تشهد الاكتتابات العامة الأولية في تركيا إقبالاً محموماً دون أي علامات على التراجع، إذ تترقب نحو 100 شركة الحصول على الموافقات بإدراجها في العام المقبل.
وقال إبراهيم عمر غونول، رئيس مجلس إدارة أسواق رأس المال التركية، في مقابلة مع "بلومبرغ"، إن الزيادة المتوقعة في هذه الصفقات تأتي بعد عام وافر، حيث يُتوقع أن تُدرج أسهم نحو 50 شركة في بورصة إسطنبول بنهاية عام 2023.
إلا أن غونول حذّر من أنه من الأهمية بمكان إدارة وتيرة موافقات الاكتتابات العامة لضمان قدرة السوق على استيعاب الأسهم الجديدة، مستبعداً الموافقة على 100 اكتتاب في العام المقبل، لكنه يتوقع نحو 50 اكتتاباً سنوياً في المستقبل المنظور.
طفرة الاكتتابات العامة
أضاف غونول: "سرعة الموافقة على الاكتتابات العامة قد لا يشكّل أمراً جيداً بالضرورة. من المهم أن نضع في الاعتبار حالة السوق، والظروف، وما إذا كنا سنشهد طلباً كافياً لاستكمال الاكتتابات".
طفرة الاكتتابات العامة في تركيا جعلت البلاد واحدة من أكبر أسواق الإدراج في أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا هذا العام، حيث استكملت 49 شركة إجراءات الإدراج حتى الآن هذا العام لتجمع نحو 66 مليار ليرة، أو ما يعادل 2.9 مليار دولار، بناء على متوسط سعر الصرف هذا العام. هذا المعدل يفوق كل السنوات السابقة، بالدولار الأميركي، وكذلك بالعملة المحلية، وفقاً للسجلات التي تعود إلى عام 2010 المنشورة على الموقع الإلكتروني لمجلس أسواق رأس المال التركية.
يرجع هذا الارتفاع جزئياً إلى ازدهار سوق الأسهم في البلاد، حيث يجذب التضخم البالغ نحو 60% المواطنين العاديين إلى الاستثمار في الأسهم من أجل تعويض هبوط قيمة مدخراتهم.
الاستثمار في الأسهم المدرجة
كان الاستثمار في الأسهم المدرجة حديثاً شائعاً بشكل خاص، حيث ارتفع أكثر من 75% من الأسهم التي دخلت أسواق رأس المال لأول مرة في عام 2023 بنحو 60% في أيام التداول الخمسة الأولى.
في الوقت الذي ارتفعت فيه سوق الأسهم الرئيسية في تركيا بـ45% منذ بداية العام وحتى تاريخه، فقد صعد مؤشر بورصة إسطنبول للاكتتاب العام بـ98%، وهو مقياس للشركات المدرجة في العامين الماضيين.
منذ عام 2020، عندما بدأ عدد محدود من المستثمرين الإقبال على سوق الأسهم، ارتفع مؤشر الاكتتاب العام أكثر من 4400%. تُظهِر بيانات من مركز الإيداع المركزي للأوراق المالية في تركيا أن عدد المستثمرين في الأسهم بلغ 8.2 مليون مستثمر حتى 19 نوفمبر، أي ما يقرب من ثلاثة أضعاف مستويات العام الماضي عندما بلغ عددهم 3.3 مليون مستثمر.
دعا غونول إلى توخي الحذر، ونصح المراهنين بطلب المشورة الاستثمارية المهنية، قائلاً: "ارتفاع الطلب على الأسهم أمر مهم، لكننا لا نريد أن يدخل هؤلاء المستثمرون سوق الأسهم كما لو كانت لعبة تسلية. يستهدف الكثير من المستثمرين أسهم الاكتتاب العام فقط، اعتقاداً منهم أنهم سيجنون دائماً عوائد كبيرة الحجم، لكن المكاسب المستمرة لا يمكن ضمانها إلى الأبد".
شكاوى المستثمرين
أشار غونول إلى زيادة عدد الشكاوى المقدمة إلى الجهات التنظيمية من قبل المستثمرين الجدد الذي خسروا قيم الأسهم التي اشتروها، مع مطالبة العديد من الضمانات من الحكومة لتعويض الخسائر. وقال: "إذا كنت تبحث عن منتج استثماري مضمون من الدولة، فعليك بشراء السندات".
مع ذلك، فإن استراتيجية المستثمرين المحليين لشراء الأسهم كتحوط من التضخم تتعرض لضغوط، في الوقت الذي يشدّد فيه البنك المركزي التركي السياسة النقدية. ارتفع متوسط سعر الفائدة المرجح على الودائع بالليرة التي يصل استحقاقها إلى 3 أشهر إلى أعلى مستوى جديد في 20 عاماً حيث وصل إلى 45.85%. يمكن أن تستهوي هذه المعدلات المرتفعة المستثمرين الذين يسعون إلى حماية أرباحهم في سوق الأسهم.
وقال غونول: "إذا كانت هناك تدفقات خارجة من البورصة بسبب ارتفاع أسعار الفائدة على الودائع، فقد يؤدي ذلك أيضاً إلى تباطؤ في عمليات الإدراج الجديدة"، على الرغم من أنه أضاف أنه لا يتوقع حدوث ذلك.