عرض العملاقة الإماراتية البالغ 13 مليار دولار يتجاوز التحديات التقنية والمالية ويشكل نقطة تحول في الاستحواذات المستقبلية

أدنوك تذلل عراقيل الصفقات الألمانية التقليدية في صفقة "كوفيسترو"

لافتة تحمل شعار شركة "كوفيسترو" خارج مقرها الرئيسي في ليفركوزن، ألمانيا - المصدر: بلومبرغ
لافتة تحمل شعار شركة "كوفيسترو" خارج مقرها الرئيسي في ليفركوزن، ألمانيا - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

- مقال رأي

أول سؤال يُطرح في بداية أي عملية استحواذ في ألمانيا، وهو كيف ستبدو الصفقة في النهاية؟ فعادة ما تكون عملية شراء شركة مدرجة في بورصة فرانكفورت أمراً معقداً، حيث تضغط صناديق التحوط لرفع السعر، بينما يرافق ذلك احتجاجات من العمال والساسة. لكن العرض الذي قدمته شركة بترول أبوظبي الوطنية "أدنوك" بقيمة 12 مليار يورو (13 مليار دولار) للاستحواذ على شركة "كوفيسترو" (Covestro AG) قد يتجنب هاتين العقبتين، ويمهد الطريق لمزيد من الاستحواذات مستقبلاً.

"أدنوك" تتجاوز العقبات الألمانية

التحدي الأول الذي تواجهه مثل هذه الصفقات هو الجانب التقني. فغالباً ما يسعى مقدمو العطاءات، سواء من الشركات أو المستثمرين في الملكية الخاصة، إلى الاستحواذ على 75% من أسهم الشركة الألمانية المستهدفة، وهو المستوى الذي يتيح لهم تنفيذ اتفاقية هيمنة تمكنهم من التحكم الكامل في استراتيجية الشركة والوصول المباشر إلى الأموال المتدفقة عليها. ويسمح هذا للمستثمرين في عمليات الاندماج بإجبار مقدمي العروض على دفع المزيد للحصول على الحصة المتبقية التي تضمن هذه الهيمنة.

لكن على عكس المعتاد، "أدنوك" ليست مشترياً تقليدياً من القطاع يسعى إلى إدارة "كوفيسترو" بشكل مباشر، أو تحقيق التكامل من خلال دمجها مع عملياته الأكبر حجماً. بالعكس، ترغب "أدنوك" في الإبقاء على الإدارة الحالية والاستمرار في تنفيذ الاستراتيجية الحالية للشركة، وتهدف من وراء الصفقة إلى تنويع أعمالها عبر اختراق قطاع الكيماويات والابتعاد عن النفط.

علاوة على ذلك، لا تحتاج "أدنوك" إلى السيطرة على الأموال المتدفقة إلى "كوفيسترو" لتمويل الديون كما هو الحال في عمليات الاستحواذ التقليدية من قبل مستثمري الملكية الخاصة. بل على النقيض أيضاً من ذلك، ستضخ الشركة 1.2 مليار يورو، وبالتالي يمكنها التخلي منذ البداية عن السعي لإبرام أي اتفاقية هيمنة، والاكتفاء بحصة 50% زائد سهم واحد. ومن المحتمل تقديم عرض لاحق لشطب "كوفيسترو" من البورصة، لكن هذه الصفقة قد تكون أقل إثارة للجدل مقارنة بعمليات الاستحواذ السابقة في ألمانيا.

تقييم صفقة "كوفيسترو"

فيما يتعلق بالسعر، فإن العرض المقدم بقيمة 62 يورو للسهم يمثل زيادة بنسبة 54% فوق سعر سهم "كوفيسترو" في يونيو 2023، قبل أن تكشف "بلومبرغ نيوز" عن اهتمام "أدنوك" بالاستحواذ على الشركة. وعلى الرغم من أن أسواق الأسهم ارتفعت منذ ذلك الحين، إلا أن أسهم العديد من الشركات النظيرة لـ"كوفيسترو" في قطاع الكيماويات لم تحقق تقدماً ملحوظاً. وبالتالي، فإن العلاوة المقدمة في العرض تُعتبر مرتفعة وجذابة.

بعد عدة أشهر من ترقب الصفقة، لا يزال السعر المتفق عليه أعلى بنسبة 8% من إغلاق يوم الإثنين، وأكثر 35% فوق متوسط السعر المستهدف من قبل المحللين قبل الإعلان عن المفاوضات.

تُقدر الصفقة بقيمة 15 مليار يورو تقريباً، بما في ذلك الديون الصافية المفترضة، وهو ما يعادل أكثر من تسعة أضعاف الأرباح المتوقعة قبل احتساب الفوائد والضرائب والإهلاك والاستهلاك. وبالمقارنة، يتم تداول أسهم شركة "بي إيه إس إف" (BASF SE) بمكرر ربحية سبع مرات. لكن التحدي الأكبر قد يكون في الجانب السياسي، حيث يمكن أن تثير عملية استحواذ شركة مموكة لدولة أجنبية على مؤسسة رئيسية في قطاع الكيماويات الألماني بعض المخاوف، خاصة في وقت يواجه فيه القطاع الصناعي في ألمانيا تحديات أوسع. ومع ذلك، فإن التزام "أدنوك" بالإبقاء على الإدارة الحالية وتحفيز الاستثمار قد يصعب الاعتراض على الصفقة.

لكن السؤال الأهم هو: هل سيرغب المساهمون الحاليون في شركة "كوفيسترو" بضخ استثمارات بهذا الحجم؟ أعتقد أن هذا الأمر قد ينعكس سلباً على سعر السهم، لأن المستثمرين قد لا يكونون مستعدين لدفع هذا القدر الكبير.

فرص في السوق الألمانية

تضم ألمانيا العديد من الأصول الصناعية الجيدة التي تُتداول أسهمها بأسعار منخفضة في السوق. في الوقت نفسه، هناك العديد من الجهات التي تخصص رؤوس أموال ضخمة من أجل عمليات الاستحواذ، خاصة المشترين السياديين في الخليج الذين يبحثون عن فرص استثمارية جديدة.

ختاماً، وعلى الرغم من أن هذه الصفقة كانت قيد التحضير لفترة طويلة، ولا تزال بعض الشكوك قائمة قبل إتمامها. إلا أنها قد تشكل نقطة تحول رئيسية تشجع المزيد من عمليات الاستحواذ في المستقبل.

اضغط هنا لقراءة المقال الأصلي
هذا المقال لا يعكس موقف أو رأي "الشرق للأخبار"وهو منشور نقلا عن Bloomberg Mediaولا يعكس بالضرورة آراء مجلس تحرير Bloomberg أو ملاكها
تصنيفات

قصص قد تهمك