مسؤولو الشركات يقولون إن أعمالهم باتت مهددة.. والحلول إما "الاستثناء" أو "فتح حسابات بالخارج" أو "نقل المقرات"

وقف "بطاقات الخصم" بالخارج يضغط على شركات التكنولوجيا في مصر

متسوق يدفع ببطاقة ائتمانية - المصدر: بلومبرغ
متسوق يدفع ببطاقة ائتمانية - المصدر: بلومبرغ
محمود كمال
المصدر:

الشرق

"طلب الاستثناء" أو "إنشاء حسابات بالخارج" أو "نقل المقرات".. هذه هي الحلول التي سيعتمدها مسؤولو شركات التكنولوجيا والتسويق الإلكتروني في مصر لتجاوز عقبة وقف استخدام "بطاقات الخصم المباشر" لتسوية معاملاتهم التجارية مع الأسواق الخارجية، وإلا فإن أعمالهم ستتوقف بشكل كامل خلال فترة قصيرة.

كان البنك المركزي المصري وجه البنوك العاملة في البلاد في وقت سابق من الأسبوع الجاري بوقف استخدام "بطاقات الخصم المباشر" للعملاء في الخارج، على أن يقتصر استخدامها داخل مصر فقط، دون أن يحدد الفترة الزمنية للعمل بهذا التوجيه، وفق ما قاله 4 رؤساء بنوك عاملة في مصر لـ"الشرق".

يبلغ عدد بطاقات الخصم في مصر نحو 24.43 مليون بطاقة كما في نهاية يونيو 2023، مقابل 22.96 مليون بطاقة في نهاية يونيو 2022، أي بزيادة سنوية بلغت 6.4%، وفقاً لبيانات البنك المركزي.

مخرج بطاقات الخصم

تختلف بطاقات الخصم التي تمتلكها الشركات عن قرينتها لدى الأفراد، حيث أن سقف السحب أو الدفع لبطاقات الشركات يكون عادة كبيراً جداً مقارنة ببطاقات الخصم الشخصية. ويعود ذلك إلى ضخامة الأموال في الحسابات المصرفية الجارية لدى الشركات عند مقارنتها بحسابات الأفراد.

ويفرض استخدام البطاقات (داخل البلد أو خلال السفر) لإجراء المشتريات من أسواق خارج البلاد تسوية هذه المعاملات بالعملة الأجنبية، ما يعني إلزام البنوك المحلية التي تحتضن تلك الحسابات بالدفع بالدولار نيابة عن العملاء الذين يتم التحصيل منهم بالعملة المحلية مقابل تلك العملية.

ومن الشركات ما قد يكون لديها فروع عاملة في الخارج ولديها حسابات في مصارف أجنبية خارج البلاد، ما يساعدها على تسوية معاملاتها بالعملة الصعبة في الأسواق الخارجية دون اللجوء إلى حساباتها المحلية.

لكن في أوضاع غير مستقرة لسعر الصرف، قد تفضل بعض الشركات استخدام حساباتها في بلادها بالعملة المحلية في معاملاتها الدولية خشية استنزاف الدولارات التي بحوزتها في الخارج. ومن الشركات ما قد لا يكون لديها حسابات خارجية أو بطاقات خصم. لذلك قد يلجأ مديروها إلى استخدام بطاقات الخصم الخاصة بهم لتسوية مشتريات شركاتهم من الخارج على أن تسدد لهم الشركات ما تكلفوا به. وهو ما قد يستدعي تغذية مستمرة لبطاقات الخصم للمديرين بالجنيهات، وتلاعباً في الفوترة. وفي الحالتين، سيكون البنك ملزماً بالتسديد بالدولار للأسواق الخارجية.

وفي حين تعاني مصر من شح شديد في السيولة الدولارية منذ الأزمة الأوكرانية-الروسية وما أعقبها من خروج الأموال الساخنة من البلاد، وتفاقم التضخم وزيادة الأسعار، فإن الاستعانة بالحسابات المحلية قد لا يكون مناسباً إذا لم تكن عملة تلك الحسابات بالدولار. لذلك قد تمثل بطاقات الخصم مخرجاً للشركات للدفع بالعملة المحلية، وإلقاء مهمة التسديد بالعملة الأجنبية على المصارف.

المركزي المصري يوجه البنوك بوقف استخدام "بطاقات الخصم" في الخارج

يقول صاحب إحدى الشركات الناشئة المتخصصة في خدمات التعليم والتعلم عن بعد، اشترط عدم كشف هويته، إن الأزمة الحقيقية لدى الشركات والأفراد تتركز في "الدعاية والتسويق" الإلكتروني، لأن دفع مقابل الإعلانات على المنصات المختلفة يتم بالدولار. وأضاف: "لم يعد أمام الشركات المحلية التي تحصل إيراداتها بالجنيه، سوى الدفع ببطاقات الائتمان، وحدودها تقلصت كثيراً، كما أن طرق سدادها صعبة مقارنة ببطاقات الخصم المباشر".

وأشار إلى أن "شركة (ميتا) تتيح إمكانية الدفع بالجنيه للإعلان على منصاتها عبر شركات محلية، لكن ذلك لا ينطبق على كافة المستخدمين، وأتوقع أنه لو زاد اعتماد المعلنين على هذا الخيار (المتاح فقط للبعض)، فإن الجهاز المصرفي -على ما أعتقد- سيتدخل لوقف هذا النشاط مثل ما حدث أخيراً مع بطاقات الخصم المباشر".

أضرار بالغة

محمد عبد المنعم، الشريك المؤسس والمدير التنفيذي لشركة "بيراميد بيتس" (PyramidBITS) المتخصصة في مجال تكنولوجيا المعلومات والتحول الرقمي، استعرض خيارات الشركات أمام القرار الجديد، وقال إن "شركات التكنولوجيا، لا سيما تلك غير التابعة لشركات دولية، تقف أمام تحد جديد، حيث يجري سداد جميع مصروفات ملكية الموقع والاستضافة للمواقع والتطبيقات الإلكترونية بالعملات الأجنبية، والشركات في مصر أمامها خيارات عدة للتعامل مع الموقف، أولها فتح حسابات دولارية واستخراج بطاقات خصم مباشر بالدولار، للتمكن من سداد الالتزامات الخارجية في مصر، أو الاتجاه نحو استخدام بطاقات بنوك خارجية في مصر لسداد الالتزامات بالعملات الصعبة".

لماذا أوقفت مصر استخدام "بطاقات الخصم" خارج البلاد؟

طالب عبد المنعم باستثناء بطاقات الخصم المباشر لحسابات الشركات من القرار مع استمرار تطبيقه على الأفراد للتصدي لسوء استخدام البطاقات في تهريب العملات الأجنبية، مشيراً إلى وجود عقبة أخرى، وهي أنه "لا يمكن للشركات استخدام بطاقات المشتريات (البطاقات الائتمانية) في سداد المدفوعات الخارجية، إذ ترفض غالبية البنوك استخراجها للشركات على عكس الأفراد".

117 بطاقة مع مسافر واحد

أعلنت سلطات جمارك مطار القاهرة الدولي يوم أمس الثلاثاء، نجاحها في ضبط 117 بطاقة (فيزا) مع راكب مصري قادم من الإمارات، بأسماء مختلفة ولحسابات بنوك متنوعة، استخدمها في حدودها القصوى لسداد ثمن بضائع يقوم بإحضارها أو بشحنها إلى مصر.

يقول مصطفى بدرة، أستاذ التمويل والاستثمار بجامعة القاهرة، إن وقف استخدام "بطاقات الخصم المباشر" للعملاء في الخارج هو "قرار خاطئ". وهو يرى ضرورة وجود استثناءات من هذا القرار، تتمثل في الاحتياجات الدولارية للشركات والأغراض التعليمية والصحية، مع التنويه قبلها بشهر على الأقل، حتى يستطيع الأفراد والمؤسسات تسديد المصروفات ذات الطابع السنوي.

واستبعد بدرة أن يكون للقرار تأثير ملموس على حصيلة الدولار في مصر. وقال: "عدد المستفيدين من بطاقات الخصم في الخارج محدود، ومعدلات الإنفاق منخفضة بالأساس، وإذا كان البعض قد أساء استخدام البطاقات في الخارج، فلتكن العقوبة خاصة به، وليس بمجتمع الأعمال بأكمله".

3 آلاف شركة في مرمى القرار

خالد إبراهيم، رئيس غرفة تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، بدأ تحركاً عملياً. "نستعد لتقديم مذكرة للبنك المركزي خلال ساعات لاستثناء شركات التكنولوجيا من القرار. فهذا القرار سيؤثر سلباً على أعمال نحو 3 آلاف شركة تعمل في مجال تكنولوجيا المعلومات في مصر، لا سيما الصغيرة والمتوسطة منها، والتي تستحوذ على الحصة الكبرى من السوق"، بحسب ما قاله لـ"الشرق". وأضاف أن الجزء الأكبر من مصروفات شركات التكنولوجيا يجري سداده بالدولار، وعدم السداد يوقف الأعمال كليًا. وقال: "نقترح رفع نسبة عمولة تدبير العملة بدلاً من الإلغاء بشكل كلي".

أشار إبراهيم إلى أن المنع سيسهم في توجّه الشركات نحو نقل مقراتها الرئيسية خارج البلاد والتخارج من السوق، وكذا نقل إيراداتها الدولارية إلى الخارج، مما يؤثر على نمو القطاع والاقتصاد القومي وتدهور ترتيب مصر في العديد من المؤشرات الدولية، سواء المتعلقة بسهولة أداء الأعمال، أو تلك المتعلقة بتكنولوجيا المعلومات والاتصالات.

وسطاء في الخارج

مدير تنفيذي في شركة خدمات مالية غير مصرفية رفض ذكر اسمه، قال لـ"الشرق" إن فرع شركته في الإمارات، هو الذي يقوم حالياً بالإنفاق على المصروفات الإعلانية الدولارية لفرع القاهرة.

أما أحمد إبراهيم، وهو صاحب شركة صغيرة في مجال التسويق الإلكتروني في مصر، فقال إن القرار يدفع مديري الإعلانات على مواقع التواصل الاجتماعي وشركات التكنولوجيا وشركات التسويق الإلكتروني، إلى الاتفاق مع وسطاء خارج مصر لسداد التزاماتهم بالعملات الأجنبية عوضاً عنهم، مقابل تحويل الحصيلة الدولارية إلى الخارج مباشرة، أو الدفع لهم بالجنيه في مصر بسعر السوق الموازية. وأضاف: "هناك حلان رسميان، كلاهما مرّ؛ أولهما فتح حساب دولاري واستخراج بطاقة خصم مباشرة، وهو أمر صعب لمن لا تتوافر لديه إيرادات دولارية ثابتة، أو طلب إصدار بطاقة مشتريات مدفوعة مقدماً (بطاقة ائتمانية)، ولكن استخراج بطاقة مشتريات مدفوعة مقدماً يتطلب اشتراطات كثيرة في مقدمتها ربط وديعة بمبلغ كبير لاستخراج بطاقة بحدود مرتفعة؛ وهو ما يزيد من الأعباء على الشركات التي تعاني من ارتفاع أسعار الخدمات التكنولوجية والإعلانات على مواقع التواصل الاجتماعي في ظل انخفاض قيمة الجنيه".

تصنيفات

قصص قد تهمك