الصراع بين عملاقتي النفط يزيد المخاطر أمام صناديق التحوط التي استحوذت على ثُمن أسهم الشركة العاملة في غيانا

رهانات أكبر على اقتناص "شيفرون"صفقة نفط غيانا من "إكسون"

بعض العمال يجهزون معدات الحفر قبالة سواحل غيانا - المصدر: بلومبرغ
بعض العمال يجهزون معدات الحفر قبالة سواحل غيانا - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

يتمسك مديرو صناديق التحوط الذين راهنوا بالمليارات على صفقة استحواذ شركة "شيفرون" على شركة "هيس" في أكتوبر الماضي برهاناتهم، رغم وجود عقبة أخرى قد تؤدي إلى إلغاء الاستحواذ.

قالت شركة "إكسون موبيل" الأسبوع الماضي إن لها الحق الأول في شراء حصة "هيس" بمشروع تطوير نفطي بحري مربح تمتلكه الشركتان بشكل مشترك قبالة ساحل غيانا، والذي يعد درة التاج في صفقة استحواذ "شيفرون" المرتقبة والبالغة قيمتها 53 مليار دولار. يأتي ذلك في أعقاب تصاعد التوترات بين غيانا وجارتها فنزويلا والتي دفعت البعض إلى إعادة تقييم احتمالية تنفيذ عملية الاستحواذ.

يزيد ذلك من المخاطر التي تواجهها صناديق التحوط مثل "ميلينيوم مانجمنت" (Millennium Management)، و"بنتووتر كابيتال مانجمنت" (Pentwater Capital Management)، و"بالياسني أسيت مانجمنت" (Balyasny Asset Management) وغيرها، والتي استحوذت على ما يقرب من ثُمن أسهم "هيس" بحلول نهاية ديسمبر الماضي، أي بإجمالي يتجاوز 5 مليارات دولار-مما يجعلها واحدة من أكثر مراكز مراجحة الاندماج إقبالاً بالنسبة إلى المجموعة، وفقاً للبيانات التي جمعتها "بلومبرغ".

رفضت صناديق "ميلينيوم" و"بنتووتر" و"بالياسني" التعليق على الأمر، في حين لم يرد ممثل "أديج كابيتال مانجمنت" (Adage Capital Managemen) على طلبات للتعليق.

ترجيحات باكتمال صفقة نفط غيانا

قال روي بيرين، كبير مسؤولي الاستثمار المشارك في شركة "ويستشستر كابيتال مانجمنت" (Westchester Capital Management)، وهي إحدى المؤسسات الاستثمارية التي تتمتع بمركز مهم في أسهم "هيس": "لا أنكر أن هذا مجرد أمر منغّص. لكن على الرغم من الضجيج المحيط بهذا، والوضع في فنزويلا، ما زلنا نعتقد أن الصفقة من المرجح أن تكتمل، ولن تُلغى".

كانت هذه هي الانطباعات نفسها بالنسبة إلى المستثمرين في اثنين من صناديق التحوط التي لديها رهانات كبيرة على عمليات الدمج والمراجحة على الصفقة، والذين طلبوا عدم الكشف عن هوياتهم لأنهم غير مخولين بالتحدث عن الأمر علناً. وتراجع الفارق بين سعر تداول سهم "هيس" وقيمة عرض الاستحواذ إلى حوالي 7 دولارات، بعد أن كان 11 دولاراً عقب إعلان "إكسون"، ما يعد علامة أخرى على تزايد ثقة السوق في إتمام الصفقة.

مخاطر صفقة "هيس"

تبرز المخاطر التي تنطوي عليها صفقة "هيس" مدى تعقيد الرهان على النتائج التي ستتمخض عنها عمليات الاستحواذ على الشركات الكبرى. يواجه مستثمرو عمليات الاندماج والمراجحة بالفعل بيئة أكثر تشدداً من أجل مكافحة الاحتكار في ظل إدارة "بايدن"، حيث بدأت عمليات عقد الصفقات للتو في الارتداد بعد التباطؤ الحاد العام الماضي. على الرغم من تمسكها برهاناتها، لا تزال بعض صناديق التحوط الكبرى أكثر حذراً بشأن الصفقة الآن مقارنة بما كانت عليه عندما تم الإعلان عنها في ضوء التطورات الأخيرة.

كان جزء من التعقيد الذي واجه متداولو المراجحة هو أن النزاع على الحصة نشأ من اتفاقية التشغيل المشتركة بين شركة "إكسون" وشركة النفط العملاقة الصينية "سينوك" (Cnooc Ltd) مع "هيس" فيما يتعلق بأصول غيانا. نظراً لأن الاتفاقية ليست معلنة، فإنه يتعذر على المستثمرين تقييم نطاق تأثيرها على الجدول الزمني لإغلاق الصفقة، المقرر في منتصف عام 2024 تقريباً.

قال فريدريك باوتشر، محلل مراجحة المخاطر في "سسكويهانا فاينانشال غروب" (Susquehanna Financial Group)، وهي شركة صناعة سوق للأوراق المالية في "هيس": "أوضحت شيفرون أنها لا تعتقد أن حق الرفض الأول قابل للتطبيق، ويبدو أن معظم المستثمرين قد تحولوا إلى هذا الرأي". من جانبها، قالت "شيفرون" الأسبوع الماضي إنها "ملتزمة تماما" بصفقة "هيس"، ولا تعتقد أن الاتفاقية أو المناقشات مع "إكسون" ستمنع استكمالها.

أضاف "باوتشر" أن احتمال تقديم "إكسون" عرضاً لشراء "هيس" بشكل مباشر ربما ساهم في تضييق الفارق.

"إكسون" تطالب بحق الشفعة

قالت "إكسون" في بيان: "نحن مدينون لمستثمرينا وشركائنا بالنظر في حقوق الشفعة المتبعة بموجب اتفاقية التشغيل المشتركة لضمان احتفاظنا بحقنا في تحقيق القيمة الكبيرة التي أنشأناها ونحن أجدر بها من خلال أصول غيانا".

اقرأ المزيد: "إكسون" تدرس استخدام حق الشفعة لشراء حصة "هيس" في نفط غيانا

كذلك هدأت التوترات الجيوسياسية-وهي حالة رئيسية أخرى من عدم اليقين-بعد أن تبادل الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو الهدايا مع رئيس غيانا عرفان علي، على هامش الاجتماع الأخير لمجموعة دول أميركا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي.

يبدو أن السوق الآن تأخذ في الحسبان احتمالية تنفيذ الصفقة بنسبة تتراوح بين 65% إلى 75%- بزيادة عن نسبة تراوحت بين 55% إلى 60% في الأسبوع الماضي، وفقاً للعديد من المتخصصين في السوق، استناداً إلى افتراضات مختلفة حول القيمة المستقلة لـ"هيس" في حال فشل الاندماج.

حصل العديد من صناديق التحوط أيضاً على مراكز خيارات كبيرة يبدو أنها تحمي من انخفاض سعر سهم "هيس"، على الرغم من أنه من غير الممكن معرفة مدى الانخفاض الذي تحميهم منه من خلال الإيداعات التنظيمية.

تباطؤ في إبرام الصفقات

قوبلت صفقة "شيفرون-هيس" بارتياح لدى المستثمرين في عمليات الاندماج والمراجحة، والذين واجهوا تحديات طوال معظم العام الماضي لإيجاد فرص جذابة بسبب التباطؤ في إبرام الصفقات، حيث يعتقدون أن عملية الاستحواذ أقل عُرضة لمواجهة التدقيق التنظيمي المكثف الذي واجهته عملية استحواذ شركة "مايكروسوفت" على شركة "أكتيفيجن بليزارد" (.Activision Blizzard Inc). ونظراً لأنه كان ثاني أكبر اندماج نفطي أُعلن عنه في العام الماضي، فقد وُصفت المكاسب بأنها ستكون ضخمة إذا مضت الصفقة كما هو مخطط لها.

ظهرت أولى بوادر المشاكل في ديسمبر، عندما هددت فنزويلا بالاستيلاء على المناطق الغنية بالمعادن في غيانا. وانخفض سهم "هيس" إلى حوالي 14 دولاراً بمستوى أقل من قيمة عرض "شيفرون"، وهو أكبر فارق منذ الإعلان عن الصفقة.

توافد المسؤولون التنفيذيون لصناديق التحوط من لندن ونيويورك على مؤتمر الطاقة ومعرض سلسلة التوريد في غيانا بجورج تاون الشهر الماضي وسط تصاعد التوترات الجيوسياسية بين البلدين في أميركا الجنوبية، وفقاً لأشخاص مطلعين على الأمر.

ترقب صناديق التحوط للصفقة

قال المطلعون، الذين طلبوا عدم الكشف عن هوياتهم فيما يتعلق بمناقشة الأمور الخاصة، إن أرقى الفنادق في جورج تاون كانت محجوزة بالكامل بسبب الزيادة في الطلب عليها، حتى أن بعض مديري الصناديق انتهى بهم الأمر إلى تقاسم الغرف. وارتفعت أسعار تذاكر درجة الأعمال ذهاباً وإياباً من لندن إلى عاصمة غيانا إلى أكثر من 10 آلاف جنيه إسترليني في ذلك الوقت.

والآن، ينتظر مديرو الصناديق للوقوف على ما إذا كان سيتم حل النزاع حول الحصة من خلال المفاوضات. وقالت "شيفرون" إنها ستلغي عملية الاستحواذ إذا تم تحويل النزاع إلى التحكيم وفازت "إكسون".

وصف بريت باكلي، الخبير الاستراتيجي المتخصص في تحليل التطورات وفق الأحداث في شركة "والاشبيث كابيتال" (Wallachbeth Capital)، الحدث بأنه "ينطوي على عواقب بالغة، ولكن احتمال حدوثه منخفض"، مضيفاً أنه في حين أن النزاع على الحقوق الوقائية مع "إكسون" و"سينوك" يضيف مرحلة إضافية من المخاطر لمستثمري المراجحة، فمن غير المرجح أن يؤثر على نتيجة الصفقة.

أضاف: "يمكن أن تنشأ هذه النزاعات خلال معاملات مثل هذه. يجب أن تتم تسويتها ودياً من قبل الأطراف المعنية".

اضغط هنا لقراءة المقال الأصلي
تصنيفات

قصص قد تهمك