كان الاستنزاف النقدي لشركة "بوينغ" أسوأ مما كان متوقَّعاً، إذ يشير انخفاض شحنات "دريملاينر 787"، وتقلُّص أرباح "ماكس 737" إلى أنَّ الشركة المصنِّعة للطائرة لا تزال تواجه تعافياً طاحناً من جائحة فيروس كورونا، وأطول منع طيران لطائرة ركاب في تاريخ الولايات المتحدة.
وقالت "بوينغ" في بيان لها الأربعاء الماضي، إنَّ إجمالي المصروفات النقدية المجانية بلغ 3.68 مليار دولار خلال الربع الأول. و كان هذا أسوأ من الاستنزاف البالغ 3.34 مليار دولار الذي توقَّعته "وول ستريت". وسجَّلت شركة "بوينغ" أيضاً خسارة صافية أعمق من المتوقَّع، كما سجَّلت تحصيلات بلغت 318 مليون دولار ناجمة جزئياً عن خلاف أحد المورِّدين حول عقدها لبناء طائرات نفَّاثة جديدة من طراز "إير فرانس ون".
و أبرز الأداء المضطرب التحديات التي تنتظرها "بوينغ" مع خوضها واحدة من أصعب الامتدادات في تاريخها المستمر منذ قرن من الزمان. وفي الوقت الذي تكثِّف شركة تصنيع الطائرات عمليات تسليم مئات طائرات "ماكس" التي تمَّ بناؤها خلال حظر الطيران الذي استمر لمدة 20 شهراً، أدى تعويض العملاء إلى تقليص المكاسب المفاجئة.
زيادة المخزون
وفي الوقت نفسه، أدى توقُّف عمليات تسليم 787 لمدة خمسة أشهر إلى رفع المخزونات إلى 83 مليار دولار، بزيادة قدرها مليار دولار تقريباً عن الربع السابق.
وقال ديف كالهون كبير المديرين التنفيذيين لشركة "بوينغ" في مذكرة للموظفين:
"قطعنا خطوات مهمة خلال هذا الربع بشكل عام، وعلينا أن نبقى مثابرين، ونحن نواجه هذا الوباء العالمي معاً. لا تزال هناك تحديات، وسنواصل مراقبة بيئة التجارة العالمية بالإضافة إلى اتجاهات كوفيد 19 في جميع أنحاء العالم".
وتراجعت الأسهم بنسبة 2.7% إلى 235.89 دولاراً في تعاملات الأربعاء الصباحية في نيويورك. وتقدَّمت "بوينغ" بنسبة 13% هذا العام حتى يوم الثلاثاء الماضي، بما يتماشى مع مؤشر "ستاندرد آند بورز" لشركات الطيران والدفاع الأمريكية.
و استنزفت "بوينغ"، التي كانت في يوم من الأيام مولِّداً نقدياً رائعاً، حوالي 30 مليار دولار منذ أن أوقفت الهيئات التنظيمية طائرة "ماكس" الأكثر مبيعاً في مارس 2019، بعد حادثين أسفرا عن مقتل 346 شخصاً. وتبلغ الأموال المستهلكة تقريباً ضعف تكلفة إنشاء طائرة نفاثة جديدة تماماً من الصفر، وهي إحدى المهام التي تنتظر شركة "بوينغ"، في الوقت الذي تتعامل فيه مع جهود إعادة بناء ضخمة، وأعباء ديون ثقيلة.
كآبة شديدة
وفي الربع الأول، أعلنت الشًركة التي تتخذ من شيكاغو مقرّاً لها عن خسارة أساسية قدرها 1.53 دولاراً للسهم. كما توقَّع المحللون عجزاً بنسبة 90%، بناءً على متوسط التقديرات التي جمعتها بلومبرغ. وانخفضت الإيرادات بنسبة 10% إلى 15.2 مليار دولار، بزيادة قدرها 100 مليون دولار عمَّا توقَّعه المحللون.
قال كين هربرت، المحلل في "كاناكورد جينيوتي" (Canaccord Genuity)، في مقابلة معه: "لا يزال الوضع كئيباً للغاية. إنْ نظرت إلى هذه الأرقام، فستجد أنَّها مرعبة. لكنَّ النتائج على نطاق واسع في حدود التوقُّعات."
وقال، إنَّ تقرير "بوينغ" كان نظيفاً نسبياً، دون عمليات شطب محاسبية ضخمة جديدة أو تغييرات في معدل الإنتاج التي ميَّزت النتائج الربعية للشركة طوال غالبية العام الماضي.
و لم تقدِّم "بوينغ" توقُّعات مالية مفصلة لمدة عامين، في تذكير بآفاقها غير المؤكَّدة على المدى القريب.
تحديث تشغيلي
ومن المحتمل أن تقدِّم الشركة تحديثاً حول المشكلات التشغيلية، مثل: عيوب التصنيع التي أوقفت تسليم "787 دريملاينر"، وتعديل تصميم للطائرة "777 إكس"، الذي يعدُّ آخر ظهور للطائرة لأول مرة حوالي ثلاث سنوات حتى عام 2023.
ومن بين العيوب الأخرى الأعطال الكهربائية في قمرة القيادة من طائرات "ماكس" التي تمَّ تصنيعها منذ أوائل عام 2019، وهي مشكلة لا تعدُّ كبيرة، لكنَّها لا تزال كافية لتعليق عمليات التسليم منذ 9 أبريل.
وسيرغب المستثمرون أيضاً في معرفة المزيد عن موعد انضمام الصين والهند إلى دول أخرى في إعادة اعتماد بطاقة "ماكس" لتنفيذ الرحلات، بالإضافة إلى مزيد من التفاصيل حول التقدُّم الذي تحرزه "بوينغ" في إخراج مئات الطائرات المتوقِّفة من مخزونها.
و قال روبرت ستالارد، المحلل في "فيرتكال ريسيرش بارتنرز" (Vertical Research Partners)، في مذكرة للعملاء، إنَّه في الوقت الذي تبدو فيه النتائج "غير جيدة بشكل واضح على الأساس المطلق والنسبي، إلا أنَّ هذا ما كان يجب أن يتوقَّعه المستثمرون على نطاق واسع".
وأضاف: "مع عدم وجود تغييرات في النظرة العامة للقسم التجاري في "بوينغ، "وفي غياب إرشادات عام 2021، نعتقد أنَّه من المرجح أن تكون الاستجابة لهذه المجموعة من النتائج صامتة إلى حدٍّ ما".