طالب المستثمرون، رؤساء الشركات بفعل ما هو أكثر من مجرد إدانة العنصرية، ما حملهم خجلاً على إصدار بيانات لم يسبق رؤيتها بشأن تنوع القوى العاملة.
يعتبر ذلك خطوة للأمام، ولكن من السابق لأوانه القول إن هذا يدل على تقدم حقيقي نحو المساواة. تحتاج الشركات إلى تحديد ما تخطط لتنفيذه بالمعلومات أو عليها مواجهة المزيد من الغضب.
تقارير المساواة
في أعقاب مقتل "جورج فلويد" على يد الشرطة، زاد المستثمرون من الضغط على قطاع الشركات للتحرك. من بين الحملات الأكثر شهرة كانت دعوة المراقب المالي لمدينة نيويورك "سكوت سترينجر" لـ 67 شركة أمريكية كبرى للسماح بنشر ما يسمى بتقرير المساواة في فرص التوظيف والمعروفة اختصاراً بـ (EEO-1). تُصنِّف هذه النماذجُ الموظفين حسب العرق والجنس في 10 فئات وظيفية، ويجب الكشف عنها فقط للجنة تكافؤ فرص العمل الأمريكية.
تُصدر الآن غالبية شركات "مؤشر ستاندرد آند بورز 100" تقارير تكافؤ فرص العمل (EEO-1)، أو على الأقل وافقت على ذلك. تُظهر التقارير المودعة المنشورة حتى الآن أن كبار الموظفين في بعض أكبر أرباب العمل في العالم، لا يمثلون فئات المجتمع الأوسع في ما يُعد عادة أكبر أسواقهم.
كشفت مجموعة "غولدمان ساكس" المصرفية أن الموظفين السود أو الأمريكيين من أصل أفريقي يشكلون 3.2% من مستوى المسؤولين التنفيذيين/ كبار المسؤولين والمديرين، وأن السيدات يشكِّلن 25% فقط. وارتفعت هذه النسبة إلى 7% و42% في فئة "المهنيين" الأوسع.
في بنك منافس "سيتي غروب"، كان 4% من المستوى الأعلى من السود أو الأمريكيين من أصل أفريقي، و36% من الإناث، وارتفعت إلى 8% و45% على التوالي على مستوى المهنيين.
ماذا عن تفاوت الأجور؟
من السهل القول إن هذه البيانات تؤكد ما هو معروف بالفعل. ومع ذلك، من المفيد أن يجري الكشف عنها. يمتلك المستثمرون وثيقة يمكنهم الاحتفاظ بها أمام الإدارة العليا، ويمكن للعملاء والمستهلكين اتخاذ قرار بناء على معلومات بشأن التعامل مع الشركات التي تفشل في إحراز تقدم في تنويع فئات الموظفين. كما يجب أن يحفز هذا الرؤساء على السعي لتحقيق تحسينات على أساس سنوي.
لكن شفافية تقرير تكافؤ فرص العمل يمكن أن تكون البداية فقط، حيث تجعل فئاته الواسعة من عملية إجراء المقارنات التفصيلية بين الشركات أمراً صعباً، وهذا بدوره يجعل من الصعب محاسبة المديرين التنفيذيين.
لا تكشف البيانات عن تفاوتات الأجور، أو توضح كيفية تقدم الأقليات من خلال الشركة. هناك حاجة إلى مزيد من المعلومات في هذا الصدد. وجدت مبادرة الإفصاح عن القوى العاملة، وهي عبارة عن تحالف مستثمرين عالمي يشجع الشركات على الكشف عن التركيبة السكانية للموظفين، أن 4% فقط من الشركات في أحدث استطلاع لها، توفر بيانات حول فجوة الأجور على أساس عرقي (باستثناء الحالات التي يُحظر فيها جمع البيانات)، بينما 57% تتبع فجوة الأجور بين الجنسين.
وفقا لشركة "أز يو سو"، وهي مجموعة مسؤولية الشركات الأمريكية، تقدم 4% فقط من شركات "مؤشر ستنادرد آند بورز 500" إحصائية توظيف واحدة، متعلقة بتصنيف الموظفين عرقياً. بالكاد يشارك 1% من سجلات البيانات عل أساس عرقي.
مهمة الكشف عن تنوع فئات التوظيف
إن حالة العمل الجاري للكشف عن تنوع فئات التوظيف لدى الشركات تذكرنا بالأيام الأولى للإبلاغ عن انبعاثات الكربون. سيكون وضع معايير عالمية أمراً صعباً بسبب الاختلافات القانونية. (في فرنسا، على سبيل المثال، من غير القانوني لأصحاب العمل تصنيف الموظفين حسب أصلهم العرقي)، كما أصبحت الهوية معقدة بشكل متزايد ويصعب تقسيمها إلى فئات قليلة فقط.
يحتاج المستثمرون إلى الاستمرار في الضغط لجعل عملية الإفصاح تجري على نحو أفضل. يعد نشر تقارير تكافؤ فرص العمل (EEO-1) أمراً سهلاً، حيث جرى بالفعل تنفيذ الكثير من العمل القانوني.
حان الوقت الآن لإجبار الشركات على جمع بيانات تنوع فئات الموظفين التي تتطلب المزيد من الجهد. يفعل بعض المستثمرين ذلك، ولكن لا يبدو أنهم جميعاً على استعداد للضغط بشدة.
مطلوب مزيد من دعم المستثمرين
وجدت شركة "شير أكشن"، الناشطة في مجال الاستثمار المسؤول، ومقرها المملكة المتحدة، أن المساهمين في عام 2020، كانوا أقل دعماً لقرارات الشركة التي تطلب بيانات عن فجوات الأجور بين الجنسين والفئات العرقية، مقارنة بفجوة الأجور بين الجنسين فقط.
عندما أيد المساهمون قرارات بشأن المسائل الاجتماعية، قالوا إن ذلك كان لأنهم لم يعتقدوا أنه سيكون "عبئا" على الشركة إلزامها بذلك. وعلى نفس المنوال، كانت صعوبة التنفيذ مبرراً يُستشهد به كثيراً للتصويت ضد مثل هذه القرارات.
حظيت دعوة المساهمين لشركة "أمازون.كوم" للإبلاغ عن الفترة الزمنية بين العروض الترويجية حسب العنوان والمستوى والجنس والهويات العرقية بدعم ضئيل، حيث قال بعض المستثمرين إن هذا الكشف لم يكن ممارسة قياسية بين أقرانهم، كما يشير موقع شركة "شير أكشن" الإلكتروني.
وفي هذا العام، فشلت أيضا الاقتراحات التي تدعو إلى إجراء عمليات تدقيق للتصرفات العنصرية بطريقة مستقلة في أمثال مصرفي "سيتي غروب" و"غولدمان ساكس"، وشركة "جونسون آند جونسون" في الحصول على دعم كاف.
قد ينقسم المستثمرون، لكن الجهات التنظيمية يرون أهمية بيانات تكوين فئات القوى العاملة. نوه "جاري غينسلر"، رئيس لجنة الأوراق المالية والبورصات المعين حديثاً، أن قواعد الإفصاح هي إحدى أولوياته القصوى.
في أوروبا، يتعين على صناديق الاستثمار التي ترغب في تسويق نفسها على أنها تمتلك أهدافاً استثمارية مستدامة، أن تثبت أنها تفعل أكثر من مجرد الحديث عنها.
حمل مقتل "جورج فلويد" قبل عام الشركات على إعلان التزامها بالمساواة العرقية. يعتبر الإفصاح عن القوى العاملة هو شيء يجب على الشركات أن تفعله لدعم المساواة العرقية.
تتمثل الخطوة التالية المنتظرة في تحسين الشفافية وتكثيف الجهود لتوظيف المواهب المتنوعة والاحتفاظ بها. كما هو الحال مع العناصر الأخرى في الحوكمة البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات المعروفة اختصاراً بـ (ESG)، ستجري مكافأة الشركات التي تمضي قدماً في العمل الفعلي والمتخلفون سيجدون أنفسهم يعاقبون.