تلقَّى مطار سيدني عرضَ استحواذ بقيمة 22.3 مليار دولار أسترالي (17 مليار دولار أمريكي) من مجموعة تضمُّ "آي إف إم إنفستورز" (IFM Investors)، في واحد من أجرأ الرهانات على تعافي قطاع السفر العالمي منذ بدء الجائحة.
وقالت الشركة في بيان يوم الإثنين، إنَّ العرض يقدِّر قيمة أسهم مطار سيدني عند 8.25 دولاراً أسترالياً للسهم، وهو أعلى من سعر إغلاق الجمعة عند 5.81 دولاراً أسترالياً بنسبة 42%، إلا أنَّه أقل من ذروة السهم البالغة 9 دولارات أسترالية في أواخر عام 2019 قبل أن تدمِّر جائحة كوفيد-19 قطاع الطيران. وقفز السهم إلى مستوى 8.04 دولار أسترالي في التعاملات المبكِّرة.
يسعى مقدِّمو عرض الاستحواذ للاستفادة من تراجع القيمة السوقية لأكبر مطار في أستراليا قبيل أن يعاود السفر العالمي الانتعاش. وفي حين تلقَّت شركات الطيران في جميع أنحاء العالم مساعدات حكومية بمليارات الدولارات للنجاة من الأزمة، لم تُقدَّم المساعدة لمزوِّدي البنية التحتية مثل المطارات على النطاق نفسه.
علاوةً على ذلك؛ ازدادت أزمة مطار سيدني، الذي يُعدُّ البوابة الخارجية الرئيسية لأستراليا، بفعل واحدة من أكثر السياسات الحدودية تقييداً خلال الأزمة الصحية العالمية. كما أغلقت الحكومة فعلياً الحدود الدولية في مارس 2020، ومنعت المواطنين من المغادرة. وقبيل الجائحة، مرَّ ما يقرب من 4 ملايين مسافر عبر مطار سيدني شهرياً، وهو رقم تبخَّر بالكامل تقريباً في غضون أسابيع. هذا ومن المتوقَّع أن تظلَّ الحدود مغلقة حتى منتصف عام 2022 في ظلِّ تأخر برنامج التطعيم في أستراليا.
كما تسبَّب إغلاق حدود الدولة المتجدد لاحتواء تفشي الجائحة في إحداث فوضى في السفر الداخلي. وفي الواقع، تعيش سيدني حالياً إغلاقاً لمدة أسبوعين يتزامن مع العطلات الدراسية الشتوية، التي عادة ما يتجه فيها كثير من الناس شمالاً إلى المناخ الأكثر دفئاً في كوينزلاند.
رهان على الانتعاش
ومع ذلك؛ قد لا يضطر مشتري مطار سيدني إلى الانتظار طويلاً قبل أن يستعيد الطلب على السفر الجوي خسائره. فوفقاً لاتحاد النقل الجوي الدولي، الذي يمثِّل ما يقرب من 300 شركة طيران في جميع أنحاء العالم، "خلال عام 2023، ستتجاوز أعداد المسافرين الدوليين مستويات ما قبل كوفيد".
الجدير بالذكر أنَّ كونسورتيوم "آي إف إم إنفستورز"، المعني بإدارة البنية التحتية، والمملوك لمجموعة من صناديق التقاعد الأسترالية غير الهادفة للربح، هو مستثمر طويل الأجل يمكنه أنْ يتجاوز عاماً آخر من قيود السفر مقابل الرهان على أنَّ السياحة ستعود قريباً إلى طبيعتها. ويُقدِّر العرض قيمة مطار سيدني عند 29.8 مليار دولار أسترالي، متضمِّناً الديون؛ وهذا يزيد بنحو خمس مرات عن قيمته عندما باعته الحكومة في عام 2002، والبالغة 5.6 مليار دولار أسترالي.
وتشمل أصول "آي إف إم" في مجال المطارات مجموعة مطارات مانشستر، ومطار فيينا الدولي، فضلاً عن حصة في بوابات العبور في ملبورن، وبيرث، وأديلايد، وبريسبان. وقال الكونسورتيوم في بيان منفصل يوم الإثنين، إنَّه يملك صناديق مدارة في مجال البنية التحتية بقيمة تبلغ 177 مليار دولار أسترالي حول العالم، فضلاً عن حصصٍ في 20 مطاراً.
في هذا الصدد، قال مطار سيدني، إنَّه يدرس "ما إذا كان العرض يعكس القيمة الأساسية للمطار بالنظر إلى الامتياز طويل الأجل المتبقي، والتأثير المتوقَّع للجائحة على المدى القصير".
ماذا تقول بلومبرغ إنتليجنس
"قد يؤدي عرض الاستحواذ على مطار سيدني إلى تحقيق الدخل المبكر من إمكاناته للتعافي، التي قد تكون مرئية فقط في عام 2022، إذ يعزز التطعيم من انتعاش حركة المرور بشكل أكثر استدامة. ومع ذلك؛ فإنَّ سعر العرض أقل بنسبة 8٪ من الذروة قبل انتشار الجائحة، وقد لا يعكس فرص العوائد طويلة الأجل لهذه البنية التحتية الأساسية طويلة الأمد"، بحسب دينيس وونغ، محلل البنية التحتية.
إذا ما تمَّ الاستحواذ بسعر العرض، سيعدُّ ذلك بمثابة ثاني أكبر عملية استحواذ على شركة أسترالية مسجَّلة، وفقاً للبيانات التي جمعتها بلومبرغ.
عيَّن مطار سيدني شركة "بارينجوي كابيتال بارتنرز" (Barrenjoey Capital Partners)، ومجموعة "يو بي إس" (UBS) كمستشارين ماليين.
كما تُقدِّم مجموعة "غولدمان ساكس" المشورة للمجموعة المقدَّمة لعرض الاستحواذ، التي تضمُّ أيضاً "كيوسوبر بورد" (QSuper Board)، و"غلوبل إنفراستراكتشر مانجمنت" (Global Infrastructure Management).
ومن شروط العرض أن يوافق صندوق المعاشات الأسترالي "يوني سوبر ليمتد" (UniSuper Ltd)، الذي يمتلك حوالي 15% من مطار سيدني، على إعادة استثمار حصَّته في الأسهم مقابل حصَّة معادلة في الشركة القابضة للكونسورتيوم، وفقاً للبيان.