استطاع "القطب المالي للدار البيضاء" في المغرب الحفاظ على المرتبة الأولى أفريقياً للسنة الثامنة توالياً، بدعم من توفير بيئة أعمال تقوم على أربع نقاط رئيسية: الحوافز الضريبية، وتسهيل الإجراءات للمستثمرين، وعقد شراكات مع المراكز المالية الدولية، والاهتمام بتكوين الكفاءات في المجال المالي، بحسب عبد الغني لخضر، الكاتب العام للقطب بمقابلة مع "الشرق".
المركز المالي الذي جرى تأسيسه قبل 15 عاماً في عاصمة المملكة الاقتصادية، يضم حالياً 215 شركة تغطي أنشطتها 115 بلداً من بينها 50 دولة أفريقية، وتمثل المقرات الإقليمية للشركات متعددة الجنسيات النسبة الأكبر بحوالي 40%. ويحتل المرتبة الثالثة في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا بين المراكز المالية بعد دبي وأبوظبي.
وقبل بضع سنوات، افتتح "القطب" مكتباً تمثيلياً بمدينة دبي في الإمارات العربية المتحدة؛ "وبات هذا المكتب اليوم يلعب دوراً مهماً في جذب الشركات، حيث يسهم بحصة تصل إلى 20% من إجمالي طلبات التسجيل التي يتلقاها المركز سنوياً"، وفق لخضر.
مزايا "القطب"
يُنوّه الكاتب العام بأن الشركات المتواجدة في "القطب" حافظت العام الماضي على وتيرة النمو رغم الظروف الدولية المضطربة بتحقيقها إيرادات ناهزت 1.4 مليار دولار، نسبة 60% منها من شركات دولية نصفها من القارة الأفريقية. لافتاً إلى أن المركز المالي ساهم في خلق 7000 وظيفة مباشرة محلياً.
عام 2014، دخل "القطب" مؤشر المراكز المالية العالمية (GFCI)، وبعد ذلك بسنتين تم تصنيفه بالمرتبة الأولى في أفريقيا؛ "مستفيداً من عناصر أبرزها الجوانب الضريبية التي تُوازن بين الجاذبية والاستجابة للمعايير الدولية، إلى جانب الموقع الاستراتيجي للبلاد وانفتاحها على القارة الأفريقية"، على حد قول لخضر.
وتستفيد الشركات العاملة في "القطب" من إعفاء من ضريبة الشركات لمدة 5 سنوات الأولى، وتخضع بعد ذلك لنسبة ستصل تدريجياً إلى 20% بحلول سنة 2026، بينما هي اليوم 17.5%.
شركات عالمية
تتواجد في "القطب" شركات عالمية من قطاعات عدّة، كالبنوك التجارية والاستثمارية، وشركات التأمين، وصناديق الاستثمار، وشركات إدارة الأصول، ومكاتب الاستشارة والمحاماة، إضافةً إلى الشركات متعددة الجنسيات التي تدير أعمالها القارية انطلاقاً من العاصمة الاقتصادية للمملكة.
تبلغ المساحة العقارية المخصصة للمركز المالي مائة هكتاراً. ويتضمن حالياً مساحة مكتبية إجمالية تبلغ 35 ألف متر مربع، موزعة على 3 مبانٍ شيدها القطب المالي نفسه لتوفير معروض أولي من المكاتب؛ "كما توجد حالياً مشاريع كبرى من قِبل مطورين مستقلين ستعزز المساحة المكتبية الإجمالية بشكلٍ مضاعف"، بحسب لخضر.
أبرز المنضمين مؤخراً إلى القطب الشركة السعودية للصادرات الصناعية" (صادرات)، والشركة الكورية "هنكوك" للإطارات، و"جي إي أيروسبيس" الأميركية الرائدة في تصنيع المحركات للطيران التجاري والعسكري، و"كوميرز بنك" الألماني، بحسب المعطيات التي حصلت عليها "الشرق".
وسبقتها مجموعة من الشركات العملاقة، من بينها المجموعة الأميركية الدولية "AIG" في مجال التأمين، و"بنك الصين"، و"بي إن بي باريبا"، ومكاتب الاستشارات العالمية "ديلويت" و"ماكنزي" و"بي سي جي"، إضافة إلى "ماستر كارد"، و"هواوي" الصينية، وكلها يجمعها الاهتمام بالقارة الأفريقية.
يؤكد الكاتب العام للقطب أن "العمل مستمر على استقطاب الشركات ذات القيمة المضافة، لاسيما بمجال الخدمات المالية وصناديق الاستثمار، وهذا الأمر يحتاج وقتاً للتعريف بالمزايا المتوفرة لدينا وإقناع المستثمرين بالاختيار، لأن هناك مراكز أخرى منافسة بشكل مستمر، داخل القارة الأفريقية وخارجها".
ويتماشى الاهتمام باستقطاب هذا الصنف من الشركات مع جهود يقودها صندوق محمد السادس للاستثمار إذ من المرتقب أن يختار هذا العام جهات لإدارة صناديق استثمارية خاصة بالشركات الناشئة بهدف تشجيع صناعة رأس المال الاستثماري في المملكة، ويُرتقب أن تجمع هذه الشركات ما يناهز ملياري دولار في السنوات الخمس المقبلة، بحسب تقرير سابق لـ"الشرق".