كيف ستتصرف "أمازون" و"مايكروسوفت" في عالم العمل عن بُعد؟

خلقت كورونا طلب أكثر على العمل عن بُعد وهو ما يلزم الشركات بمرونة أكبر في تفكيرها بخصوص العمل من المكاتب - المصدر: بلومبرغ
خلقت كورونا طلب أكثر على العمل عن بُعد وهو ما يلزم الشركات بمرونة أكبر في تفكيرها بخصوص العمل من المكاتب - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

- مقال رأي

عندما أعلنت "أمازون" في مارس، أن معظم موظفيها البالغ عددهم 60 ألف موظف في منطقة سياتل سيعودون إلى العمل في مكاتبهم بحلول الخريف، غضب بعض الموظفين، وهدّد عدد قليل منهم بالاستقالة لأسباب جوهرية وأخرى أقل أهمية، بما في ذلك أحد الموظفين، الذي قال إن قواعد ما بعد الجائحة ستقاطع نشاطاته الرياضية الخاصة بالتجديف المجدول بانتظام.

في الوقت نفسه، قالت شركة "مايكروسوفت"، ومقرها في ريدموند القريبة، إنه بوسع موظفيها العمل من المنزل أو المكتب أو وفق ترتيب مختلط.

سوق العمل تغير إلى الأبد

وفي العالم الخاص جداً لمنطقة سياتل التي تضم العاملين في مجال التكنولوجيا الفائقة، لا مفر من المقارنة في بعض الأحيان. حيث ضاعفت جائحة كوفيد-19 الانطباع بأن "مايكروسوفت" هي غالباً الأكثر تنوراً، في حين أن "أمازون" هي الأكثر صرامة وتقيداً بالأساليب القديمة.

نظراً لأن الشركات تتنافس على بعض العاملين من النخبة، فإن الطلب على العمل عن بُعد أو العمل الهجين أصبح سريعاً جزءاً رئيسياً من مفاوضات التوظيف وحزم التعويضات؛ وبمرور الوقت، ستصبح الترتيبات المرنة أكثر انتشاراً؛ وقد تكون أكثر أهمية من مقدار الراتب.

في هذا الصدد، قال كريس بلومكويست، المؤسس المشارك لشركة "تالينت ماين" (Talent Mine)، وهي شركة ناشئة للتوظيف مقرها سياتل: "أعتقد أن سوق العمل قد تغير إلى الأبد".

رغبة متزايدة في العمل عن بُعد

أشار "بلومكويست" إلى أن عدد الموظفين المحتملين الباحثين عن عمل عن بُعد كان يُعدّ على أصابع اليد الواحدة في السنوات الماضية؛ أما في الوقت الحالي، فسبعة من كل 10 مرشحين يطلبون هذا الموضوع بشكلٍ بديهي.

وبحسب عدّة وكالات للتوظيف، فإن العديد من الموظفين يُصرّون على موضوع العمل عن بُعد بنسبة 100٪.

قبل بضعة أسابيع، أوضحت "أمازون" قواعدها مدفوعة ربما بفعل ضغوط الأقران من الشركات، بما في ذلك "مايكروسوفت"؛ حيث تخطط "أمازون" حالياً للسماح بيومين من العمل عن بُعد.

ومن الواضح أن هذا يتفوق على "الثقافة التي تتمحور حول العمل من المكتب كخط أساس لنا"، ولكن ربما ليس بما يكفي.

غيرة من مايكروسوفت

من جهتها، قالت إحدى مهندسات البرمجيات في أمازون، والتي طلبت مثل العديد من الموظفين عدم الكشف عن هويتها للتحدث بصراحة: "يمكن لشركات أخرى جذب الموظفين بعيداً. وأنا أشعر بالغيرة من "مايكروسوفت"، فهناك ثقة ضمنية في سياسة "مايكروسوفت"، ولهذه الثقة مغزى".

بصفتها انطوائية، تشعر هذه المهندسة أن المكتب يقلل من إنتاجيتها، والتي ازدهرت في ظل قواعد البقاء في المنزل، حيث يعود ذلك جزئياً، لأنها كانت تُعيد شحن طاقتها بعد قيلولة يومية.

حتى الآن، تقول "مايكروسوفت" إنه عندما تفتح المكاتب بالكامل في شهر سبتمبر، سيُتاح للموظفين العمل من المنزل نصف الوقت، دون طرح أية أسئلة. كما يمكن ترتيب وقت إضافي مع المدير، وهذا ينطبق أيضاً على "أمازون".

وحتى بعد ترقية سياسة أمازون، ما يزال هناك فرق مهم؛ فأيام العمل من المنزل يُحدّدها الموظف نفسه في شركة "مايكروسوفت"، في حين تُحدّد الإدارة في "أمازون" هذا الموضوع.

مرونة في العمل

إذن مَن ستُتاح له الفرصة لممارسة هواياته، مثل التجديف على سبيل المثال؟

تتوفر ترتيبات العمل المرنة في هذه الأنواع من الشركات في الغالب لمجموعة متميزة من العاملين في مجال المعلومات، ومهندسي ومصممي البرمجيات، وعلماء البيانات، والذكاء الاصطناعي، وبعض موظفي المبيعات وخدمة العملاء الذين عملوا عن بُعد قبل جائحة كوفيد.

في حين يشمل العاملون في الموقع مهندسي الأجهزة، على سبيل المثال، والأشخاص الذين يعملون على أجهزة الكمبيوتر وبعض المعدات الأخرى، والعاملين في الخطوط الأمامية، مثل موظفي الاستقبال في المبنى على سبيل المثال.

موقع "زيلو"

على صعيد آخر، تفوّقت بعض الشركات الأصغر مثل الموقع الإلكتروني العقاري "زيلو" (Zillow) ومقره سياتل على عدد كبير من المنافسين بسياستها المرنة تماماً بشأن المكان الذي يمكن للموظفين العمل فيه، وهي ميزة في مجال التوظيف.

في هذا الصدد، قالت بريشيا يونغ، عالمة البيانات الكبيرة التي تم تعيينها مؤخراً في "زيلو": "في النهاية كان هذا الموضوع هو العامل الحاسم بالنسبة لي". حيث تعيش "يونغ" في شيكاغو ولا تريد الانتقال؛ واختارت "زيلو" وفضّلتها على أصحاب العمل المحتملين الآخرين لأن الشركات الأخرى كانت أقل وضوحاً بشأن العمل عن بُعد.

لكي نكون واضحين، العمل عن بُعد غير متاح للمعنيين بتقييم المنازل في "زيلو"، ولبعض الذين يعملون في قروض المنزل – وذلك لأسباب تنظيمية.

عالم جديد

وبعد عام من العمل عن بُعد، من المفهوم أن يعتاد عليه العديد من العاملين. وبالنسبة لـ "غريغوري لوكين"، الذي عمل محللاً مالياً بمركز شحن تابع لأمازون، فقد فضّل مغادرة الشركة في مايو لأن "أمازون" طلبت منه معاودة العمل من المركز، إلا أنه لا يستطيع تحمل مشقات التنقل؛ وهو يعيش حالياً في كندا.

قد يمكننا فهم نهج "أمازون" من خلال إلقاء نظرة سريعة على العديد من مباني المكاتب الجديدة؛ حيث استثمرت الشركة بكثافة في العقارات.

إلا أن هذا عالم عمل جديد تماماً؛ حيث تتزايد الأجور في العديد من الصناعات، ويستقيل العاملون بأعداد كبيرة، وبالتالي كيف يمكنكم الاحتفاظ بهم وإبقائهم في أماكن العمل - أو خارجها - بعد أن اختبروا حرية العمل عن بُعد أو العمل الهجين؟

العمل الهجين

وجدت دراسة أجرتها شركة "مايكروسوفت" أن 73٪ من أصل 30 ألف شخص في 31 دولة يريدون العمل المرن عن بُعد. ومن المفارقات أن 67٪ يريدون أيضاً مزيداً من الوقت في العمل ضمن المكاتب. وبالتالي، فإن الشركات التي من المرجح أن تفوز في حرب المواهب ستقدم مزيجاً من الاثنين.

تعليقاً على الموضوع، قال جاريد سباتارو، نائب الرئيس في "مايكروسوفت 365": "هناك اعتقاد راسخ بأن هذا تغيير كبير جداً … والجميع في كافة أنحاء العالم يريدون المزيد من خيارات العمل المرنة. وفي الحقيقة، لا تقل لي أننا نتبع ثقافة العمل في المكتب، فقد طبقنا للتو سياسة العمل من المنزل، وهناك من يأتي إليّ ليقول "يا رجل، لأول مرة في مسيرتي المهنية أتناول وجبة الإفطار مع أطفالي، ولم أكن أعرف ما الذي يفوتني".

وفي الواقع، فإن المنافسة بين "أمازون" و"مايكروسوفت" ليست جديدة: فكلاهما تعتبران نفسيهما رائدتان في مكان العمل.

فمن جهة يجب ألا ننسى أن "أمازون" تسمح لموظفيها بإحضار كلابهم إلى المكتب. وعلى مدى سنوات عديدة، تساءل السكان المحليون مَن هي الشركة التي تتواصل بشكل أفضل مع المجتمع؟ أيهما أكثر إحساناً؟ وأيهما أكثر التزاماً بالمسؤولية الاجتماعية؟

ما من شكٍ في أن التغيير الثقافي في الأشهر الستة عشر الماضية كان أكبر من أية شركة أو فئة من العمال. حتى بعض المصطلحات انقلبت رأساً على عقب؛ حيث لم تعد عبارة "لنناقش الموضوع عبر الهاتف" – أو عبر تطبيق "زوم" – تنم عن الازدراء؛ بل هي سمة تحظى باحترام متزايد في مكان العمل الملائم للمستقبل، أينما كان ذلك.

اضغط هنا لقراءة المقال الأصلي
هذا المقال لا يعكس موقف أو رأي "الشرق للأخبار"وهو منشور نقلا عن Bloomberg Mediaولا يعكس بالضرورة آراء مجلس تحرير Bloomberg أو ملاكها
تصنيفات

قصص قد تهمك