في 20 شهراً، وأنَّ إجمالي العقود المستقبلية المفتوحة المقوّمة بـ"بتكوين" في بورصة شيكاغو التجارية التي تقترب من أعلى ذروة مسجلة لها؛ بمثابة دليل على الانخراط المؤسسي.
"إيثريوم" تتخلف عن مواكبة صعود "بتكوين" وسط غموض تنظيمي للعملات المشفرة
بالطبع؛ لم يحصل أي صندوق تداول فوري لـ"بتكوين" على الضوء الأخضر من الجهات التنظيمية الأميركية، كما أنَّ الموافقة على أحدها هذه المرة ليس مؤكداً.
بينما أرجع المراقبون الفضل في ارتفاع سعر "بتكوين" إلى أعلى مستوى خلال عام في الأسبوع الماضي إلى طلب "بلاك روك"، فردة فعل السوق على تقديم "فيديليتي" الطلب مجدداً كانت محدودة بحد ما يوم الخميس.
كما حفّزت قوة الرمز المميّز مؤخراً بعض المستثمرين على العودة، بحسب "كيه 33". برغم الانخفاض الكبير في حجم التداولات عن أعلى المستويات السابقة؛ لكنَّها قفزت في الأيام الماضية، وهو تطور إيجابي لقطاع عانى من هروب جماعي للمشاركين بعد الانهيارات العديدة في العام الماضي.
وقالت كارا ميرفي، كبيرة مسؤولي الاستثمار في "كسترا إنفستمنت مانجمنت" (Kestra Investment Management) إنَّها تعتبر "الأمر بمثابة مؤشر للسوق عن تقبل المخاطرة أو العزوف عنها. فعندما يوجد فائض من المال يتحرك بلا هوادة داخل المنظومة بحثاً عن رهانات عالية المخاطر في السوق، يميل أداء (بتكوين) للتحسن. عندما يعزف الناس عن المخاطرة؛ يكون المال أكثر ندرة. إنَّها مضاربة مكلفة للغاية على بيئة الاقتصاد الكلي".