قبلت شركة "توشيبا" عرض شراء بقيمة 15.3 مليار دولار المُقدّم من تحالف ياباني، وفق ما كشفته صحيفة "نيكاي"، إذ تقترب المجموعة العملاقة من إنهاء فصل مضطرب في تاريخها الذي يزيد عن 140 عاماً.
وافق مجلس إدارة الشركة التي يقع مقرها في طوكيو يوم الخميس على عرض بنحو تريليونَيْ ين (15.3 مليار دولار) من مجموعة تقودها شركة الأسهم الخاصة المحلية "جابان إندستريال بارتنرز" (Japan Industrial Partners)، وفق التقرير الذي لم يكشف عن مصادر المعلومة.
يمكن لهذه الخطوة أن تسدل الستار على سنوات من الاضطرابات واجهتها العملاقة اليابانية بعد سلسلة من الفضائح أضرت بالشركة ووضعتها على مسار البيع.
نجم "توشيبا" الخافت يواصل البحث عن ملاذ آمن
اختلفت إدارة "توشيبا" والحكومة اليابانية ونسبة كبيرة من المساهمين الأجانب في الشركة غير معتادة حول مستقبل المؤسسة، حيث يسعى المستثمرون الناشطون إلى تعظيم العوائد، بينما أعطت الدولة الأولوية لإبقاء التقنيات والشركات الحساسة بعيداً عن أيدي الأجانب.
رأت قائمة من المستثمرين الناشطين البارزين فرصة في الوضع الراهن، واستحوذت على حصص في "توشيبا"، لتسليط الضوء على الوضع والمساعدة في تحويله إلى حالة اختبار لحوكمة الشركات اليابانية. وكان من بين هؤلاء المستثمرين شركة "إليوت مانجمنت" التابعة للملياردير بول سينغر، وشركة "أواسيس مانجمنت" التابعة لـ"سيث فيشر"، وصناديق "إفيسيمو كابيتال مانجمنت" (Effissimo Capital Management) و"ثري دي انفستمنت بارتنرز"(3D Investment Partners) التي يقع مقرها في سنغافورة.
كما درست بعض أكبر شركات الأسهم الخاصة في العالم تقديم عروض استحواذ، بما في ذلك "باين كابيتال" (Bain Capital) و"سي في سي كابيتال بارتنرز" (CVC Capital Partners) و"كيه كيه آر آند كو" (KKR & Co).
الأمن القومي الياباني
تُعدّ أعمال الطاقة النووية لشركة "توشيبا" مهمة للأمن القومي. حيث تشارك ذراعها في إيقاف تشغيل محطة "فوكوشيما داي إيتشي" للطاقة الذرية، التي دُمرت في الزلزال وأمواج تسونامي والانهيارات النووية في 2011. وهو ما يجعل من الصعب على الحكومة قبول نقل ملكيتها إلى شركة خارجية.
إذا تمت عملية البيع، فستكون واحدة من أكبر عمليات الاستحواذ الآسيوية هذا العام في وقت تراجعت فيه أحجام الصفقات. وستكون أيضاً واحدة من أكبر عمليات الاستحواذ التي تقودها الأسهم الخاصة في اليابان.
مسار محفوف بالأزمات
كان الطريق إلى الحصول على موافقة مجلس الإدارة صعباً. حيث واجهت الصفقة عدة تأخيرات، وأفادت بلومبرغ نيوز أن التحالف الذي تقوده "جيه آي بي" واجه ظروفاً صعبة تتعلق بتأمين التمويل، خاصة بعد أن باتت البنوك أكثر حذراً بشأن توفير السيولة للصفقات الكبيرة وسط بيئة اقتصادية أقل ملاءمة.
من جهتها، مرّت "توشيبا" من كارثة إلى أخرى على مدار السنوات الثماني الماضية، بدءاً بفضيحة محاسبية في 2015 دمرت الأرباح وأدت إلى إجراء إعادة هيكلة على مستوى الشركة. كما أدى الانهيار اللاحق لدخول أعمال الشركة في مجال الطاقة النووية في الولايات المتحدة المُكلف إلى شطب 6.3 مليار دولار، ما عزز من احتماليات شطبها. واضطرت إلى بيع وحدة رقاقات ذاكرة، والتي تُعد درة تاج الشركة، لتعرض أسهماً اقتنصها المستثمرون الأجانب.
صناديق التحوط تكافح لإخراج "توشيبا" من أزمتها
منذ ذلك الحين، اختلف مالكو الأسهم والمديرون التنفيذيون حول مستقبل الشركة. عندما سعت شركة "إفيسيمو" (Effissimo) في 2020 إلى تعيين أحد مؤسسيها ومرشحين آخرين في مجلس إدارة "توشيبا"، وهو ما رفضه المساهمون. وشككت "إفيسيمو" في كيفية إجراء التصويت، واقترحت تعيين محققين مستقلين للنظر فيه، وفازت بتصويت بارز للمساهمين في 2021. وزعم تقرير التحقيق أن إدارة "توشيبا" تعاونت مع حلفائها بالحكومة للتأثير على النتيجة.
وفي أوائل العام الماضي، رفض مالكو الأسهم اقتراحاً من الإدارة بتقسيم الشركة إلى قسمين، والذي تم طرحه كبديل لبيع التكتل إلى الأسهم الخاصة، وهو ما دعا إليه المستثمرون. أدى فشل تلك الخطة إلى بدء البحث عن خيارات استراتيجية لمستقبل "توشيبا"، بما في ذلك البيع المحتمل. وتم اختيار "جيه آي بي" كأفضل مزايدة في أكتوبر.
"توشيبا" تغيّر خطة انقسامها لتصبح شركتين بدلاً من ثلاث
تأسست "جيه آي بي" التي يقع مقرها في طوكيو في عام 2002 من قبل هايديمي مو، الذي لا يزال يشغل منصب الرئيس التنفيذي لصندوق الاستحواذ. وبدأ مو حياته المهنية في البنك الصناعي الياباني، والذي كان واحداً من المؤسسات التي تم دمجها لتشكيل "ميزوهو فاينانشيال غروب" (Mizuho Financial Group) في عام 2000. شاركت "جيه آي بي" في شراء الأعمال التي اعتبرتها شركاتها الأم هامشية، وهي معروفة بشراء شركة "فايو كورب" (Vaio Corp) من "سوني غروب" عام 2014.