أفضل ما قد يُقال عن مبيعات الربع الأول لـ"تسلا"، التي نُشرت الثلاثاء، هو أن الشركة قد استعادت عرش أكبر صانعة للمركبات الكهربائية التي تعمل بالبطاريات في العالم. قد يتمسك معجبوها الأكثر تفاؤلاً بذلك. أما البقية، فعليهم كبت حماستهم.
قبل يوم الثلاثاء، كان التقدير الذي يحظى بإجماع الآراء لتسليمات مركبات "تسلا" يتراجع بوتيرة سريعة. توقّع المحللون قبل عام أن تبيع "تسلا" نحو 530 ألف مركبة في الربع الأول من 2024، لكن في مطلع العام خفضوا توقعاتهم إلى نصف مليون مركبة، ثم خفضوها مجدداً إلى أقل قليلاً من 450 ألفاً.
أتت مبيعات "تسلا" أضعف من ذلك بنسبة 14%، إذ سجلت مبيعات أدنى بقليل من 387 ألف مركبة. صحيح أنها تفوقت مع هذا على منافِستهاالرئيسية "بي واي دي"، التي تخطت مبيعات "تسلا" في الربع الرابع من 2023، ولكن ذلك كان لأن مبيعات "بي واي دي" من السيارات الكهربائية التي تعمل بالبطاريات تراجعت بأكثر من ذلك.
هذا هو أول تراجع على أساس سنوي في تسليمات "تسلا" من المركبات منذ الجائحة.
تراجع المبيعات
شهدت المبيعات تراجعاً في قطاع عريض من الفئات. رغم إضافة شاحنة "سايبرترك" في نهاية 2023، بلغت المبيعات من الطرازات الأغلى نحو 17 ألف مركبة، أي في النطاق المعتاد بين 15 ألفاً و20 ألف مركبة. كما كانت مبيعات طرازي "موديل 3" و"موديل واي" الأساسية ضعيفةً، إذ بلغت أدنى معدلاتها منذ صيف 2022.
اقرأ أيضاً: "تسلا" تسجل مبيعات دون التوقعات في أول انخفاض منذ 2020
عزت "تسلا" ذلك إلى عوامل عدة مرتبطة بالإنتاج واللوجستيات، بما في ذلك التحديثات التي أدخلتها على "موديل 3"، وانقطاع التيار الكهربائي الذي أثّر على مصنعها قرب برلين، واضطرابات الشحن في الشرق الأوسط. رغم ذلك، ظل الإنتاج متقدماً على التسليمات بأكبر فارق حتى الآن، وهو أكثر من 46 ألف مركبة. خلال سبعة من أصل الفصول الثمانية السابقة، كان إنتاج "تسلا" من المركبات يفوق ما باعته.
النتيجة الفورية لذلك، هي أنه في ظل أن "تسلا" لم تحقق حتى أدنى التوقعات في جدول إجماع "بلومبرغ"، لا بد من تجاهل التقديرات المالية للربع الأول. كانت السردية التي بدأت في مطلع 2023 هي سلسلة من تخفيضات الأسعار التي فشلت في إطلاق شرارة تعافي المبيعات، ما أثّر سلباً بشكل كبير على هوامش الأرباح.
تستدعي هذه الأرقام وقفة للمحاسبة حين تُعلن النتائج المالية خلال ثلاثة أسابيع. نظراً لاستثمار الشركة في شاحنة "سايبرترك"، فإن ما يبدو بداية بطيئة لها، أو ضعف مبيعات طرازي "موديل إس" و"موديل واي"، سيؤثر على الهوامش. إضافة لذلك، يمثل التكدس الكبير في مخزون السيارات الجاهزة، وهو ما يستنزف رأس المال المتداول، رياحاً معاكسة هائلة للسيولة النقدية.
مراجعات مطلوبة
عند النظر إلى العام بأكمله، كانت توقعات المحللين تشير إلى تسليم "تسلا" أكثر بقليل من مليوني مركبة في 2024، ويشير ذلك إلى نمو يبلغ 11% فحسب. لكن بعد الإعلان عن هذه الأرقام، ستحتاج "تسلا" إلى أن تبيع نحو 543 ألف مركبة في المتوسط في كل من الفصول الثلاثة المقبلة، لكي تحقق ذلك النمو.
سيكون ذلك تحولاً ملحوظاً ليس فقط عن الربع المنتهي، ولكن أيضاً عن أفضل ربع شهدته الشركة حتى الآن، وهو الربع السابق، حين سلّمت نحو 485 ألف مركبة. بخلاف تقديرات الربع الأول، فإن توقعات الأرباح لهذا العام بحاجة لمراجعات كبيرة أيضاً.
اقرأ أيضاً: شحنات "تسلا" في الصين تهبط إلى أدنى مستوى في 14 شهراً
ربما يكون بديهياً أن "تسلا"، وهي من بين شركات مؤشر "إس آند بي 500"، وتتمتع بقيمة سوقية تفوق نصف تريليون دولار، لم تكلف نفسها عناء إصدار أي نوع من التحذيرات قبل أن تخفق في تحقيق التوقعات بفارق كبير. لكننا تلقينا ما يشبه تحذيراً الأسبوع الماضي حين تسربت رسالة داخلية مرسلة بالبريد الإلكتروني من الرئيس التنفيذي إيلون ماسك.
كلّف ماسك في رسالته بتقديم عرض قصير عن تقنية "القيادة الذاتية الكاملة" التي تقدّم المساعدة للسائق لكل الشراة في الولايات المتحدة قبل أن يحصلوا على سيارتهم. أعلن ماسك أيضاً في وقت لاحق من اليوم ذاته عبر منصة "إكس" عن تقديم تجارب مجانية لمدة شهر واحد للقيادة الذاتية الكاملة للسائقين الذين لم يشتروا هذه الميزة.
الترويج للقيادة الذاتية الكاملة
لدى ماسك أسباب كثيرها للترويج لخاصية القيادة الذاتية الكاملة وعددها 12 ألفاً، وهو عدد الدولارات التي يجب دفعها لقاء هذه الميزة، بافتراض أن هوامشها تبلغ 90% على غرار ما سواها من البرمجيات، فهو يُغيّر الأرباح نظراً لأن متوسط هامش الربح الإجمالي لكل مركبة باعتها "تسلا" العام الماضي كان أقل قليلاً من تسعة آلاف دولار.
بالإضافة لذلك، رغم أن خاصية القيادة الذاتية الكاملة لا تتولى قيادة السيارة بالكامل، إذ أشار ماسك لها في رسالته إلى أنها "قيادة ذاتية كاملة (تخضع للإشراف)" وهو توصيف مفيد، فإن فكرة "الروبوتاكسي" مهمة جداً لتقييم "تسلا" المتضخم، لذلك يساعد على إبقاء الحلم حياً.
اقرأ أيضاً: أداء تسلا المزري في 2024 يحول "العظماء السبعة" إلى ستة فقط
أشار ماسك أيضاً في رسالته إلى أن العروض التقديمية للخاصة يُرجّح أن تبطئ المبيعات، وهي حجّة جيدة على الأقل حين يأتي سؤال المستثمرين الحتمي عن سبب تراجع المبيعات في مكالمات الأرباح المستقبلية.
في ظل أن الأرباح ستكون على الأرجح مفزعة، وأن سهم "تسلا" سيكون الأسوأ أداءً بين أسهم الشركات في "إس آند بي 500" حتى الآن هذا العام، تظل فكرة إعادة شراء الأسهم احتمالاً قائماً بوضوح.
لكن اللجوء لتلك الفكرة سيؤدي أيضاً لتسليط الضوء على المشكلة الرئيسية، وهي التفاوت الصارخ بين التوقعات المرتفعة المضمنة في تقييم "تسلا" والواقع الصعب لأرقامها المعلنة.