كشف شخص مطلع لـ"الشرق" أن نسبة زيادة "أرامكو" لأسعار الوقود على شركات الأسمنت السعودية تراوحت ما بين 58% إلى 136%، بحسب نوع الوقود، ما يؤشر إلى أثر محتمل على تكاليف هذه الشركات، التي تعاني أصلاً من ضعف الطلب وتدهور الربحية.
توالت اليوم الأربعاء على موقع "تداول السعودية" إفصاحات من كبرى شركات الأسمنت عن تلقيها إشعاراً من عملاق الطاقة "أرامكو" بزيادة أسعار منتجات الوقود المستخدمة في إنتاج الأسمنت، ابتداءً من أول أيام العام الجديد.
حتى الساعة 4:15 عصراً بتوقيت مكة المكرمة وصل عدد شركات الأسمنت التي طالها تعديل الأسعار إلى 6، هي: أسمنت الشمالية، نجران، الجوف، الجنوب، تبوك، والمدينة. وشهدت أسهم جميع هذه الشركات انخفاضاً عند إغلاق تداولات اليوم في البورصة السعودية.
هذا القرار لم يكن مفاجئاً إلى حدٍّ ما، إذ كانت وزارة الصناعة والثروة المعدنية السعودية أخطرت الشركات في يوليو 2022 أنها قررت تعديل أسعار الوقود والمواد الأولية للقطاع الصناعي اعتباراً من الربع الرابع من عام 2023، وبالتالي فإن تطبيق الزيادة تأخر بضعة أشهر عن موعده المزمع. كما أعلنت الوزارة أنه ستتم مراجعة الأسعار سنوياً حتى عام 2030.
كذلك، فإن برنامج تحقيق التوازن المالي، التابع لـ"رؤية 2030"، أشار إلى ضرورة تصحيح أسعار الطاقة، وربطها بشكل تدريجي بالسعر المرجعي العالمي بحلول 2025.
تكلفة الإنتاج
شركات الأسمنت الست أجمعت في إفصاحاتها أن هذا التعديل سيؤثر على تكلفة الإنتاج ارتفاعاً، وبأنه جاري العمل على احتساب الأثر المالي المتوقع على أرباح الشركات بدءاً من النتائج المالية للربع الأول من السنة، وبحث سبل تخفيف الأثر المالي لهذا التعديل على أرباح الشركات.
اقرأ أيضاً: هل يعبّد استحواذ "القصيم" على "حائل" طريق دمج شركات الأسمنت السعودية؟
من جهته، أشار مدير "أرقام بلس" حجاج حسن إلى أن هذه الخطوة قد تشكل ضغطاً على هوامش الربح لشركات الأسمنت بداية من 2024، مع ارتفاع تكاليف الإنتاج، في وقت تعاني هذه الشركات من انخفاض الطلب.
خطوة قد تسرع الاندماجات
وأضاف في تصريح لـ"الشرق" عبر الهاتف، أن رفع أسعار الوقود على الشركات من شأنه أن يساعد في تسريع عمليات ومباحثات الاندماج من ناحية، ويمكن أن يتسبب أيضاً في تأخر مشاريع أو توسعات هذه الشركات.
وكانت السوق السعودية شهدت أول عملية استحواذ بين "القصيم للأسمنت" و"حائل للأسمنت" الشهر الماضي، وذلك بعد عام "صعب" مر على المصنعين.
لم تكن هذه المرة الأولى التي يشهد فيها قطاع الأسمنت السعودي حراكاً بغرض الاستحواذ، ففي نوفمبر الماضي، وقَّعت شركة "أسمنت المدينة" مع شركة "أسمنت أم القرى" مذكرة تفاهم غير ملزمة، تتضمن صفقة محتملة لاستحواذ الأولى على الثانية عن طريق أسهم مبادلة جديدة تقوم بإصدارها "أسمنت المدينة" لصالح مساهمي "أسمنت أم القرى". ولكن الصفقة لم تتحول بعد إلى اتفاق ملزم كما هو الحال مع "القصيم للأسمنت" و"حائل".
حسن لفت إلى أن قطاع الأسمنت يحظى بدعم حكومي على مستويين، الأول من خلال الوقود المدعوم من "أرامكو"، والثاني من خلال الحجر الجيري المتوفر والمستخدم كلقيم لصناعة الأسمنت، مشيراً إلى أن رفع الأسعار من شأنه أن يؤثر على الميزة التنافسية لهذه الصناعة أمام المنتجين الإقليميين.
وأشار إلى أن شركات الأسمنت تعتمد بشكل كبير على زيت الوقود الثقيل، والذي يمثل جزءاً كبيراً من تكلفة الإنتاج قد تصل إلى 20%، يضاف إليها تكلفة المواد الخام والاستهلاك والصيانة والرواتب وغيرها.
تعاني شركة الأسمنت من انخفاض الطلب، وتعوّل على المشاريع الكبيرة لزيادة معدلات الربحية. ضعف الطلب يعود بشكل رئيس إلى انخفاض القروض العقارية، نظراً لارتفاع أسعار الفائدة.
في نوفمبر الماضي، أشارت "الأهلي المالية" في تقرير إلى وجود ضعف في الطلب بعد تباطؤ الإسكان والبناء، ما أدى إلى تراكم المخزون، متوقعة أن تستمر هذه الظروف في الضغط على الأسعار على المدى القصير. وأظهرت البيانات تراجع أحجام مبيعات الأسمنت في المملكة خلال الأشهر التسعة الأولى من العام الماضي بنسبة 7.5%.