تحقق هيئة الأوراق المالية والبورصات في الولايات المتحدة مع صانعي الرموز غير القابلة للاستبدال، وبورصات المنتجات المشفَّرة التي يجري تداول تلك الرموز فيها، في مسعى لتقييم التزام أو مخالفة بعض هذه الأصول للقواعد التنظيمية، بحسب تصريحات مصادر مطلعة.
قالت المصادر، إنَّ التحقيق يتركز على مسألة استغلال بعض الرموز غير القابلة للاستبدال، وهي أصول رقمية تستخدم لتوثيق ملكية أشياء، مثل: لوحة فنية، أو تذكارات رياضية، في جمع الأموال، مثل الأوراق المالية التقليدية.
على مدى الأشهر الماضية؛ أرسل المحققون في وحدة تنفيذ القانون التابعة لهيئة الأوراق المالية والبورصات خطابات استدعاء تطلب معلومات حول طرح وعروض الرموز غير القابلة للاستبدال.
يعتبر هذا التحقيق أحدث محاولة تقوم بها الهيئة في عهد "غاري غنسلر"، حتى تطمئن إلى التزام سوق الرموز المشفَّرة بالقواعد التنظيمية.
في فبراير الماضي، فرضت الإدارات التنظيمية في الهيئة والولايات غرامة قياسية قيمتها 100 مليون دولار ضد منصة "بلوك-فاي" (BlockFi)، وهي بورصة شهيرة لتداول العملة الافتراضية، بسبب إخفاقها في تسجيل منتجات تقدّم للعملاء أسعار فائدة مرتفعة مقابل إقراض الرموز المشفَّرة التي يمتلكونها.
تسعى الهيئة، في إطار التحقيق، إلى جمع معلومات حول ما تسمى الرموز الجزئية غير القابلة للاستبدال، التي تتضمن تجزئة هذه الأصول إلى وحدات يسهل بيعها وشراؤها، وفقاً للمصادر التي طلبت عدم ذكر أسمائها لأنَّ هذه التحقيقات لم يعلن عنها بعد.
رفضت هيئة الأوراق المالية والبورصات التعقيب. والجدير الذكر أنَّ طلب الجهة الرقابية لمعلومات لا يترتب عليه بالضرورة اتخاذ إجراءات تنفيذية.
عقود ذكية
حققت سوق الرموز غير القابلة للاستبدال نمواً صاروخياً في العام الماضي، جاذبة الانتباه إليها بسبب مبيعات بلغت قيمتها ملايين الدولارات، وأقبل على شرائها المشاهير، ومنهم من تصورهم بعض هذه الرموز.
علاوة على كونها نماذج تمثل مقتنيات مادية؛ يروّج مؤيدو هذه الرموز لقيمتها باعتبارها شهادات توثيق رقمية لا يمكن استنساخها.
طُرحت رموز مشفَّرة تبلغ قيمتها نحو 44 مليار دولار في صورة عقود ذكية على شبكة بلوك-تشين "إثيريوم" (Ethereum) مرتبطة برموز غير قابلة للاستبدال خلال عام 2021، ارتفاعاً من 106 مليون دولار في العام الأسبق، وفق بيانات منصة "تشيناليسيس" (Chainalysis).
مع رواج هذه السوق؛ اتخذت بعض منصات تداول الرموز غير القابلة للاستبدال خطوات تهدف إلى إزالة أي مشاريع قد تضعها في مرمى نيران الأجهزة الرقابية، مثل تلك التي تعرض تقديم عائدات لحقوق الملكية، أو التي تتضمن جمع تمويل لإحدى الشركات.
تتعلق المسألة القانونية المهمة بتحديد ما إذا كانت الأصول الرقمية- ومنها الرموز غير القابلة للاستبدال- أوراقاً مالية، وبالتالي؛ تخضع لنفس القواعد المنظمة لتداول الأسهم.
وفي حين أعلنت هيئة الأوراق المالية والبورصات أنَّ كثيراً من الرموز الرقمية تقع ضمن اختصاصها، يرى بعض المتحمسين للرموز المشفَّرة أنَّ اللوائح والقواعد التي تهدف إلى مراقبة أسواق الأسهم لا ينبغي تطبيقها على العملات الافتراضية.
تطبق هيئة الأوراق المالية والبورصات اختباراً يسمى "اختبار هاوي" (Howey)، الذي يعود إلى قرار للمحكمة العليا صدر في عام 1946، حتى تقرر أنَّ شيئاً ما يعد ورقة مالية. وبمقتضى هذا الاختبار؛ يقع أي أصل، بوجه عام، ضمن اختصاص الهيئة عندما يتضمن ضخ المستثمرين لأموالٍ بهدف تمويل شركة هادفين إلى تحقيق ربح من وراء جهود قيادة المؤسسة.
وفيما يتعلق بالرموز غير القابلة للاستبدال؛ أعلن أكثر المفوضين ميلاً إلى صناعة التشفير بالهيئة "هيستر بيرس" احتمال انطباق هذا المعيار على بعض تلك الرموز.
في ديسمبر الماضي، قال بيرس، الذي ينتمي إلى الحزب الجمهوري، في مقابلة مع برنامج "فيرست موفر" (First Mover) على تلفزيون "كوين-دسك" (CoinDesk): "في ضوء اتساع مجال وأنواع الرموز غير القابلة للاستبدال؛ قد تقع بعض هذه الرموز ضمن اختصاصنا، وينبغي على المعنيين بالأمر أن يدرسوا الاحتمالات التي قد تجعل الرموز غير القابلة للاستبدال تصطدم بنظام الرقابة على الأوراق المالية".