أرسلت الصين إشارةً تعدُّ الأقوى حتى الآن حول جدّيتها في السعي لحلِّ عقدة طال أمدها مع الولايات المتحدة بشأن الوصول إلى دفاتر شركاتها.
فقد أصدر "مجلس الدولة"، وهو أعلى هيئة حكومية في الصين يوم الإثنين مبادئ توجيهية قال، إنَّها ستعزز التعاون المحاسبي عبر الحدود، في حين تحافظ أيضاً على أمن البيانات. أتى ذلك بعد بيان أصدرته جهة تنظيم الأمن القومي في البلاد التي قالت، إنَّها ستعمل على تعزيز أحوال التعاون مع الولايات المتحدة بشأن عمليات تدقيق الشركات خلال النصف الثاني من العام.
يمثِّل الوصول إلى دفاتر تدقيق بعض الشركات الصينية الأكثر حساسية محور خلاف قديم بين الولايات المتحدة والصين. تحرَّكت الولايات المتحدة لشطب بعض الشركات الصينية المتداولة في بورصة نيويورك، كما أصدرت قانوناً في ديسمبر الماضي يهدِّد باتخاذ إجراءات إضافية ما لم تتح لها الدفاتر.
أشار مسؤولون في بكين في وقت سابق إلى تقديم تنازلات للولايات المتحدة، ولكنَّهم تمنَّعوا عن منح مدخل كامل لتقارير ودفاتر مدققي الحسابات. أثَّر النزاع لسنوات على العلاقات التي تدهورت منذ 2017 بعد فشل عمليات تفتيش تجريبية مشتركة قامت بها الجهات التنظيمية الصينية والأمريكية في التوصُّل إلى اتفاق.
إدراجات هونغ كونغ
تعدُّ الصين الدولة الوحيدة التي لم تصل إلى اتفاق تعاون كامل مع مجلس الرقابة على محاسبة الشركات العامة الأمريكية. كانت هونغ كونغ هي المكان الوحيد الحاصل على هذا الحق، وأصبحت وجهةً للعديد من الشركات الصينية التي تسعى إلى إدراج ثانٍ كإجراء احترازي في ظلِّ التهديد بشطبها في نيويورك.
اتخذت "لجنة الأوراق المالية والبورصات" خطوات أوَّلية لتنفيذ القانون في مارس، إذ يقضي التشريع بشطب أيِّ شركة لا تسمح لمدَّة 3 سنوات بفحص تدقيقها المحاسبي من بورصتي "نيويورك"، أو "ناسداك".
"علي بابا"، و"بايدو" هما من الشركات الصينية المدرجة في الولايات المتحدة التي
لاتمتثل شركات تدقيقها للمطلب.
يرتكز النزاع بين الولايات المتحدة والصين على خلفية مواجهة جيوسياسية أوسع حول التجارة والحملات القمعية التي تشنُّها بكين على شينجيانغ وهونغ كونغ، ويأتي ذلك فيما تفتح فيه الصين أسواقها المالية بشكل كامل أمام عمالقة "وول ستريت"، مثل "غولدمان ساكس" في محاولة للاعتماد عليهم في توفير استثمارات جديدة، وتعزيز صناعة محلية أكثر قدرة على المنافسة.
تعهد مجلس الدولة هذا الأسبوع بتكثيف الرقابة على شركات المحاسبة المسؤولة عن عمليات الإدراج، واتخاذ إجراءات صارمة ضد الاحتيال المالي.
متاعب شركات
يأتي ذلك بعد أيام قليلة من تدبير الحكومة خطة لإنقاذ شركة "تشاينا هوارونغ" لإدارة الأصول التي تسبَّب تأخيرها في الإعلان عن نتائجها المالية لفترة طويلة في اضطراب الأسواق المالية في آسيا. إذ كشفت الشركة الأسبوع الماضي بالتزامن مع إعلانها عن خطة الإنقاذ عن تكبُّدها خسائر سنوية عن العام 2020 بلغت 16 مليار دولار.
عانت الدولة من مشاكل في إحدى شركات التطوير العقاري الصينية، في حين ألقت حملة تشديد موسَّعة على القطاع الخاص يقودها الرئيس شي جين بينغ بظلالها على الأسواق. فَتَر الاقتصاد الصيني بعد تعافٍ سريعٍ من ركود سبَّبه الوباء العام الماضي.
دعت الجهات التنظيمية الأسبوع الماضي، بلهجة حادة نادراً ما تستخدمها، مجموعة "إيفرغراند" (Evergrande Group) الصينية لإصلاح المشاكل المتعلِّقة بديون الشركة لعدم الدخول في أزمة سيولة. كما أوقفت "هيئة الرقابة" 42 اكتتاباً عاماً أولياً في الصين وسط تحقيقات جارية مع شركة وساطة، وشركة محاماة، وأخرى للمحاسبة.
وأضاف من أجل حالة عدم اليقين؛ أرجأ "تشاينا إنترناشونال كابيتال" China) (International Capital، وهو أحد أكبر البنوك الاستثمارية في البلاد، يوم الثلاثاء إعلان أرباحه إلى 31 أغسطس بدلاً من 23 أغسطس معلناً أنَّها مازالت قيد الإعداد.