كيف يمكن للشركات صرف المكافآت وفق معايير لا يمكنها قياسها

يبدأ تحسين التنوع في الشركات بتحديد الحوافز المناسبة. سيتطلب ذلك من المستثمرين منح بعض المرونة لأعضاء مجلس الإدارة الذين يحددون رواتب المديرين التنفيذيين . - المصدر: بلومبرغ
يبدأ تحسين التنوع في الشركات بتحديد الحوافز المناسبة. سيتطلب ذلك من المستثمرين منح بعض المرونة لأعضاء مجلس الإدارة الذين يحددون رواتب المديرين التنفيذيين . - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

- مقال رأي

يتفق معظم الناس على أن رواتب المسؤولين التنفيذيين يجب أن تعكس مدى تقدم شركاتهم في التنوع، لكن القول أسهل من الفعل. يعد قياس الأداء المالي من دون تحيز أمراً بسيطاً وواضحاً، كما لم يعد إحراز التقدم في البيانات المتعلقة بالمناخ يمثل نفس الإشكالية التي كان عليها في السابق، لكن منح مكافأة بسبب ذلك سيكون بالتأكيد أمراً غير موضوعي. فليس من الواضح أن المستثمرين على استعداد للثقة في مجالس إدارة الشركات لاتخاذ مثل هذا الحكم نظراً لسجلهم الحافل بالسخاء المفرط.

بدأت المقاييس البيئية والاجتماعية والحوكمة في الانعكاس على خطط الأجور التنفيذية. يرجع ذلك جزئياً إلى أن الشركات تتعرض لضغوط للاعتراف بمسؤولياتها الأوسع نطاقاً - فكر في تعريف منظمة "بزنس راوندتيبل" للأعمال الأمريكية المعدل لأهداف الشركة، أو انشغال رئيس شركة "بلاك روك"، لاري فينك، بالموضوع نفسه في خطاباته السنوية إلى رؤساء الشركات. في الوقت ذاته، هناك دليل على أن الشركات التي حصلت على درجات أعلى في مقياس "الحوكمة البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات" (ESG) تعمل بشكل أفضل لأنها تستفيد من انخفاض تكلفة رأس المال.

محاولات

بعد حركات "أنا أيضا" (#MeToo) و"حياة السود مهمة" (Black Lives Matter)، يتوافق هذا الاتجاه الآن مع زيادة التركيز على مدى تمثيل القوى العاملة في الشركة للمجتمع الأوسع. حتى الأسهم الخاصة - وهي صناعة تركز مكافآتها المالية تقليدياً بشكل مباشر على المقاييس المالية - قد فهمت الفكرة. وزعت مجموعة "كارلايل غروب" (Carlyle Group) مؤخراً مليونيْ دولار على حوالي 50 موظفاً تقديراً للإجراءات التي دعمت التنوع في الشركات المستحوذ عليها أو استثمارات محافظ صناديقها.

يدفع صانعو السياسات نحو هذه الجبهة أيضاً. يتشاور "بنك إنجلترا" مع "ھيئة اﻟﺴﻠﻮك اﻟﻤﺎﻟﻲ" في المملكة المتحدة حول ما إذا كان يجب إصدار إرشادات حول ربط أجور القطاع المالي بمقاييس التنوع والشمول. سبق أن قال "بنك إنجلترا" إنه سيفعل ذلك لمديريه التنفيذيين (دون توضيح كيف)، بينما وجدت دراسة حديثة أجرتها "كلية لندن للأعمال" و"برايس ووترهاوس كوبرز" أن حوالي 7% من المكافآت السنوية في رواتب المديرين التنفيذيين للشركات المالية المدرجة بمؤشر "فوتسي 100" مرتبطة بأهداف التنوع.

تعد العقبة أمام ذلك هي تحديد ما يجب تحفيزه وكيفية قياس النجاح. إذ يقول المنظمون في المملكة المتحدة إنهم لا يعتزمون إصدار وصف تفصيلي لكيف يتعين على الشركات أن تدفع مكافآت تعزيز التنوع.

القياس

وكما تبدو الأمور الآن، فإن نهج الحوافز المالية في "الحوكمة البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات" يعتمد بشكل ضيق للغاية على تدابير قابلة للقياس، يرجع ذلك إلى حد كبير إلى أن المستثمرين لا يثقون بشكل أساسي في قدرة مجالس الإدارة على تقييم الأجور، وفقاً لزافيير بايتين، أستاذ المكافآت والاستدامة في "كلية فليريك للأعمال" (Vlerick Business School). الذي يقول إن ما نحتاجه هو التقييم الشامل. ففي حين أن التنوع يمكن أن يشمل كل شيء من العرق وحقوق مثليي الجنس ومزدوجي التوجه الجنسي وللمتحولين جنسياً ، والوصول لذوي الاحتياجات الخاصة، فإن التركيز غالباً ما يكون مرتبطاً بنوع الجنس، مثل عدد النساء في فريق الإدارة العليا، بحسب ما يرى بايتين.

من جهتها تقول فيليبا أوكونور، رئيسة فريق المكافآت والتوظيف في "برايس ووترهاوس كوبرز" التي تتخذ من المملكة المتحدة مقراً لها: "التحدي هو أنك تريد مزيداً من التعقل، لكن هذا يعني أن المساهمين بحاجة إلى الوثوق بلجنة المكافآت لكي تمارس ذلك بشكل مناسب".

وتعود خلفية ذلك إلى تاريخ منح المجالس مكافآت للأداء المالي المتواضع. لكن تحديد الأهداف على الأشياء التي يمكن قياسها بدقة ليس هو الحل. قد تفكر الشركة بحق في معالجة الاختلالات القائمة في الجنس والعرق في قوتها العاملة الصغيرة، وعندها تدرك أن فجوة الأجور بين الجنسين أو العرق ستزداد سوءاً (إلى أن تتحسن كما نأمل).

حتماً يجب أن يكون التقييم موضوعياً إلى حد كبير، ويشمل العناصر النوعية والكمية. فبالنسبة لكبار المسؤولين التنفيذيين، يتمثل النهج الواقعي في أن يبدأ مجلس الإدارة بالنظر في أهداف الاستدامة الشاملة للشركة، بما في ذلك التنوع، ويشكل نظرة حول كيف كان أداء القيادة تجاه هذه الأهداف.

من المرجح أن يقوم هذا بتشجيع التغييرات التي تعمل على تحسين العمليات التي تحدث فرقاً دائماً - مثل ضمان التعامل مع التوظيف بموضوعية وقياس تقدم الموظفين في جميع أنحاء الشركة. تخصص شركة "سيغنيفاي" (Signify) الهولندية 25% من مكافآت المديرين التنفيذيين طويلة الأجل للاستدامة. والمقدار يكون "بناء على تقدير مجلس الإشراف" بعد النظر في مجموعة من العوامل.

الابتكار

تعتبر جوائز "كارلايل" الأخيرة ذات صلة هنا. إذ لم تكن جزءاً من الأجر المرتبط بالأداء السنوي؛ جاء الفائزون من قائمة طويلة رشحها أقرانهم. كان المعيار الوحيد هو "الذهاب أبعد من المطلوب". يبدو الأمر غامضاً، لكن الافتقار إلى التحديد شمل مجموعة من الإجراءات التي حدثت بالصدفة، بما في ذلك التنازل عن مقعد في مجلس إدارة شركة محافظ لتعزيز تنوعها. بالنسبة للأسهم الخاصة، كان إجراء الدفع في مقابل سلوك فردي، بدلاً من سعر التخارج من الصفقة، هو ابتكار مرحب به.

يبدأ تحسين التنوع في الشركات بوضع الحوافز المناسبة في القمة. سيتطلب ذلك من المستثمرين منح بعض المرونة لأعضاء مجلس الإدارة الذين يحددون رواتب المديرين التنفيذيين - وهم في كثير من الأحيان أشرار موسم تصويت المساهمين. إذا أدى ذلك إلى تحول بعيداً عن الصيغ البسيطة نحو أحكام أكثر ذكاءً في المكافآت بشكل عام، فذلك سيحسن الوضع.

اضغط هنا لقراءة المقال الأصلي
هذا المقال لا يعكس موقف أو رأي "الشرق للأخبار"وهو منشور نقلا عن Bloomberg Mediaولا يعكس بالضرورة آراء مجلس تحرير Bloomberg أو ملاكها
تصنيفات

قصص قد تهمك