أعلنت مجموعة "كريدي سويس"، اليوم الخميس، عن خسارة أقل من المتوقَّع بلغت 252 مليون فرنك في الربع الأول من العام الحالي 2021، على الرغم من أنَّه قال، إنَّه طُلب منه إضافة حوالي 1.9 مليار فرنك من رأس المال من قبل المنظِّم السويسري Finma ، الذي بدأ أيضاً إجراءات تنفيذية ضده (الدولار يعادل 1.09 فرنك سويسري).
وقال البنك السويسري، إنَّه يتوقَّع خسائر تصل إلى 600 مليون فرنك (654 مليون دولار) في الربع الثاني من العام الحالي جرَّاء انهيار لشركة "أركيغوس" لإدارة الأصول Archegos Capital Management ، مما زاد من مشاكل البنك بعد الضربة التي بلغت 4.8 مليار دولار من انهيار صندوق التحوُّط الأمريكي "غرينسل كابيتال" (Greensill Capital)، وأدَّت كارثة رأس المال إلى تحمل خسائر كبيرة، وتساءل المستثمرون عن استراتيجية البنك وريادته.
وكان المستثمرون يترقبون معرفة حجم الخسائر التي ستعلن عنها مجموعة "كريدي سويس"، إذ كان من المنتظر أن تعلن عن تكبُّدها أكبر خسائر قبل الضرائب منذ أكثر من أربع سنوات بعد سلسلة من الأخطاء المكلفة.
وكان البنك السويسري قد توقَّع خسارة قبل خصم الضرائب خلال الربع الأول من العام بنحو 900 مليون فرنك (983 مليون دولار) بعد الإعلان عن حجز مخصصات بقيمة 4.8 مليار دولار عن تعرُّضه لشركة "أركيغوس" المملوكة لبيل هوانغ. في حين يرى "جي بي مورغان" أنَّه قد يكون هناك المزيد من عمليات الشطب، والمخصصات مقابل الخسائر المتعلِّقة بانهيار "غرينسل كابيتال".
و تسبَّبت الأزمة الثانية التي بدأت الشهر الماضي بانهيار مجموعة من صناديق الاستثمار بقيمة 10 مليارات دولار تديرها شركة التمويل التجاري "ليكس غرينسل" Lex Greensill في حدوث صدمة جديدة أحدثت اضطرابات خلال حقبة الرئيس التنفيذي توماس غوتشتاين التي كان من المفترض أن تكون أكثر استقراراً.
"مخاوفنا على المدى القريب مرتبطة بالتداعيات الناجمة عن زيادة تكلفة التعرض لغرينسل، وما يترتب عليه من تراجع مفاجئ في إيرادات قطاعات الأعمال الرئيسية بالبنك، ووحدة إدارة الأصول، وزيادة أعباء التحكم في التكاليف بالإضافة إلى التحديات التنظيمية والقانونية المستمرة". أليسون ويليامز ، محلل أول - بلومبرغ إنتليغنس.
و اضطر "كريدي سويس" إلى خفض توزيعات أرباحه، وتعليق عمليات إعادة شراء الأسهم، مما أدَّى إلى تراجع السهم بشدَّة في الوقت الذي تحقق فيه البنوك الاستثمارية حول العالم مكاسب بدعم من تقلُّبات السوق نتيجة جائحة كورونا.
وقال محللون في "سيتي بنك"، استطلعت بلومبرغ آراءهم، إنَّ "كريدي سويس" كان بمقدوره أن يحقق أفضل أداء ربع سنوي منذ أكثر من عقد لولا الأزمات التي تعرَّضت لها المجموعة. وتوقَّع المحللون إعلان البنك يوم الخميس عن خسارة صافية قدرها 790 مليون فرنك سويسري.
ودفعت تلك الأزمات "كريدي سويس" إلى الاعتراف بالحاجة إلى إجراء تغييرات عميقة التي نتج عنها بالفعل تغيير رئيس بنك الاستثمار، ورئيس إدارة المخاطر في وقت سابق من الشهر، بالإضافة إلى مجموعة من المديرين التنفيذيين الآخرين تبعه تغيير مجموعة أكبر من المديرين التنفيذيين في قطاع السمسرة هذا الأسبوع.
وفيما يلي أهم ما يجب التعرف عليه عند إعلان البنك عن أرباح الربع الأول يوم الخميس:
بيع جماعي لأسهم أركيغوس
تخلَّص "كريدي سويس" الأسبوع الماضي من أسهم مرتبطة بأزمة "أركيغوس" لإدارة الأًصول، وقد بلغت قيمتها نحو ملياري دولار، وذلك في ثاني عملية بيع جماعية، بعدما باع البنك الجزء الأكبر من الأسهم في الربع الأول، مما أدَّى إلى تراجع أسهم البنك نظرا ًلما تشير إليه عمليات البيع من تأثره بانهيار "أركيغوس"، واحتمالية لجوئه إلى شطب ما تزيد قيمته عن 4.4 مليار فرنك من الأصول في أسوأ أزمة تتعلَّق بتداولات الأسهم يتعرَّض لها البنك منذ أكثر من عقد.
ولن تتضمَّن نتائج الربع الأول عمليات خفض الانكشافات التي قام بها البنك خلال الشهر الجاري بحسب مصادر مطَّلعة على الأمر التي قد تصل قيمتها إلى نحو 400 مليون دولار بحسب تقديرات لمحللين في "جي بي مورغان".
وكتب المحللان كيان أبو حسين، وأميت رانغان في مذكرة إلى العملاء "بشكل عام نرى أنَّ هذه المبيعات تضع المزيد من علامات الاستفهام حول إدارة المخاطر ، وحجم الانكشاف على "أركيغوس"، لأنَّنا لا نعرف ما إذا كان هناك المزيد من تلك المبيعات، لذلك نعتقد أنَّ "كريدي سويس" بحاجة إلى إغلاق تلك القضية تماماً، وغلق باب الاجتهادات".
انهيار غرينسل
سدَّد "كريدي سويس" حتى الآن نحو نصف قيمة أصول الصناديق التي تديرها "غرينسل" والبالغ قيمتها 10 مليارات دولار قبل أن يقوم بتجميد عمليات السداد في مارس بسبب عدم اليقين بشأن التقييم، وهو ما ينذر بخسائر فادحة قد يتكبَّدها المستثمرون في الصناديق، ومن بينهم أكثر عملاء البنك ثراء، وذلك بعدما أعلن "كريدي سويس" الأسبوع الماضي عن احتمال عدم قدرته على سداد القيمة الكاملة لأصول تبلغ قيمتها 2.3 مليار دولار.
ولا يمكن الوقوف على أثر ذلك التطور على أرباح البنك في المدى القريب مع احتمال تراكم تكاليف التقاضي بمرور الوقت.
و حذَّر البنك في وقت سابق من التعرُّض لأزمة مالية أخرى، فقد أشارت مصادر مطَّلعة، إلى دراسة البنك بيع بعض الأصول المتعثِّرة في صناديق مرتبطة بـ"غرينسل" وبيع ديون بخصم على شركات متعثِّرة.
كما يتجه البنك السويسري إلى تحميل العملاء بعض تكلفة الخسائر النهائية في ظل تقديره أنَّ المخاطر المحيطة بـ"غرينسل" كانت معلنة، فقد تمَّ تسويق تلك الاستثمارات فقط للمستثمرين القادرين على تقييم مثل هذه المخاطر بحسب ما قالت مصادر مطَّلعة.
التخلص من مخاطر السمسرة
يخطط "كريدي سويس" في الوقت الحالي إلى إجراء إعادة هيكلة شاملة لأعمال صناديق التحوُّط المرتبطة بأزمة "أركيغوس كابيتال". فقد ذكرت مصادر مطَّلعة، أنَّ البنك يدرس تقليص أعمال ذراعه الرئيسي لعمليات السمسرة بشكل كبير في الأشهر المقبلة.
وقام البنك بالفعل بتشديد شروط التمويل مع بعض الصناديق، وأصدر توجيهات بتغييرات في بعض الموظفين، وعلى رأسهم تنحي الشركاء المؤسسين للوحدة جون دابس، وريان نيلسون.
ويراقب المستثمرون المزيد من التغييرات ونتائجها بشأن الحدِّ من مخاطر التعرُّض لمزيد من الأزمات في المستقبل، إذ تعدُّ وحدة السمسرة من المصادر المهمة لإيرادات البنوك الاستثمارية.
إدارة الأصول
قد يتخذ "كريدي سويس" مزيداً من الإجراءات في وقت قريب بشأن وحدته لإدارة الأصول التي تدير أصول بقيمة 440 مليار فرنك سويسري، التي كانت مسؤولة بشكل رئيسي عن أزمة "غرينسيل". ولكن يبقى حجم وحدة إدارة الأصول بالبنك صغيرة بالدرجة التي لا تمكِّنها من المنافسة عالمياً، وخاصة بعد فقد إدارتها التركيز بسبب تداعيات انهيار شركة التمويل التجاري.
وهناك مجموعة من الاحتمالات لقرار البنك بشأن وحدة إدارة الأصول، التي تتراوح بين احتمال بيع جزء منها، أو الاتجاه إلى إدراجها في البورصة، وقد تصل عوائد بيع الوحدة بأكملها إلى 5 مليارات فرنك، إذ يرتبط التقييم بحجم الصفقات التي أدارتها الوحدة من قبل.
وذكرت مصادر مطَّلعة اهتمام "أليانز" Allianz SE إلى جانب شركات أخرى بالاستحواذ على وحدة إدارة الأصول في "كريدي سويس".
