ربما تكون عملة "بتكوين" هي الاسم الأشهر في قطاع التشفير، لكنَّ أكبر منافسيها، "إيثريوم"، سيطرت على جزء أكبر من الابتكارات الحديثة في الأصول الرقمية، سواء كانت رموزاً غير قابلة للاستبدال (NFTs)، أو تطبيقات المعاملات المالية غير المركزية. والسبب في ذلك هو اعتبار البرنامج الأساسي لـ"إيثريوم" أكثر مرونة وقدرة على التعامل مع الزيادات الكبيرة في النشاط دون التعطل أو المعاناة من البطء. وأدركت "بتكوين" أنَّها تشهد حالياً أحدث موجات الهوس في المضاربة على إحدى عملات الميم التي تدعى "بيبي" (Pepe)، وتتخذ من الضفدع شعاراً، مما عرّض التقنية الأساسية لشبكة العملة المشفَّرة الأكبر في العالم إلى ضغط شديد.
1) ما هي عملات الميم؟
هي رموز رقمية مميزة تحمل شعاراً مصوراً على شكل شخصية أو على هيئة حيوان متحرك في الغالب، وقد تشتهر بسرعة وترتفع قيمتها بشكل كبير. وبرغم قلة الاستفادة منها عملياً، لكنْ بإمكانها جذب مجموعة كبيرة من المتابعين الذين يخزنونها أو يتداولونها. (يُشتق اسم عملات الميم مما يطلق عليه "أسهم الميم"، مثل أسهم "غيم ستوب" (Gamestop)، التي أقبل عليها المتداولون الأفراد خلال الجائحة، وارتفعت تقييماتها إلى مستويات فلكية، بسبب الاهتمام الكبير بها على وسائل التواصل الاجتماعي).
هناك المئات من عملات الميم، بعضها لا قيمة له تقريباً، وبعضها الآخر تبلغ قيمته السوقية 100 مليون دولار أو أكثر. وغالباً ما يتهافت المستثمرون على عملة "ميم" حديثة السك عند بدء تداولها على البورصات الرقمية، مثل "كوين بيس" أو "روبن هود" (Robinhood). ويحتشد آخرون سعياً لشرائها خوفاً من تفويت الفرصة. وصعد نجم إحدى عملات "الميم" الشهيرة وهي "دوج كوين"، عندما غرّد إيلون ماسك بعدد من التغريدات التي تشير إليها، مما ألهم ظهور عدد من عملات الميم الأخرى التي تحمل شعارات لصور كلاب مثل "شيبا إينو".
2) ماذا حدث هذه المرة؟
صدر أكثر من 420 تريليون عملة "ميم" تحمل شعار الضفدع -والمعروفة باسم "بيبي"- في نحو شهر وبضعة أيام.
حصلت العملة على دعاية هائلة عبر موقع "تويتر" قبل وبعد إصدارها في أبريل الماضي، وقفزت قيمتها السوقية إلى أكثر من تريليون دولار في مايو، قبل أن ينعكس مسارها وتتدهور أكثر من 60% في الأيام التالية، وفقاً لموقع "كوين ماركت كاب" (CoinMarketCap) لتتبّع البيانات.
3) التقلبات معتادة في عملات الميم، فما هو الجديد إذاً؟
تصدر غالبية عملات "الميم"، وتتداول على بلوكتشين "إيثريوم". و"بيبي" واحدة من عملات عديدة لم تُسك على "إيثريوم" فقط؛ بل على نظام "بتكوين" أيضاً، باستخدام ما يعرف باسم "بروتوكول الأرقام الترتيبية" (Ordinals protocol).
بعد إطلاق هذا البروتوكول في يناير؛ فإنَّه شكل طبقة جديدة على رأس سجلات "بتكوين" الرقمية (بلوكتشين بتكوين)، مما يسمح للمستخدمين بإضافة بيانات، مثل رقم مسلسل أو صورة إلى "ساتوشي" (Satoshi)، وهو أقل فئة لـ"بتكوين"، ليتيح للناس إنشاء رموز غير قابلة للاستبدال على "بتكوين".
بعدها، اكتشف شخص ما طريقة لاستخدام البروتوكول لسك الرموز المميزة "القابلة للاستبدال"، مما يعني إمكانية سك غيرها بالمواصفات ذاتها، ونشرها على شبكة "بتكوين". وبعد معرفة ذلك؛ اندلع الهوس بسك عملات الميم على شبكة "بتكوين".
4) ما أهمية ذلك؟
عادةً ما يستاء مجتمع "بتكوين" من السماح بإجراء تلك التجارب على الرموز المبرمجة على "البلوكتشين" الخاصة به خوفاً من الضغط على الشبكة، لذلك؛ قد تكون هذه الخطوة غير محسوبة العواقب إلى حد كبير. كما أنَّها تأتي في وقت حساس لأكبر علامة تجارية في عالم التشفير، وسط استعداد "بتكوين" لتضييق الخناق التنظيمي عليها بعدما أطاحت انتكاسة السوق في 2022 بعدد من أكبر الأسماء في القطاع.
5) من الرابحون/ الخاسرون من هذا الأمر؟
أدى الهوس بعملة "الميم" إلى ارتفاع رسوم معاملات بلوكتشين "بتكوين" إلى أعلى مستوياتها في عامين تقريباً، مما أدى إلى ظهور طلب كبير ومفاجئ على "شركات تعدين العملات المشفَّرة" التي تُصدر "بتكوين" جديدة عبر حل مجموعة من الألغاز الرياضية المعقدة باستخدام مجموعة من الحواسيب عالية الأداء. لكن إذا أدت عملات "الميم" والابتكارات المشابهة لزيادة النشاط على شبكة "بتكوين"؛ فقد يؤدي ذلك إلى زيادة هائلة في تكلفة استخدامها، مما يضعف جاذبيتها باعتبارها بديلاً افتراضياً للعملات التقليدية، وهذا هو الغرض الأساسي منها.