اتَّخذت المجموعة الصينية "إيفرغراند غروب" خطوتين إضافيتين تجاه استعادة الثقة في أوضاعها المالية، بعد أن أمَّنت استثماراً بقيمة 4.6 مليار دولار من الشركات الحكومية، وجمعت 23 مستثمراً أساسياً لفصل ذراع الخدمات العقارية.
وستشتري الشركات المدعومة من حكومات المدن في مقاطعة قوانغدونغ (التي تتخذها "إيفرغراند" مقراً) حصة بقيمة 30 مليار يوان (4.6 مليار دولار) من المستثمرين الحاليين في "هينغدا ريال إستيت"، وهي وحدة تمتلك الأصول العقارية الأساسية لـلمجموعة في الصين، بحسب ما كشف مصدرٌ في نهاية الأسبوع الماضي، وطلب عدم الكشف عن هويته لسرية المعلومات.
وأعلنت "إيفرغراند" أيضاً عن أن مستثمرين أساسيين قد وافقوا على شراء حصة بنسبة 7% تقريباً في مجموعة الخدمات العقارية، ومن بينهم "سينس تايم غروب"، وشركة تابعة لشركة "تشاينا غاز هولدينغز"، وفقاً لبنود الاتفاق الذي حصلت عليه "بلومبرغ نيوز".
وتسعى الوحدة لطرح أولي للجمهور بقيمة 2 مليار دولار في بورصة هونغ كونغ، الذي من شأنه أن يساعد على تقليص ديون "إيفرغراند".
الخطوط الحمراء الثلاثة
وستخفِّف هذه الصفقات من ضغوط السيولة على المدى القصير التي يواجهها المطور العقاري الأكثر مديونية في العالم. وبالرغم من ذلك، تظل المخاوف بخصوص الصحة المالية للشركة على المدى البعيد، فقد كانت "إيفرغراند" تجمع أموالاً من خلال بيع الأصول وحملات التسويق المكثفة، كما تسعى لطرح وحدة السيارات الكهربائية لديها للجمهور، بعدأن تسببت المخاوف من أزمة نقدية العام الجاري في خفض أسهم وسندات المطور.
وقالت كريستي هانج، محللة في "بلومبرغ انتلجنس"، إنَّ الدعم من الشركات المرتبطة بالحكومة، "يشكل خطوة مهمة في استعادة الثقة في سيولة الشركة"، مضيفة أن "إيفرغراند" قد تضطر إلى خفض توزيعات أرباحها، وفصل بعض وحداتها وبيع حصص بشكل مباشر للمستثمرين، كي تتمكن من استيفاء قواعد "الخطوط الحمراء الثلاثة" التي وضعتها الصين للحد من الديون لدى المطورين العقاريين.
وارتفعت أسهم "إيفرغراند" بنسبة 1.6% في الساعة 9:56 صباحاً في هونغ كونغ، كما صعد سندها الدولاري المستحق في 2022، بالعائد نسبة 8.25% بمقدار 1.3 سنت إلى 87.3 سنت، وهو أكبر مكسب في أكثر من أسبوعين.
من اشترى؟ ماذا؟
وقال تشواني تشو، محلل الائتمان في "لوكرور أناليتكس" في سنغافورة، إنَّه بالرغم من أنَّ الشركة تعمل على حل مشكلات السيولة، فهي لا تزال "في وضع نقدي متأزم للغاية".
وكانت إحدى المشكلات الشائكة التي واجهتها "إيفرغراند" هي التوصل لاتفاق مع المستثمرين الاستراتيجيين الذي يحق لهم المطالبة باستعادة ما يصل إلى 130 مليار يوان، في حال عدم حصول الشركة على الموافقة التنظيمية لعملية الاستحواذ العكسي من الصين بحلول 31 يناير. وألغت الشركة هذه الخطط الشهر الجاري بعد أن َّوافق أغلب المستثمرين الاستراتيجيين على عدم المطالبة بأيَّة مستردات. وقاد ذلك إلى قيام تحالف بقيادة "شاندونغ هاي سبيد غروب كو"، أكبر مستثمر استراتيجي في "هينغدا"، ببيع حصص بقيمة 23 مليار يوان، وفقاً لشخص مطلع على الأمر.
واقتنصت "شينزين هاوسينغ تالنت غروب" حصة بقيمة 20 مليار يوان من التحالف بينما اشترت "إيفرغراند" الحصة الباقية، وفقاً لأشخاص اطلعوا على الأمر.
وقال أحد هؤلاء الأشخاص، إنَّ المستثمرين الاستراتيجيين، قد باعوا حصة إضافية بقيمة 10 مليار يوان إلى "قوانزو سيتي انفيستمينت"، دون إعطاء المزيد من التفاصيل بشأن المستثمرين.
وقالت الشركة المطورة في بيان لها، إنَّ المستثمرين الذين يمتلكون حقوق ملكية بقيمة 125.7 مليار يوان، بما فيهم شركتين مملوكتين للحكومة، دخلوا في عقود تكميلية لحمل حصصهم كأسهم عادية، وأما بالنسبة للمستثمرين الذين يحملون 4.3 مليار يوان من حقوق الملكية، الذين لم يبرموا اتفاقاتٍ، فقد سددت لهم "إيفرغراند" أصل رأس المال نقداً، وأعادت شراء الحصص.
ولم تستجب "إيفرغراند" للأسئلة التي تطلب المزيد من التعليقات بشأن خططها لتقليص الديون، كما لم ترد "شاندونغ هاي سبيد"، و"شينزن تالنت هاوسينج"، و"قوانزو سيتي كورنستراكشن"، على مكالمات للتعليق يوم الأحد.
مخاطر الديون محلية
وبرز إصرار "شاندونج هاي-سبيد" على استرداد أموالها تناقضاً واضحاً مع المستثمرين الآخرين في "إيفرغراند"، وهو ما يبرر جزئياً؛ إلى أنها ليست جزءاً من سلسلة توريد المطور العقاري، مثل أغلب المستثمرين، وبالتالي لا تعتمد عليه في الإيرادات.
وتلعب شركات العقارات مثل "إيفرغراند" دوراً رئيسياً في سوق الديون في الصين. وأكَّد اجتماع رفيع المستوى خلال نهاية الأسبوع، ترأسه نائب رئيس الوزراء "ليو هي" على تطبيق "مسؤليات تنظيمية ومحلية"، عندما يتعلق الأمر بالتعامل مع مخاطر السندات. وتشير التعليقات أنَّ بكين يمكن أن تحاسب الحكومات المحلية، إذا انفجرت مخاطر الديون في مقاطعاتهم وبلدياتهم.
وقال "ويليام بينغ"، المدير الإداري في "بيسفول انفيستمينت كو"، إنَّ أغلب المستثمرين الاستراتيجيين في وحدة العقارات في "إيفرغراند"، يقتصر وجودهم على مقاطعة قوانغدونغ، وبالتالي فإنَّ مشكلات الديون في الشركة أصبحت تشكِّل مخاطر محلية أكثر منها على المستوى الوطني.
وأضاف أنَّه في ظل تهديد ذلك للوظائف والنمو في المقاطعة، فإنَّ قوانغدونغ سيكون لها الكلمة الأخيرة بشأن ما سيحدث، وقال بينغ: "هو وضع مربح للجميع باستثناء المستثمرين، واقتصاد السوق، لأنَّ "إيفرغراند" قد تعتقد الآن بالتأكيد أنها أكبر من أن تفشل".