وافقت شركة "ثري إم" (3M Co) مبدئياً على دفع أكثر من 5.5 مليار دولار لتسوية أكثر من 300 ألف دعوى قضائية تزعم أن الشركة باعت سدادات أذن معيبة كانت مخصصة للأغراض القتالية للجيش الأميركي، حسبما أفاد أشخاص مطّلعون على الاتفاق.
التسوية من شأنها أن تجنّب "ثري إم" مسؤولية أكبر بكثير، كانت سعت لإسقاطها من خلال قضية إفلاس مثيرة للجدل انهارت في نهاية المطاف، فقيمة التسوية تصل إلى نحو نصف الإجمالي الذي توقعه بعض المحللين الماليين، البالغ 10 مليارات دولار، مقابل الادعاءات بأن سدادات الأذن لم تكن آمنة بما يكفي لحماية أفراد الجيش.
أشارت تقديرات "بلومبرغ إنتيليجنس" إلى أن المسؤولية المحتمَلة للشركة تصل إلى 9.5 مليار دولار، في حين قدّر محللون في بنك "باركليز" المبلغ بنحو 8 مليارات دولار.
محادثات تسوية بشأن استحواذ "أمجين" على "هورايزون" قبل التقاضي
قال كارل توبياس، أستاذ القانون في جامعة ريتشموند الذي يحاضر في قضايا المسؤولية عن المنتجات: "يبدو أن شركة (ثري إم) تفاوضت على صفقة جيدة لها، نظراً إلى الأعباء التي فرضها عليها التقاضي على مدى سنوات عديدة خلال عقد من الزمان".
قال ممثل "ثري إم" إن الشركة لا تعلّق على الشائعات أو التكهنات.
أحكام مكلّفة
من شأن الاتفاق أن يُنهي سيلاً من الدعاوى القضائية التي تواجه الشركة، ومقرها في سانت بول بولاية مينيسوتا الأميركية، حتى في الوقت الذي تواجه فيه آلاف الدعاوى القضائية الأخرى بشأن "مواد كيميائية أبدية" (PFAS) من المحتمل أن تتجاوز تكلفة تسويتها صفقة سدادات الأذن بأضعاف مضاعفة. يُشار إلى أن "ثري إم" خسرت 10 قضايا من أصل 16 دعوى قضائية مبكّرة بشأن سدادات الأذن حتى الآن، مع منح تعويضات بأكثر من 250 مليون دولار لأكثر من 12 جندياً في الجيش.
في أحدث محاكمة، أمرت هيئة محلَّفين في فلوريدا الشركة المصنعة عام 2022 بدفع تعويضات لجيمس بيل، وهو من قدامى المحاربين في الجيش الأميركي، بقيمة 77.5 مليون دولار، بسبب فقدانه السمع نتيجة سدادات الأذن المعيبة تلك. قال بيل، الذي اختبر الأسلحة على مدى أربع سنوات ابتداءً من عام 2005، إنه أُصيب بفقدان السمع وبطنين في الأذن، وهو إحساس بالأزيز أو الهسهسة في الأذنين.
"سوني" و5 شركات كبرى ترفع دعوى على "إنترنت أركايف"
وُحّدَت مئات آلاف الدعاوى القضائية ضمن دعوى قضائية واحدة متعددة المقاطعات، أمام قاضٍ فيدرالي في ولاية فلوريدا، لتبادل المعلومات قبل المحاكمة والمحاكمات التجريبية، وفقاً لسجلات المحكمة الفيدرالية. يزعم أعضاء الخدمة العسكرية الحاليون والسابقون في هذه الدعاوى، أن "ثري إم" كانت على عِلم بأن سدادات الأذن قصيرة للغاية، بحيث لم تكن تعمل بفاعلية، وأنها لم تحذر الحكومة الأميركية أو المستخدمين, كما لم تتخذ خطوات لإصلاح المنتج.
بموجب شروط التسوية، فإن الشركة المصنعة للمنتجات الاستهلاكية الشعبية، مثل الأشرطة اللاصقة وأوراق الملاحظات اللاصقة المستخدمة في المكاتب، سوف تدفع هذه الأموال على مدى 5 سنوات، حسبما أفاد الأشخاص المطّلعون الذين طلبوا عدم الكشف عن هوياتهم لكونهم غير مخوَّل إليهم التحدث علناً بشأن الاتفاق. وأوضحوا أن مجلس إدارة "ثري إم" لا يزال عليه التوقيع على الاتفاق.
استراتيجية الإفلاس
كانت "ثري إم" سعت لتجنب مسؤوليتها من خلال جعل الوحدة التابعة لها "أيرو تكنولوجيز" (Aearo Technologies) تطلب الحماية من الدائنين، وفق الفصل 11 من قانون الإفلاس في عام 2021، لإحباط القضايا. هاجم منتقدون، منهم أساتذة القانون ودعاة حماية المستهلك، هذه المناورة، واعتبروها نموذجاً لتملُّص الشركات الرابحة التي تستخدم هذه العملية درعاً دون تقديم طلب إفلاس بنفسها.
في يونيو الماضي رفض قاضي إفلاسٍ قضيةَ "أيرو"، واعتبر أن "ثري إم" لم تكن تواجه أي نوع من المشكلات المالية التي تبرّر استخدام قانون الإفلاس لإدارة التقاضي. استأنفت "أيرو" على الحكم. كذلك رُفضت خلال العام الجاري قضية مماثلة رفعتها شركة "جونسون آند جونسون" لتسوية دعاوى تزعم تَسبُّب البودرة التي تصنّعها في مرض السرطان، من خلال اللجوء إلى قانون الإفلاس.
مع ضعف استراتيجية إفلاس "ثري إم"، سعى محامو الشركة وأفراد في الخدمة العسكرية إلى تسوية من خلال وساطة مطلوبة من القاضي الذي ينظر دعوى سدادات الأذن، وهو كيسي رودجرز قاضي المحكمة الجزئية الأميركي. ففي مايو أمر رودجرز، الذي خدم في الجيش بين عامَي 1985 و1987، مايك رومان، الرئيس التنفيذي لشركة "ثري إم"، بالسفر إلى فلوريدا لإجراء مفاوضات في هذا الصدد.
وفقاً للدعاوى القضائية، كانت سدادات الأذن معيبة على مدى 12 عاماً، بدءاً من عام 2003. وفي عام 2012، كانت 971,990 مطالبة بسبب أعراض طنين في الأذن قُدمت لإدارة المحاربين القدامى الأميركية، حسب ما تظهره السجلات الحكومية. وتشير تقديرات الخبراء إلى أن هذه المطالبات تتزايد بنسبة 15% سنوياً.
اتفاق سدادات الأذن ليس الأول الذي تعقده "ثري إم"، ففي عام 2018، بعد دعوى قضائية ضدّ المبلغين عن المخالفات، وافقت الشركة على دفع 9.1 مليون دولار لتسوية مطالبات مدنية من وزارة العدل الأميركية، بسبب عدم إطلاع الجيش على عيوب كانت على عِلم بها.
أما الدعوى القضائية بشأن "المواد الكيميائية الأبدية"، فوافقت "ثري إم" على سداد ما يصل إلى 12.5 مليار دولار لتنظيف إمدادات مياه الشرب في كل أنحاء الولايات المتحدة الملوثة بهذه المواد.
قضية سدادات الأذن مسجلة تحت اسم:
Re 3M Products Liability Litigation, 19-md-2885, US District Court, Northern District of Florida (Pensacola)
