أمباني سيكون الفائز الوحيد في الصفقة المليارية

"ديزني" تحذو حذو مردوخ وتتجه لتصفية أعمالها في الهند

"ديزني" تقترت من إبرام صفقة مليارية للخروج من سوق الإعلام التقليدي في الهند - المصدر: بلومبرغ
"ديزني" تقترت من إبرام صفقة مليارية للخروج من سوق الإعلام التقليدي في الهند - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

- مقال رأي

هزت فئة جديدة من المنافسة سوق الإعلام التقليدي في الدولة الأكثر سكاناً بالعالم، ما من شأنه أن يفضي إلى ثاني تغيير في ملكية امتياز شهير في غضون أربع سنوات. كان روبرت مردوخ أول من أبصر هذا التهديد، والآن حان دور بوب إيغر ليحذو حذوه.

أفادت "بلومبرغ نيوز" نهاية الشهر الماضي بأن رئيس شركة "والت ديزني" يقترب من إبرام صفقة بمليارات الدولارات لتصفية عمليات عملاقة الترفيه الأميركية في الهند. انتقلت ملكية شبكة "ستار إنديا" (Star India) إلى "ديزني" في إطار عملية استحواذ عالمية بقيمة 71 مليار دولار على الأصول الترفيهية لشركة "توينتي فيرست سينشري فوكس" (21st Century Fox). تلك الصفقة كان لها علاقة كبيرة بالهند.

اعتبر مردوخ مشاركة "فيسبوك" الناشئة في مزاد حقوق بث دوري الكريكيت الهندي لعام 2017 بعرض قيمته 600 مليون دولار، بمثابة طلقة تحذيرية. "ستار إنديا" تصدت لذلك التهديد بدفع 2.55 مليار دولار مقابل تأمين حقوق البث التلفزيوني والإلكتروني لمدة خمس سنوات. لكن الأمر كان واضحاً، فشبكة الإنترنت هي مستقبل البرامج الرياضية، درة تاج البث المباشر. لذلك، أبرم قطب الإعلام الأسترالي صفقة مع إيغر بعد ثلاثة أشهر، والتي استغرق إتمامها 15 شهراً تقريباً.

بيئة تنافسية

هذه المرة، المنافس ليس مارك زوكربيرغ، بل موكيش أمباني. في 2017، أحدثت شركة الاتصالات الناشئة المملوكة لقطب الأعمال الهندي تغييراً جذرياً في قطاع الاتصالات من خلال عروض المكالمات المجانية والإنترنت منخفض التكلفة. اجتذبت شركة أمباني أكثر من 400 مليون عميل، وازدهرت إمبراطوريته الاستهلاكية لتطمس الخطوط الفاصلة بين قطاعات الاتصالات وتقديم المحتوى والتجارة بعد ست سنوات فقط.

تمددت السوق الرقمية في البلاد بوجه عام، فيما اقتصرت المنافسة عملياً على احتكار ثنائي. بالتالي، لن يصمد "ليجاسي تي في" (Legacy TV) طويلاً في ظل هذا المشهد المتغير.

اقرأ أيضاً: شركات عملاقة تنفق 3600 دولار بالثانية للإعلان خلال كأس العالم للكريكيت في الهند

لهذا، يسعى إيغر لتصفية عمليات "ديزني" الهندية في ثاني مهامه كرئيس تنفيذي لعملاقة الترفيه الأميركية، ويقيّم "ستار إنديا" أو "ديزني ستار"، كما يُطلق عليها الآن، بنحو 10 مليارات دولار، بينما يرى أمباني أن قيمة أصول الشبكة الهندية تتراوح بين 7 و8 مليارات دولار، وفقاً لما ذكرته "بلومبرغ نيوز".

ستحقق الصفقة الناجحة وعد إيغر بتقريب الشركة العملاقة من أعمالها الأساسية مثل المتنزهات الترفيهية، و"هولو" (Hulu) و"ديزني بلس" (Disney+) و"إي إس بي إن" (ESPN). وبالنسبة لرجل الأعمال الهندي أمباني فإنها ستكون أيضاً صفقة حاسمة أيضاً.

بدأت المشاركة الأجنبية في التلفزيون الهندي أوائل التسعينيات بتأجير أجهزة الإرسال والاستقبال عبر الأقمار الاصطناعية من الملياردير لي كا شينغ في هونغ كونغ، ثم اقتحم مردوخ هذه السوق في 1993 بعد استحواذه على شبكة "ستار إنديا" من لي. لكن الأمور ستختلف الآن، إذ ستحتفظ شركة "سوني" اليابانية بالصدارة مع إدارتها لأكبر شبكة تلفزيونية في البلاد، بمجرد انتهاء عملية اندماج طال انتظارها مع شركة "زي إنترتينمنت إنتربرايزس" (Zee Entertainment Enterprises) الهندية.

مستقبل واعد

مع ذلك، يُرجح أن يسيطر أمباني على حصة أكبر من أموال المستهلكين وميزانيات المعلنين، نظراً لأن الصفقة مع "ديزني" ستساعد في إضفاء المصداقية على ثلاثة من مقترحات أمباني: التمويل الرقمي، وتمويل التجزئة، والتمويل الاستهلاكي.

العام الماضي، كتب أمباني شيكاً بـ2.7 مليار دولار لينتزع حقوق بث الدوري الهندي الممتاز من عملاقة الترفيه الأميركية، ونجح بشكل أساسي في ما فشل فيه زوكربيرغ عام 2017. كما استقطب أيضاً بعض المديرين التنفيذيين الرئيسيين الذين ساعدوا في إطلاق "ستار إنديا"، وخاصة العاملين في خدمة البث المباشر "هوت ستار" (Hotstar)، والتي تُعتبر امتيازاً قيّماً لمردوخ.

حالياً، تتصدر منصة "هوت ستار" المشهد بنسب مشاهدة قياسية لكأس العالم للكريكيت. مع ذلك، تحوّل الزخم نحو منصة أمباني "جيوسينما" (JioCinema). جُل ما يحتاجه قطب الأعمال الآسيوي الآن، هو ترجمة نسب المشاهدات تلك إلى إنفاق استهلاكي، سواءً في متاجره أو في المتاجر الصغيرة التابعة لشبكة البيع بالتجزئة الخاصة به، ليصبح لديه قصة نجاح تجذب المستثمرين. لن تتمكن الشركات التي ترغب في تسويق منتجاتها على المستوى الوطني، من النجاح ما لم تمر عبر قنوات أمباني في قطاعي الإعلام والتوزيع على حد سواء.

علاوة على ذلك، ستكون بعض هذه العلامات التجارية، بدءاً من الهواتف الذكية وأجهزة الكمبيوتر المحمولة منخفضة التكلفة إلى المشروبات والأطعمة، تحت مظلة إمبراطورية أمباني. بالتالي، سيتمكن عملياً من الترويج لها مجاناً وزيادة الطلب عليها بتكلفةٍ ضئيلة.

اقرأ أيضاً: "ديزني" تدرس بيع وحدتها في الهند مع اشتداد المنافسة

كما تضغط"جيو" (JIO)، وبعض شركات الاتصالات الهندية الأخرى، على هيئة تنظيم الاتصالات للحصول على الحق في فرض رسوم على الشركات المولدة لتدفق كبير للبيانات عبر شبكة الإنترنت مثل "نتفليكس"، في ما يُعرف برسوم استخدام الشبكة. ستضع هذه الضريبة المثيرة للجدل شركات المحتوى في وضع غير مواتٍ أمام هيمنة أمباني عبر أسواق متعددة مترابطة (في أغسطس قررت منصة "نتفليكس" دمج عروضها مع باقات الإنترنت منخفضة التكلفة التي تقدمها "جيو" لعملائها).

تخارج مطلوب

ستشكل مجموعتا "أمازون" و"تاتا غروب" (Tata Group) في مومباي، المنافسة الجادة الوحيدة التي قد تواجهها إمبراطورية أمباني من الآن فصاعداً. لا تمتلك أي منهما شركة اتصالات، ولا وجود لمجموعة "تاتا" في قطاع الإعلام، لكنهما ستنافسان أمباني في ثلاثة من القطاعات الخمسة التي تهيمن عليها إمبراطوريته على الأقل، وهي الاتصالات والترفيه التلفزيوني وتجارة التجزئة والتجارة الإلكترونية والتمويل.

على الجانب الآخر، سترضخ قنوات "الكابل" في النهاية لهيمنة خدمات البث الهندية، تماماً كما حدث في السوق الأميركية الناضجة. لا تزال الشبكات التلفزيونية التقليدية تحظى بمتابعة كبيرة بين سكان البلاد البالغ عددهم 1.4 مليار نسمة. لكن المشكلة الحقيقية تكمن في قطاع آخر، فعملاقة الإعلام التي أُضعفت قبضتها على الكريكيت، وليس لديها فرصة كبيرة لجعل بوليوود تعمل لصالحها، ليس لديها رصاصة سحرية ثالثة في الهند.

كانت "ديزني" قد استحوذت على استوديو سينمائي محلي لإنتاج أفلام باللغة الهندية قبل شراء شركة "توينتي فيرست سينشري فوكس"، لكن هذا الحلم تحطم في غضون أربع سنوات.

على النقيض من ذلك، لا تزال بنية "ستار ستوديوز" التي اشترتها عملاقة الترفيه الأميركية لاحقاً من مردوخ ناجحة، لكن قد لا تكون هناك أي جدوى من التمسك بها، إن لم يسمح لها المبدعون الهنود بالاستفادة من ملكيتهم الفكرية. ستنتهي حقوق بث مباريات كأس العالم للكريكيت في 2027، وسيكون من الحكمة أن يحذو "إيغر حذو مردوخ ويصفي عمليات "ديزني" في الهند.

اضغط هنا لقراءة المقال الأصلي
هذا المقال لا يعكس موقف أو رأي "الشرق للأخبار"وهو منشور نقلا عن Bloomberg Mediaولا يعكس بالضرورة آراء مجلس تحرير Bloomberg أو ملاكها
تصنيفات

قصص قد تهمك