ستحذِّر الولايات المتحدة الشركات الأمريكية الأسبوع الجاري من المخاطر المتزايدة جراء العمل في هونغ كونغ، في الوقت الذي تسعى فيه واشنطن لتصعيد الضغط على حملة بكين على المركز المالي، وفقاً لصحيفة "فاينانشال تايمز".
وذكرت الصحيفة البريطانية، يوم الثلاثاء، عن ثلاثة أشخاص مطَّلعين على الأمر، أنَّ المخاطر تشمل قدرة الحكومة الصينية على الوصول إلى البيانات التي تخزّنها الشركات الأجنبية في هونغ كونغ، وقالت، إنَّ القانون الجديد الذي يسمح لبكين بالانتقام من أيِّ شخص يمتثل للعقوبات المناهضة للصين؛ هو أيضاً من بين مخاوف الولايات المتحدة.
وأوضحت "فاينانشال تايمز" أنَّ القرار كان مدفوعاً جزئياً بوجهة النظر التي ترى أنَّ الشركات لم تأخذ الأمر بجدية كافية.
بشكل منفصل، ستُحدِّث الولايات المتحدة، في وقت لاحق من يوم الثلاثاء، تحذيراً أصدرته حكومة ترمب بشأن شينجيانغ العام الماضي، يحسب ما ذكرت "فاينانشال تايمز" نقلاً عن خمسة مصادر لم تحدِّد هويتهم. ورفض ممثِّل من القنصلية الأمريكية في هونغ كونغ التعليق على المقال.
ولم يتأثر مؤشر البورصة الرئيسي "هانغ سينغ" كثيراً بعد نشر التقرير.
"ستقوم الشركات الأمريكية والأجنبية أيضاً بتقييم وإدارة المخاطر التي تتعرَّض لها، خاصةً تلك التي تنتمي للقطاعات الأكثر حساسية" وفقاً لتومي وو، الاقتصادي الأول في "أوكسفورد إكينوميكس"، مضيفاً: "فالشركات التي تقدِّر قيمة هونغ كونغ كبوابة للدخول والخروج من الصين ستواصل عملها، بل ستتوسُّع في هونغ كونغ أيضاً".
تطور النزاع
من شأن مثل هذا التحذير من إدارة بايدن أن يؤكِّد كيف تصاعدت مخاوف واشنطن بشأن المستعمرة البريطانية السابقة بعد أن شنَّت بكين حملة قمع ضد مظاهرات ديمقراطية محلية في عام 2019، ويأتي ذلك التحذير في أعقاب قرار من حكومة ترمب العام الماضي بسحب الامتيازات التجارية الخاصة الممنوحة لهونغ كونغ تقديراً لتعهُّد الصين بضمان "درجة عالية من الاستقلال" عن بكين.
في حين أكَّدت وزارة الخارجية الصينية مجدَّداً معارضتها لما رأت أنَّه تدخلٌّ أمريكيٌّ في شؤون هونغ كونغ يوم الثلاثاء، عندما سئلت عن التقرير. وصرَّح المتحدِّث باسم الوزارة، تشاو ليجيان، للصحفيين أنَّ المدينة أصبحت أكثر استقراراً بموجب قانون الأمن.
يثير الصراع المتزايد بين الولايات المتحدة والصين من أجل النفوذ في آسيا مخاوف الشركات متعددة الجنسيات من أن تشهد أضراراً جانبية.
تقييم الأضرار
"ما تزال الشركات الأعضاء لدينا تقدِّر هونغ كونغ، على الرغم من تعرُّض تلك الثقة لضغوط متزايدة على مدار السنوات القليلة الماضية" وفقاً لتارا جوزيف رئيس غرفة التجارة الأمريكية في هونغ كونغ، وأضافت :"نظراً لهذا الالتزام تجاه هونع كونغ، ستواصل الشركات الأعضاء متابعة التطورات السياسية بين الولايات المتحدة والصين التي قد تؤثِّر على أعمالها عن كثب".
كشف تقرير صادر عن غرفة التجارة الأمريكية في شهر مايو عن أنَّ أكثر من 40% من الأعضاء الذين تمَّ مسحهم بواسطة جماعة الضغط قد يغادرون المدينة، مما يؤكِّد على مخاوف مجتمع الأعمال حول القضايا التي تخصُّ المدينة، مثل قانون الأمن.
أكَّدت أعلى هيئة تشريعية في الصين الشهر الماضي، على سلطات واسعة لمصادرة الأصول، ومنع المعاملات التجارية عبر قانون جديد يهدف إلى السماح للرئيس، شي جين بينغ، بالردِّ على العقوبات التي تفرضها الولايات المتحدة وحلفاؤها.
وجاء هذا التشريع في أعقاب قانون الأمن القومي القوي الذي تمَّ استحداثه في هونغ كونغ العام الماضي الذي يهدف- من بين أمور أخرى- إلى منع "التواطؤ مع قوى أجنبية وخارجية".
ومنذ ذلك الحين؛ حذَّرت الولايات المتحدة الأفراد من السفر إلى هونغ كونغ، بما في ذلك تقرير استشاري من وزارة الخارجية يؤكِّد أنَّ قانون الأمن "يمكن أن يُعرِّض المواطنين الأمريكيين الذين ينتقدون جمهورية الصين الشعبية علناً لمخاطر متزايدة مثل الاعتقال، أو الاحتجاز، أو الطرد، أو المحاكمة".
وعارضت حكومة هونغ كونغ المزاعم بأنَّ قانون الأمن قد أضرَّ ببيئة الأعمال في المدينة، مستشهدةً بالقوة المستمرة للأسواق المحلية، ووفرة الشركات متعددة الجنسيات. كما استشهدت الرئيس التنفيذي "كاري لام"، التي كانت من بين المسؤولين المحليين الذين عاقبتهم حكومة ترمب، الأسبوع الماضي بتصريحات إيجابية من قبل مجموعات الأعمال الأجنبية حول مستقبل المدينة كدليل على أنَّ شكاوى الغرب من قانون الأمن مبالغ فيها.
وقالت لام: "إنَّ أقوال وأفعال قادة الأعمال الأجانب، تثبت تماماً أنَّ بيئة الأعمال في هونغ كونغ لم تضعف بعد تطبيق قانون الأمن القومي.. بل على العكس، لقد أصبحت أفضل".