لم يتمكن ليونيل ميسي الذي يعتبره كثيرون أفضل لاعبي جيله من جلب الفوز لميزانية لنادي برشلونة العمومية. ما الخلل الذي اعترى الشؤون المالية لنادي كرة القدم الأوروبية الذي رويت حول نجاحاته الحكايات؟
ما زال عبء الدين أكبر مشكلة تواجه برشلونة حيث بلغ صافي دين النادي نهاية مارس، عندما تولت الإدارة الجديدة المسؤولية، 673 مليون يورو (792 مليون دولار). يزيد الدين المؤقت المعدل عن 1 مليار يورو، بما في ذلك رواتب اللاعبين المؤجلة خلال الوباء. كما يجري النادي تدقيقاً محاسبياً وقد يكون الرقم النهائي أعلى.
استعان نادي برشلونة لحل المشكلة بمجموعة "غولدمان ساكس" لبيع استثمارات خاصة بقيمة 525 مليون يورو التي تعيد تمويل الديون جزئياً كما توفر أيضاً سيولة اضافية.
تعاون برشلونة في الربيع مع الأندية الكبرى الأخرى، بما في ذلك ريال مدريد وتشيلسي ويوفنتوس الإيطالي، في محاولة فاشلة لتأسيس دوري السوبر الأوروبي. تلك الخطة، التي انهارت في غضون أيام، التي كان من شأنها أن تمنح الأندية المشاركة إيرادات مغرية أكثر تلك التي لديها حالياً.
النادي فوق كل شيء، حتى فوق أفضل لاعب في العالم
ذريعة الايرادات
أعلن برشلونة عن خسارة ما يقرب من 100 مليون يورو في موسم 2019-20 حيث أدت الاضطرابات الناجمة عن جائحة فيروس كورونا إلى خفض إيراداته على جميع الجبهات. ومن المتوقع أن تتضخم هذه الخسائر إلى 487 مليون يورو للموسم الذي انتهى للتو.
وفقاً لتقريره السنوي، كلفت آثار الوباء تأثير كلف نشاطات النادي 130 مليون يورو. لكن فريق الإدارة الجديد قال إن الرقم يقارب 42 مليون يورو، وإن مجلس الإدارة السابق استخدم الوباء والملاعب الخالية ذريعة بعد سوء إدارة.
أشارت وكالة "فيتش" للتصنيفات الائتمانية في تقرير إلى "إدارة النادي المالية المتقلبة وغير قابلة للاستدامة في ظل فريق الإدارة السابق، وضمن ذلك تحقيق تجريه السلطات الإسبانية".
لذلك، قد لا يكون التخلي عن ميسي بمثابة عصاً سحرية. حيث ترى "فيتش" في تقريرها: "مخاطر تنفيذ كبيرة فيما يتعلق باستراتيجية فريق الإدارة الجديد لخفض أجور اللاعبين بهدف ضمان الاستقرار المالي".
صنفت وكالة "فيتش" حتى أواخر يوليو سندات برشلونة بدرجة (BBB-)، أي أعلى بدرجة واحدة من السندات غير المرغوب بها.
لماذا رحل ميسي؟
أعلن برشلونة في بيان قصير الخميس أنه بعد 17 موسماً، لن يتم تجديد عقد ميسي في النادي المحترف الوحيد الذي لعب معه.
قال رئيس النادي جوان لابورتا، إن برشلونة لا يمكنه التعاقد مع النجم الأرجنتيني بسبب "العقبات المالية والهيكلية" في الدوري الإسباني، رغم رغبة النادي وميسي إبرام صفقة جديدة.
كان ميسي (34 عاماً)، لاعباً مناسباً لفريق شباب برشلونة لأول مرة عندما كان عمره 13 عاماً، وظهر لأول مرة مع الفريق الأول في الدوري في 2004-2005. كان في طريقه لكسب حوالي 82 مليون دولار سنوياً بموجب عقد برشلونة الجديد الذي لم يمض قدماً. تقدر "فوربس" دخله في عام 2021، بما في ذلك الراتب والعلاوات بـنحو 130 مليون دولار، وهو ثاني إكبر دخل بين جميع الرياضيين بعد نجم مصارعة "بطولة القتال النهائي" كونر ماكغريغور.
وفقاً لقواعد الدوري الإسباني، ثمة حد أقصى للإنفاق على رواتب اللاعبين والمدربين يعتمد على الفرق بين الدخل والتكاليف. في حالة برشلونة، مع وجود ميسي في الفريق حتى مع اقتراح خفض الراتب، كانت فاتورة الأجور تمثل 110% من ايرادات النادي وهو رقم لا يمكن احتماله.
قال لابورتا في مؤتمر صحفي هذا الأسبوع: "النادي فوق كل شيء، حتى فوق أفضل لاعب في العالم".
رواتب تتخطى الدخل
انخفض حد النادي للإنفاق على المواهب بمقدار 47% عن الموسم السابق مع انخفاض الإيرادات. كان تخفيض منافسه ريال مدريد 26%، حيث وافق اللاعبون هناك على خفض الأجور 10% ضمن إجراءات أخرى.
أوضح لابورتا أن برشلونة كان من الممكن أن يفي بمعايير الدوري الإسباني في حال دعمه لاقتراح من قبل "سي في سي كابيتال بارتنرز" لشراء حصة 10% في أعمال الدوري الإسباني.
عرضت شركة الملكية الخاصة التي تتخذ في المملكة المتحدة مقراً لها استثمار 2.7 مليار يورو في الدوري الإسباني. رفض برشلونة دعم هذه الخطوة، التي كانت ستقيد جزءاً من حقوق البث للنادي لمدة 50 عاماً، كما عارض ريال مدريد الصفقة.
هل يسوء الوضع؟
ربما، يمكن أن تمنح عملية التمويل التي تديرها "غولدمان ساكس" مجالاً لالتقاط برشلونة أنفاسه. ستتراجع ضغط أجور برشلونة مع خروج ميسي من المعادلة، مع ذلك ستظل كشوف المرتبات تمثل 95% من الإيرادات وهي نسبة غير مريحة. كما قد يتعرض دخل النادي التجاري لضربة مع تبخر مبيعات قمصان "رقم 10" التي تحمل توقيع ميسي، وهي تدر قرابة مليونين سنوياً.
ستنتهي صفقة الرعاية مع شركة التجارة الإلكترونية اليابانية "راكوتن" (Rakuten) في يونيو، بينما تنتهي اتفاقية النادي مع شركة "نايكي" الأمريكية العملاقة للمعدات الرياضية في 2023.
ستعتمد عائدات التذاكر أيضاً على عدد المشجعين الذين يسمح لهم مع استمرار الوباء بدخول ملعب برشلونة، وهو أكبر ملاعب أوروبا بسعة تبلغ نحو 100 ألف.
يعدل الدوري الإسباني حالياً بنود مناقصة مزاد حقوق البث المحلي مركزاً على جذب مشاركين جدد مثل "أمازون". يتوقع انعقاد المزاد في سبتمبر، ويأتي هذا الموعد في الوقت الذي يطالب المشتري المحلي الرئيسي في إسبانيا لحقوق كرة القدم وهو شركة "تليفونيكا" (Telefonica) بسعر أقل.