تلقت "أرامكو" السعودية طلبات لشراء كامل أسهم الطرح الثانوي البالغ قيمته 12 مليار دولار بعد وقت قصير من طرح الأسهم في وقت سابق من يوم الأحد، في منحة للحكومة التي تسعى للحصول على تمويلات تساعدها في دفع تكاليف خطة التحول الاقتصادي الضخمة.
تلقت الحكومة طلباً لشراء جميع الأسهم المعروضة في غضون ساعات قليلة بعد فتح الاكتتاب، وفقاً لشروط الصفقة التي اطلعت عليها "بلومبرغ ". وتمت تغطية الاكتتاب في نطاق سعري يتراوح بين 26.70 ريال و29 ريالاً، رغم أنه لم يكن من الواضح على الفور حجم الطلب من المستثمرين الأجانب.
انخفض سعر السهم بنسبة 2.9% إلى 28.30 ريال يوم الأحد، وهو ما يقيّم "أرامكو" عند نحو 1.8 تريليون دولار. كان السهم قد تراجع بنسبة 14% تقريباً في بداية هذا العام، بعد أن ذكرت "بلومبرغ نيوز" لأول مرة عن نية الحكومة بيع حصة في الشركة. ويتم تداول السهم حالياً عند أدنى مستوياته منذ أكثر من عام.
جذب الطرح العام الأولي القياسي للشركة بقيمة 29.4 مليار دولار في عام 2019 طلبات بلغت 106 مليارات دولار. وبالنسبة لعملية بيع الأسهم الأخيرة، ستتحول الأنظار نحو المستثمرين الأجانب الذين رفضوا إلى حد كبير توقعات التقييم خلال الإدراج الأولي، تاركين الحكومة السعودية تعتمد على المشترين المحليين.
عوائد كبيرة
من أهم فوائد العرض هي فرصة جني أرباح واحدة من أكبر شركات القطاع توزيعاً للأرباح. فالمستثمرون المستعدون لتجاوز التقييم المرتفع ونقص عمليات إعادة الشراء سوف يستفيدون من توزيعات سنوية قدرها 124 مليار دولار، والتي تشير إلى عائد على الاستثمار يُقدر بـ 6.6% بحسب تقديرات "بلومبرغ إنتليجنس".
توزيعات أرامكو السعودية الضخمة تغازل المستثمرين الجدد
تمتلك الحكومة السعودية نحو 82% من شركة "أرامكو"، بينما يمتلك صندوق الثروة السعودي حصة تبلغ 16%. وستظل الحكومة السعودية المساهم الرئيسي بعد الطرح الذي كان يجري العمل عليه منذ سنوات.
صرّح ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان في عام 2021 عن نية الحكومة بيع المزيد من أسهم "أرامكو" في المستقبل. واكتسبت هذه الخطط زخماً قبل عام، عندما بدأت المملكة العمل مع مستشارين لدراسة جدوى عرض لاحق.
تعد الصفقة واحدة من بين أكبر عمليات بيع الأسهم على مستوى العالم منذ إدراج "أرامكو"، وستساعد العائدات في تمويل مبادرات تنويع الاقتصاد، مع توجه المملكة نحو الذكاء الاصطناعي والرياضة والسياحة ومشاريع مثل "نيوم".
مساعٍ لتنويع التمويلات
ويضيف بيع حصة في الشركة إلى جهود الحكومة السعودية لجمع الأموال بهدف سد عجز الميزانية. وجلبت مبيعات الديون الدولية هذا العام 17 مليار دولار للمملكة، أي أكثر من إصدارات أي دولة أخرى في الأسواق الناشئة، وفقاً للبيانات التي جمعتها "بلومبرغ". كما باعت السعودية أيضاً ديوناً محلية بالريال بقيمة 25.5 مليار دولار، ارتفاعاً من أقل بقليل من 20 مليار دولار التي جمعتها خلال نفس الفترة من العام الماضي.
بدأت الحكومة عملية بيع أسهم "أرامكو" قبل ساعات من اجتماع "أوبك+" لمناقشة سياسة إنتاج النفط. ولدى المجموعة اتفاق مبدئي لتمديد قيود العرض حتى نهاية العام، وفقاً للمندوبين، الأمر الذي من شأنه أن يبقي إنتاج المملكة بالقرب من أدنى مستوياته في ما يقرب من نحو ثلاث سنوات.
تأتي الصفقة في فترة تشهد المملكة طلباً قوياً على مبيعات الأسهم الجديدة. ففي الأسابيع الأخيرة، اجتذبت طروحات أولية لأربع شركات طلبات بقيمة 176 مليار دولار، حيث توافد مديرو الصناديق على الصفقات التي قدمت عوائد شبه مضمونة على مدى العامين الماضيين.
تعمل الحكومة مع مجموعة من البنوك بشأن عملية البيع. حيث تتعاون مع (M. Klein & Co) كمستشار مالي مستقل إلى جانب شركة (Moelis & Co).
مديرو الطرح
ويعمل "إس إن بي كابيتال" كمدير رئيسي لعملية الطرح، كما أنه منسق عالمي مشترك إلى جانب "سيتي غروب" و"غولدمان ساكس غروب" و"إتش إس بي سي كابيتال" و"جي بي مورغان تشيس" و"بنك أوف أميركا" و"مورغان ستانلي". ويتولى إدارة سجل الأوامر "الراجحي المالية"، و"بي أو سي إنترناشيونال"، و"بي إن بي باريبا إس إيه"، و"تشاينا إنترناشيونال كابيتال كورب"، و"المجموعة المالية هيرميس"، و"الرياض المالية"، و"السعودي الفرنسي كابيتال"، و"يو بي إس".
سبق لبعض هذه البنوك أن عملت في الاكتتاب العام الأولي لشركة "أرامكو"، وقد تم دفع ما يزيد قليلاً عن 100 مليون دولار مقابل عملها. وتُعد هذه الرسوم الصغيرة نسبياً شائعة في المنطقة. وللمقارنة، تقاسمت بنوك من ضمنها "غولدمان" و"جي بي مورغان" نحو 60 مليون دولار لمساعدة شركة "بيلوتون إنترأكتيف" على جمع 1.2 مليار دولار في عام 2019.
لم تحدد الحكومة بعد المبلغ الذي ستتقاضاه البنوك من الصفقة الأخيرة. وبدلاً من ذلك، ذكرت نشرة الإصدار أن المملكة ستدفع رسوماً لمديري الاكتتاب على أساس القيمة الإجمالية للطرح بالإضافة إلى النفقات المرتبطة ببيع الأسهم.
وإجمالاً، تخطط السعودية بيع 1.545 مليار سهم، أي ما يمثل حصة قدرها 0.64%. ويمكن للحكومة جمع مبلغ إضافي قدره 1.2 مليار دولار إذا مارست خيار بيع المزيد من الأسهم كجزء من الطرح.