رفعت شركات "تويوتا موتور" و"هوندا موتور" و"نيسان موتور" توقعاتها للأرباح التشغيلية للعام المالي الحالي على خلفية المبيعات القوية، وهو ما يمكن اعتباره تأكيداً لرؤيتها بأن التحول إلى السيارات الكهربائية بالكامل سيستغرق وقتاً أطول ويتطلب صبراً أكثر من الصناعة.
تعلمت شركتا "جنرال موتورز" و"فورد موتور" هذا الدرس بطريقة قاسية، إذ اضطرتا إلى التراجع عن توقعاتهما للأرباح مؤخراً بعد أسابيع من إضرابات اتحاد عمال السيارات بسبب زيادة الأجور وتحقيق الأمان الوظيفي في ظل مستقبل السيارات الكهربائية. كما قلصتا خططهما القوية للتحول نحو السيارات الكهربائية.
قال كريستوفر ريختر، كبير المحللين في شركة "سي إل إس إيه سيكيورتيز جابان" (CLSA Securities Japan): "يمكن أن تنهار الصناعة إذا اتخذت خطوات سريعة، بالتالي فإن تجاهل الضغوط الخارجية واتخاذ خطوات صحيحة أكثر أهمية من السرعة. يبدو أن شركات صناعة السيارات اليابانية تدرك أنها ستواجه عقبات في مسيرتها للتحول نحو السيارات الكهربائية".
تضاعفت أرباح "تويوتا" و"نيسان" بين شهري أبريل وسبتمبر مقارنة بالعام السابق، فيما سجلت "هوندا" زيادة بنسبة 54% في النصف الأول.
وفي المقابل، حققت الشركات المدرجة ضمن مؤشر "توبكس"، باستثناء شركات البيع بالجملة والمؤسسات المالية، قفزة نسبتها 30% في أرباحها التشغيلية خلال النصف الأول من العام المالي المنتهي في مارس، بحسب هيكارو ياسودا، الخبير الاستراتيجي لدى شركة "إس إم بي سي نيكو سيكيوريتيز" (SMBC Nikko Securities Inc).
رفعت "نيسان" توقعات أرباحها للعام بأكمله إلى 620 مليار ين (4.1 مليار دولار) يوم الخميس، متجاوزة متوسط تقديرات المحللين، مشيرة إلى زيادة قدرها 64% على مدار العام، وذلك بفضل ضعف الين الياباني وتعافي سلاسل التوريد والمبيعات القوية في الخارج. وتراجعت أسهم "نيسان" بنسبة 1.5% خلال التعاملات الصباحية المبكرة في طوكيو يوم الجمعة.
"تويوتا" ترفع أرباحها المتوقعة 50% بفضل ضعف الين والمبيعات القياسية
رفعت "هوندا" أيضاً توقعاتها للأرباح بنسبة 20% إلى 1.2 تريليون ين، لكن الرقم لم يرق إلى توقعات المحللين. وتراجعت أسهم "هوندا" بنسبة 6.1%.
كذلك، ارتفع سهم "مازدا موتور" بنسبة 10%، وبلغ سهم "سوزوكي موتور" أعلى مستوى له منذ خمسة أعوام يوم الأربعاء بعد رفع توقعاتها للأرباح. وواصلت "تويوتا" تحقيق مكاسب بعدما رفعت توقعاتها للأرباح التشغيلية بنسبة 50% في الأول من نوفمبر.
الحد من الانبعاثات الكربونية
لطالما أكدت شركات صناعة السيارات اليابانية، بقيادة "تويوتا"، أن سُبل الحد من انبعاثات الكربون لا تتوقف على السيارات الكهربائية العاملة بالبطاريات فقط، بل أيضاً على مجموعة متنوعة من التقنيات، مثل المحركات الهجينة والهيدروجين. أثار نجاح شركة "تسلا"، وكذلك "بي واي دي" وشركات تصنيع السيارات الكهربائية الأخرى في الصين، انتقادات لتخلف الشركات اليابانية عن الركب بشكل متزايد، الأمر الذي أشعر رئيس "تويوتا" أكيو تويودا بالإحباط.
قال كوجي ساتو، خليفة تويودا كرئيس تنفيذي للشركة، خلال معرض وسائل النقل الياباني الذي انعقد الشهر الماضي، إن نهج "تويوتا" متعدد المسارات سيواصل خطواته على المسار الصحيح. كما قال في إحدى المقابلات الأولى التي أجراها منذ ترقيته في أبريل الماضي: "أهدافنا لن تتغير".
بعد عام تخفيضات "تسلا" القياسية.. شركات السيارات في مأزق
في وقت تزداد فيه مبيعات السيارات الكهربائية في الصين بوتيرة ثابتة، تشير بعض العلامات إلى تراجع الطلب في الولايات المتحدة، حيث خفّضت "تسلا" أسعارها وتراجعت مبيعات سيارة البيك أب الكهربائية "فورد إف 150 لايتنينغ" بمقدار النصف تقريباً في الربع الأخير.
في الوقت نفسه، ساهمت المفاجآت الإيجابية لشركات صناعة السيارات اليابانية في جعل القطاع أفضل أداءً على مؤشر "توبكس". كما ارتفع مؤشر مصنعي السيارات بنسبة 50% هذا العام، مقارنة بـ23% للمؤشر الأوسع نطاقاً، حسب بيانات جمعتها "بلومبرغ". وكانت مكاسب أسهم شركات صناعة السيارات متخلفة عن شركات السلع الأساسية حتى الأسبوع الماضي.
حذّر تاتسو يوشيدا، كبير محللي السيارات في "بلومبرغ إنتليجنس"، من أنه لا ينبغي للمستثمرين توقع استمرار حماس السوق لفترة طويلة. وأوضح أن "الأخبار الجيدة على المدى القريب تظهر جميعها تقريباً في سعر السهم، بالتالي قد يصعب العثور على مفاجأة أو عامل دافع آخر من الآن فصاعداً".
التحول نحو السيارات الكهربائية
تعد المبيعات في الصين إحدى الأمور المثيرة للقلق، حيث شهدت كافة شركات صناعة السيارات اليابانية، باستثناء "تويوتا"، انخفاضات حادة في المبيعات هناك مع تحول المشترين نحو السيارات الكهربائية العاملة بالبطاريات. وهذا الأمر ربما دفع بعض المستثمرين إلى التقليل من شأن صحة شركات صناعة السيارات في اليابان، مما دفع بعض من تأخروا في الانضمام إلى الحفل إلى الاندفاع لشراء تلك الأسهم.
أرباح الشركات تظهر منافسة قوية على السيارات الكهربائية في آسيا
وقال شينيا ناروسي، المحلل لدى شركة "أوكاسان سيكيورتيز" (Okasan Securities Co)، إن "المستثمرين كانوا يتوقعون أرباحاً جيدة لشركات صناعة السيارات اليابانية، لكنهم لم يتوقعوا أن يتغلب أداؤها القوي في الولايات المتحدة على التحديات التي يواجهونها في الصين".
مع ذلك، فإن قطاع السيارات في اليابان، الذي يواصل بيع السيارات ذات محركات الاحتراق الداخلي والسيارات الهجينة، يتجه هذا العام نحو تجاوز ذروة أرباحه التشغيلية البالغة حوالي 5.4 تريليون ين المحققة خلال العام المالي 2015، بحسب ناروسي.
قال يوشيدا، من"بلومبرغ إنتليجنس": "لا أعتقد أن شركات صناعة السيارات اليابانية ستكون راضية عن هذه النتائج الجيدة ظاهرياً، لأنهم يعلمون أنهم استفادوا من ضعف الين وانخفاض تكاليف المبيعات بسبب استمرار التوازن المحدود -وإن كان قليلاً- بين العرض والطلب على السيارات".