قد يواجه مالك السفينة التي اصطدمت بجسر بالتيمور مطالبات بمئات الملايين من الدولارات كتعويضات، بعد أن أدى الحادث إلى غرق المركبات في المياه، وإحداث حالة من الفوضى في شبكة النقل في شرق الولايات المتحدة.
لكن الخبراء في مجال القانون أشاروا إلى وجود وسيلة لتقليل المسؤولية بموجب قانون غامض يعود إلى القرن 19، استند إليه مالك تيتانيك للحد من تعويضاته عن غرق السفينة عام 1912.
اقرأ أيضاً: سفينة "دالي" سلمت بضائع من أيكيا قبل تحطيمها جسر بالتيمور
ستكون "غريس أوشن" (Grace Ocean) التي يقع مقرها في سنغافورة، مالكة سفينة الحاويات "دالي" التي اصطدمت يوم الثلاثاء بجسر "فرانسيس سكوت كي" (Francis Scott Key) في بداية رحلة استأجرتها شركة الشحن العملاقة "ميرسك" (Maersk)، في قلب التداعيات القانونية.
الأجسام الثابتة
قد تواجه الشركة مجموعة من الدعاوى القضائية من جهات عديدة، قد تشمل مالك الجسر وعائلات ستة عمال يُفترض أنهم توفوا بعد عملية بحث في نهر باتابسكو.
قال مايكل ستورلي، خبير القانون البحري في كلية الحقوق في جامعة تكساس في أوستن: "يُتوقع أن تقع مطالبات التعويضات على عاتق مالك السفينة وليس الوكالة التي تدير الجسر، لأن الأجسام الثابتة عادةً لا تكون مخطئة إذا اصطدمت بها سفينة متحركة".
من جهته، أشار مارتن ديفيز، مدير قسم إدارة الكوارث في مركز القانون البحري بجامعة تولين إلى أن قانون عام 1851 قد يخفض التعرض لعشرات الملايين من الدولارات، وذلك من خلال وضع حد أقصى لمسؤولية مالك السفينة بقيمة السفينة بعد الحادث، بالإضافة إلى أي أرباح جُنيت من نقل البضائع على متنها.
اقرأ أيضاً: احموا سفن البحر الأحمر.. لكن افرضوا ضرائب عليها
أُقر هذا القانون في البداية لمنع عمالقة الشحن من تكبد خسائر فادحة لا يمكن التغلب عليها في حال تعرضوا لأي كارثة في البحر. وقال ديفيز إن المبلغ المكون من ثمانية أرقام، رغم أنه لا يزال ضخماً، سيكون "أقل بكثير" من إجمالي المطالبات الكاملة.
"حادثة غير عادية"
ديفيز أشار إلى أنها "حادثة غير عادية من ناحية واحدة، خاصة بسبب اللقطات التي توثق سقوط الجسر بأكمله". مضيفاً: "لكن من نواح كثيرة، ليست بحادثة غير معتادة، نظراً لحوادث السفن التي تقع دائماً وينجم عنها أضرار وإصابات".
توقع لورانس برينان، أستاذ القانون المساعد في كلية الحقوق بجامعة فوردهام في نيويورك والخبير في الأميرالية والقانون البحري، أن يتخذ مشغل السفينة "دالي" قريباً إجراءات في الولايات المتحدة بموجب قانون عام 1851، الذي استشهد به مالك سفينة "تيتانيك" في قضية أمام المحكمة العليا منذ أكثر من قرن.
اقرأ أيضاً: السفن التجارية الصينية تتحمل تأميناً أقل لعبور البحر الأحمر
سيساعد تأمين مالك السفينة الشركة في مواجهة المخاطر القانونية. يتم التأمين على حوالي 90% من البضائع المتجهة إلى المحيطات في العالم، من خلال ذراع تابعة للمجموعة الدولية لنوادي الحماية والتعويض، التي تشرف على 12 جمعية تأمين متبادل كبرى لأصحاب السفن.
سيكون المفتاح لتحديد أي مطالبات تأمين هو إثبات ما إذا كان الحادث نتج عن عطل ميكانيكي، أو عن الإهمال، وإذا كان الأمر كذلك فمن الشخص أو الجهة المسؤولة، وفقاً لـ"بلومبرغ إنتليجنس". إن السفينة مؤمنة من قبل "نادي بريتانيا للحماية والتعويض"، وهي جمعية تأمين متبادل مملوكة لشركات الشحن. وهي واحدة من عشرات الأندية التي تشكل المجموعة الدولية لأندية الحماية والتعويض.
وأشارت "بلومبرغ إنتليجنس" أيضاً إلى أن شركة "ميرسك" قد لا تتحمل مسؤولية، لأنه لم يكن لدى الشركة الدنماركية طاقم على متنها، وأن السفينة تديرها شركة مستأجرة.
يُرجح أن يغطي التأمين البحري بعض التكاليف، لكن قد يؤثر عدم اليقين بشأن إجمالي الالتزامات ومن سيدفعها، على فروق أسعار "ميرسك" على المدى القريب، وفقاً لما قاله ستيفان كوفاتشيف، محلل الائتمان في "بلومبرغ إنتليجنس".
دستور الولايات المتحدة
في حين أن المحاكم الفيدرالية لها ولاية قضائية على النزاعات البحرية، قد تطالب أي ضحية أو جهة تضررت من حادثة الاصطدام بالجسر بتعويضات بموجب بند في الدستور الأميركي، يسمح للمصابين في حوادث في البحر أو الذين لديهم مطالبات بالممتلكات برفع دعاوى قضائية في محكمة الولاية، كما قال تشارلز أ. باتريسا، الذي يرأس لجنة القانون البحري التابعة لنقابة المحامين الأميركية.
اقرأ أيضاً: بعد توترات البحر الأحمر.. تزايد أعمال قرصنة السفن في الصومال
في مثل هذه الحالات، غالباً ما ترفع الشركات دعوى قضائية للمطالبة بتعويض عن الخسائر المتكبدة بسبب الاضطرابات في عملياتها، مطالبة بخسائر اقتصادية. نادراً ما تنجح هذه القضايا بسبب القانون الذي يحد إلى حد كبير من منح تعويضات مالية للأشخاص الذين أصيبوا جسدياً، كما قال ستورلي، الأستاذ في جامعة تكساس في أوستن.
مصير السفينة
يطرح الحادث تساؤلاً أساسياً وهو: ما سيحدث للسفينة نفسها التي أدارتها مجموعة "سينيرجي مارين غروب" (Synergy Marine Group) التي يقع مقرها في سنغافورة لصالح "غريس أوشن"؟
قد يرغب مالك السفينة في إخراجها من الولايات المتحدة، لكن يُرجح أن تسعى هيئة النقل في ولاية ماريلاند إلى إبقائها قيد "الاعتقال" أثناء متابعة المطالبات - وربما حتى يتم حل قضية الأضرار، وفقاً لما قاله برينان، الأستاذ في جامعة فوردهام. وأضاف: "السفينة لن تذهب إلى أي مكان لفترة من الوقت".