بدأت شركة "هانوا إيروسبيس" (Hanwha Aerospace) تصنيع أول صاروخ لأغراض تجارية في كوريا الجنوبية واضعة هدفاً طموحاً يتمثل في منافسة سعر الصاروخ الذي تنتجه شركة "سبيس إكس" التابعة لإيلون ماسك بغضون العقد المقبل.
الشركة هي جزء من تكتل "هانوا غروب" (Hanwha Group)، والذي مضى على تأسيسه 71 سنة وبدأ العمل في تصنيع المتفجرات، وتفرع لنشاط مبيعات الأسلحة، وشرع حالياً في التحوّل لمجالات الطاقة الخضراء والدفاع والفضاء. تسهم حصيلة بيع الأسلحة لجيران أوكرانيا في تمويل مساعي "هانوا" لتوسيع أعمالها في الفضاء والتي دشنتها قبل سنتين.
قال يو دونغوان، نائب الرئيس التنفيذي الأول لـ"هانوا إيروسبيس" أثناء مقابلة، بأن "نوري" أو (Nuri)، وهو صاروخ من تصميم المعهد الكوري لبحوث الفضاء بالاعتماد على محركات "هانوا"، غير قابل لإعادة الاستخدام، ولكن الهدف هو تخفيض تكلفة الإطلاق بمقدار النصف بحلول 2032 لمنافسة أسعار "سبيس إكس".
تبلغ تكلفة الصاروخ "فالكون9" الذى تصنعه "سبيس إكس" حالياً نحو 67 مليون دولار لكل عملية إطلاق.
مطاردة "سبيس إكس"
أوضح دونغوان لتلفزيون بلومبرغ من سيؤول: "مبدئياً ربما نكون كياناً يركز على نشاط محدود، لكن في نهاية المطاف نطمح إلى اللحاق" بركب سبيس إكس.
صعدت أسهم "هانوا إيروسبيس" بما يفوق 30% العام الحالي، بعد أن قفزت 53% خلال 2022 بعدما دمجت "هانوا غروب" (Hanwha Group) كافة أنشطتها الدفاعية في "هانوا إيروسبيس". تُعدّ مجموعة "هانوا غروب" تكتلاً عائلياً متعدد الأنشطة تسيطر على أغلبيته أسرة الوريث الوحيد، دونغ كوان كيم، خريج جامعة هارفارد، والذي يقود أنشطة الفضاء.
على غرار منافسين آخرين، تحاول "هانوا إيروسبيس" أن تصبح أكثر من مجرد شركة لتصنيع صواريخ وتبذل جهودها للانتقال لتشغيل الأقمار الصناعية واستكشاف القمر واستخراج الموارد الطبيعية.
اشترت "هانوا إيروسبيس" حصة 9% في شركة الأقمار الصناعية البريطانية الناشئة "وان ويب" (OneWeb)، والتي تنافس "ستارلينك" التابعة لـ"سبيس إكس" لخدمات توفير الإنترنت عبر الأقمار الصناعية. تعمل "هانوا غروب" الشركة الأم على الاستحواذ على 49.3% لتكون أكبر مساهم في شركة "دايو شيب بيلدينغ آند مارين إنجنيرنغ" (Daewoo Shipbuilding & Marine Engineering) لبناء الغواصات.
التصنيع المحلي
وضع رئيس كوريا الجنوبية يون سوك يول تطوير صناعة صواريخ تجارية محلية هدفاً له. ظفرت "هانوا إيروسبيس" خلال السنة الماضية بمناقصة تطوير الجيل التالي من الصواريخ التجارية للبلاد بالتعاون مع الحكومة.
تعتزم خطط "هانوا"، التي عملت فقط على قطع غيار ومحركات الطائرات حتى الآن، تصنيع 3 صواريخ من طراز "نوري" إضافية بالتعاون مع باحثين حكوميين.
وفي اليابان، تستهدف "ميتسوبيشي هيفي اندستريز " عبر صاروخها "اتش ثري" (H3)- الذي أخفق مؤخراً في بلوغ مداره- الوصول بتكلفة عملية الإطلاق الواحدة لـ50 مليون دولار.
أشار يو إلى أن الطلب على الصواريخ الكورية ستقوده الحكومة في بادئ الأمر، لكن الهدف هو تقليص التكلفة في نهاية المطاف للنصف فقط. مضيفاً أن "هانوا" تطمح إلى تصنيع صاروخ من الجيل المقبل بمفردها.
أكد يو: "نستهدف تصنيع صاروخ قابل لإعادة الاستخدام، وهذا أمر ينبغي لنا أن نطوره بمفردنا، نظراً لأن الشركات الأجنبية غير مستعدة لمشاركة هذه التكنولوجيا معنا".
مُصدّرة أسلحة
شركة "هانوا" واحدة من أسرع شركات الفضاء والدفاع التعاقدية نمواً على مستوى العالم. واحتلت شركة "هانوا سيستمز" (Hanwha Systems)، التابعة لـ"هانوا إيروسبيس"، المرتبة الثالثة من حيث نمو الإيرادات بين 100 شركة قامت " برايس ووتر هاوس كوبرز" (PwC) بتحليل بياناتها في تقريرها العالمي عن الفضاء والدفاع خلال 2022. وتربعت على عرش الشركات الآسيوية.
سجلت "هانوا إيروسبيس" العام الماضي مبيعات قياسية وصلت إلى 6.5 تريليون وون (5 مليارات دولار) مسجلة أرباحاً تشغيلية قياسية بقيادة الأسلحة. وأبرمت عقداً جديداً مع بولندا، كما أسست شراكة مع رومانيا، وكلاهما تقعان بجوار أوكرانيا، بالإضافة إلى مصر.
ارتفعت صادرات كوريا الجنوبية من الأسلحة 74% خلال العام الماضي، بالمقارنة مع تراجع 35% في المملكة المتحدة، وتقهقر بنسبة 4.4% في إسبانيا، وهبوط بـ15% في إسرائيل، بحسب تقرير أصدره معهد ستوكهولم الدولي لبحوث السلام.
تحظى كوريا الجنوبية بموقع فريد في سوق الأسلحة العالمية بفضل أسعارها المعقولة إلى حد ما، كما أنها تستهدف التفوّق على أنظمة التسليح التقليدية السوفيتية التي تستخدمها جارتها كوريا الشمالية. اُستخدمت مدافع "هانوا" من طراز "كيه-9" (K-9) خلال القصف المتبادل بين الكوريتين خلال 2010 في جزيرة يونبيونغ.
أوضح لي دونغ هيون، وهو محلل شركة "شينهان فاينانشال إنفستمنت" (Shinhan Financial Investment) في سيؤول: "تجني هانوا أموالاً طائلة من صفقات بيع الأسلحة، ما يمنحها القدرة على الاستثمار بمجال الفضاء".