في الصين، من الجيد أن تكون ثريا، لكن ليس غنيا جدا حيث إن الوصول إلى قمة تصنيفات المليارديرات ينطوي على مخاطر كبيرة. وما عليك سوى إلقاء نظرة على أولئك الذين كانوا في السابق من بين الأثرياء. جميعهم وقعوا في مشاكل مع حكومة بكين سواء كانوا مطوري عقارات أو رؤساء شركات تقنية كبار.
أجبرت الحكومة وانغ غيانلين، مؤسس شركة "داليان واندا" للعقارات التجارية وأغنى شخص في الصين منذ وقت قريب في عام 2016 على تصفية أصوله الخارجية بعد عام عندما بدأت بكين حملة جادة لتخفيف ديون الشركات.
وطلبت الحكومة من هيو كا يان، أغنى أغنياء الصين في عام 2017، تقليص الديون بعد أن تجاوزت شركة "تشاينا إفرغراند"، أكبر مطور عقاري، الخطوط الحمراء الثلاثة الجديدة في البلاد.
وأشهر ملياردير قدمته بكين هو، بالطبع، جاك ما، مؤسس شركة "علي بابا". ووفقا للعديد من التقارير الإخبارية، قام الرئيس الصيني شي جين بينغ شخصيا بإلغاء الاكتتاب العام الأولي في شركة "ما" بقيمة 35 مليار دولار في أوائل نوفمبر الماضي، غاضبا من انتقاد الملياردير التكنولوجي الصريح للبنوك المملوكة للدولة في الصين.
ولم يسلم بوني ما مالك شركة "تينسنت هولدينغز"، الذي يتنافس مع "جاك" في السنوات الأخيرة على المركز الأول في أغنياء الصين.
وجرى استدعاؤه مؤخرا من قبل هيئات الرقابة في بكين لمناقشة قضايا الامتثال لمكافحة الاحتكار.
لعنة الثروات الضخمة
وتجتذب الثروة البارزة التدقيق غير المرغوب فيه. وتكون حكومة بكين أكثر حذرا من المطورين الأغنياء لأنهم غالبا يعانون من تراكم الديون لتغذية التوسع لديهم، مما يعرض الصحة المالية للشركات الصينية للخطر.
وتراقب الحكومة شركات التكنولوجيا الكبيرة بنفس قدر تضخمها. ويثير تغلغل شركتي "على بابا" و"تينسنت" في جوانب الاقتصاد المختلفة مسألة نفوذهما الاحتكاري، والذي يمكن أن يخنق الابتكار ويشكل أيضا مخاطر نظامية على المجتمع الصيني.
إذن، ما هي الطرق الذكية للمليارديرات للاحتفاظ بثرواتهم مع الحفاظ على صحة موقفهم رسميا؟ فيما يلي ثلاثة اقتراحات:
أولا، تبرع للجمعيات الخيرية. إذا كان عليك أن تكون أغنى أغنياء الصين، فيجب أن تكون أيضا الأكثر نشاطا في مجال الأعمال الخيرية في البلاد. على سبيل المثال هناك كولين هوانغ، مؤسس شركة "بيندودو"، شركة التجارة الإلكترونية الناشئة التي دفعه صعود أسهمها الحاد إلى المرتبة الرابعة في التصنيف العالمي للأغنياء.
ومن حيث المستخدمين النشطين، تجاوزت الشركة البالغة من العمر ست سنوات مكانة شركة على بابا كأكثر موقع للتسوق عبر الإنترنت شهرة.
الانتقال للأسفل
في الصيف الماضي، تبرع "هوانغ" بحصة أكبر من 10 % من شركة "بيندودو" لأنشطة الأعمال الخيرية والبحث العلمي.
أدى ذلك، إلى جانب نقل ملكية بنسبة 2.7 % إلى مستثمر أخر، لانخفاض صافي ثروته بأكثر من 10 مليارات دولار، وفقا لمؤشر وكالة " بلومبرغ " للمليارديرات.
وتبلغ الآن ثروته 46.3 مليار دولار، أي على بعد 16 مليار دولار من " تشونغ شان شان"، رئيس شركة المياه المعبأة " نوغفو سبرينغ"( Nongfu Spring Co. Ltd.) ، أغنى شخص حاليا في الصين.
واستقال "هوانغ" مؤخرا من منصب رئيس الشركة للتركيز على ما هو أهم، الأمر الذي لم يؤد فقط إلى انخفاض أسهم شركة "بيندودو"، بل كلفه شخصيا 4 مليارات دولار أخرى تراجعا في قيمة ثروته.
وهنا نشير إلى أن جميع بيانات الثروة الصافية والترتيب المذكورة في هذا المقال تعبر عن سعر الإغلاق للأسهم في تاريخ من 26 مارس 2021.
أنا لا أستخف بأعمال " هوانغ " الخيرية، لكن الانتقال إلى أسفل الترتيب مهم في الصين الاشتراكية على الجانب الحكومي الرسمي، والعمل الخيري وسيلة جيدة لإظهار نكران الذات.
وربما يكون قد خفف ذلك من حدة بعض الانتقادات هذا العام بشأن نبأ وفاة موظفين شابين، حيث أثارت الحادثتان نقاشات حول ساعات العمل الطويلة في شركات التكنولوجيا الكبرى. وتعرضت شركة "بيندودو" لاتهام قوي بشكل خاص، لكن لا يمكنك أن تنتقد الشخص الذي يتبرع بماله ووقت فراغه للعلوم الطبية.
المنافس الاستباقي
ولا يضاهي "هوانغ" منافسه هوي ايفرغراند، ففي عام 2020، و مع تبرعات بقيمة 3 مليارات يوان، احتل "هوي" المرتبة الأولى كأكثر الأشخاص المساهمين في الأعمال الخيرية في الصين ، للعام الرابع على التوالي، وفقا لموقع "جيميان" الإخباري.
كان الملياردير استباقيا بطريقة خاصة في التعامل مع تفشي وباء كوفيد-19، حيث حول الأموال إلى مدينة " ووهان " بعد يوم واحد من إغلاقها وتبرع بملايين الدولارات للبحوث الطبية.
يعرف "هوي" كيفية ضبط علاقته بجكومة بكين، بعد أن انخرط في مواجهة خطيرة مع الحكومة بشأن تسببه في ارتفاع أسعار المساكن ونمو شركته المدفوع بالديون.
ثانيا: تعديل هيكل حصة ملكيتك. كما أشرت في الماضي، فإن تصنيفات المليارديرات حول العالم مشوهة بشدة بسبب أسعار الأسهم، في حين أن الثروة الخاصة - مثل حصص الفرد في رأس المال الاستثماري يجري تجاهلها عمليا.
نتيجة لذلك، أصبح المليارديرات في مجال شركات التكنولوجيا الكبرى والتكنولوجيا الخضراء، مثل جيف بيزوس مالك شركة " أمازون " و "إيلون ماسك" مالك شركة "تسلا"، من أغنى المليارديرات في العالم.
تحجيم الثروة
في المقابل يتعين على المليارديرات الصينيين في مجال التكنولوجيا اكتشاف كيفية احتواء الطريقة التي يرتفع بها صافي ثرواتهم عندما ترتفع أسهم شركاتهم في السوق.
للقيام بذلك، يمكن أن يكون هيكل المشاركة من فئة مزدوجة مفيدا. وغالبا ما يستخدم رواد الأعمال في مجال التكنولوجيا هذه الإستراتيجية للاحتفاظ بالسيطرة، حيث تسعى شركاتهم الناشئة إلى جولات من تمويل رأس المال الاستثماري ثم إدراجها في البورصة لاحقا، لكن يمكن لرجال الأعمال الصينيين استخدامه للحد من تصنيفهم بين المليارديرات أيضا.
ألق نظرة على "هوانغ" مالك شركة " بيندود " مرة أخرى. عندما كان لا يزال رئيس مجلس الإدارة ، أعطته أسهمه من الفئة "B"- والتي منحته 10 أضعاف حقوق التصويت المقارنة بأسهم من الفئة "A" - سيطرة بنسبة 80 % في الشركة.
من حيث "الملكية النفعية"، كان لديه 29% فقط من الأسهم، لأن فئتي الأسهم لهما نفس الحقوق الاقتصادية. الحصة البالغة 29 % هي ما تنظر إليه تصنيفات المليارديرات عند تقديرهم لصافي الثروة الفردية.
بعبارة أخرى، إذا كنت من مؤسسي شركة "يونيكورن" الصينية الطموحة وعلى أعتاب اكتتاب عام أولي ضخم، فمن المفيد أن يكون لديك هيكل من فئة مزدوجة. يمكنك الاحتفاظ بالسيطرة ولكن تقليل الأرقام الكبيرة الصارخة التي ستجذب انتباه حكومة بكين.
إنشاء التحالفات
ثالثاً: لا تخجل من إنشاء التحالفات. يمتلك "هوي" مالك شركة" ايفرغراند" جوهرة التاج في صافي ثروته غير محسوب.
يمتلك الرجل أكثر من 70 %" من "تشاينا ايفرغراند"، والتي بدورها تمتلك أكثر من 70 % من " تشاينا ايفرغراند نيو إنريجي فايكل" كجزء من مسيرة التكنولوجيا الخضراء العالمية.
وارتفعت القيمة السوقية لشركته الفرعية للسيارات الكهربائية بنسبة تزيد عن 1000 % في العام الماضي لتصل إلى 76 مليار دولار، أي أعلى بكثير من القيمة السوقية للشركة الأم البالغة 25 مليار دولار.
وباستخدام تقديرات تقريبية، إذا كان صافي ثروة "هو " يعتمد على وحدة السيارات الكهربائية مع تخصيص قيمة صفرية للأسهم لجميع أعماله الأخرى، فسيكون خامس أغنى شخص في الصين.
ومع ذلك، حصل "هوي" في تصنيفات الملياردير، فقط على رصيد لحصته في شركة " تشاينا ايفرغراند"، وبالتالي فهو أفقر بحوالي 20 مليار دولار!، بفضل خصم قيمة أصول التحالف، وأصبح الآن يقبع بسعادة في المرتبة 13 في قائمة أغنى رجل في الصين، بثروة صافية تبلغ 23 مليار دولار فقط.
وماذا عن أكبر ملياردير في الصين؟ ألا يجب أن يكون قطب أعمال المياه المعبأة متوترا؟. أولا، لا يعمل " تشونغ " في قطاعي العقارات والتكنولوجيا المتقلبين.
كما إنه أيضا فاعل خير. ويمتلك " تشونغ " حصصا مسيطرة في شركة صناعة لقاح وأدوات اختبار فيروسات التهاب الكبد الوبائي.
أخيرا، إذا قرر أن يكون رقم 1 ليس مناسبا له، فيمكنه التنازل عن قوائم الملياردير ببساطة عن طريق التخلي عن بعض حصته البالغة 84% في الشركة. لن يخسر أي شيء ملموس لأنه ثروته مسألة محاسبية ويمكنه النوم مرتاح البال.