الشركات الصغيرة المتعطشة للتمويل ولت وجهها نحو "بنوك الظل".. و85% من الشركات التقليدية ليس لديها سيولة

كيف ستعالج الصين نقص سيولة الشركات من دون الضغط على البنوك؟

مبان في منطقة صناعية بشنغهاي، الصين - المصدر: بلومبرغ
مبان في منطقة صناعية بشنغهاي، الصين - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

- مقال رأي

برغم الحديث الدائر عن انتعاش الاقتصاد الصيني بعد (كوفيد-19) والتغيرات الشاملة في القيادات العليا للبلاد؛ فإنَّ كبرى مشكلات بكين ما تزال تكمن في شركاتها الصغيرة والمتوسطة.

بينما تقترب الصين بشدة من تحقيق هدف النمو البالغ 5%؛ فإنَّ هذه الشركات لديها دور كبير لتلعبه، فهي تشكل جزءاً كبيراً من منظومة التصنيع، وتساهم بنحو 60% من الناتج المحلي الإجمالي، وتمثل جانباً كبيراً من الصادرات. بدأت بكين في الحديث عن تدابير لمساعدة الشركات الصغيرة والمتوسطة في يناير الماضي. حث الرئيس شي جين بينغ هذه الشركات، مثل العديد من المرات السابقة، على زيادة الإنتاج على وعد بدعمها.

لكنَّ الشركات الصغيرة والمتوسطة ما تزال عالقة في حالة ركود. فحتى فبراير، كان مقياس الأداء الحالي، الذي يستند إلى عوامل مثل الإنتاج والطلبيات الجديدة والاستثمار والمخزونات والربحية، قريباً من أدنى مستوياته في عدة سنوات. لم يساعد الخطاب المتفائل حول النمو بالآونة الأخيرة في تعزيز المعنويات.

%85 من الشركات ليس لديها سيولة

مع تفشي جائحة كورونا، كانت هذه الشركات الصناعية- ومعظمها يعمل في القطاعات الاعتيادية تمر بالفعل بحالة من الضعف. غير أنَّ الأمور ساءت في ذروة إجراءات الحد من تفشي كوفيد، فقد أظهر استطلاع للرأي أنَّ نحو 85% من الشركات لم يكن لديها ما يكفي من السيولة النقدية لمواصلة العمل بعد إغلاق دام ثلاثة أشهر. وكان سداد القروض مشكلة كبيرة.

الآن، ومن أجل الاستمرار في الإنتاج والالتزام بتوجيهات شي، تزداد القروض المقدمة للشركات بأسرع معدل منذ أكثر من عام ونصف، متجاوزة تلك المقدمة للأسر. انعكس ذلك على البنوك الإقليمية الأصغر في الصين، حيث تنمو الأصول بسرعة تكاد تقارب سرعة نمو نظرائها الأكبر حجماً من تلك المملوكة للدولة التي تميل إلى خدمة الشركات الكبرى.

"يو بي إس" يرفع توقعاته للنمو الصيني إلى 5.4% في 2023

ولّت أضعف الشركات الصغيرة - المتعطشة للتمويل وغير القادرة على الاستفادة من خطوط الائتمان الرسمية- وجهها نحو الحلقة الضعيفة في النظام المالي مرة أخرى، وهي بنوك الظل، وهي منذ فترة طويلة تمثل شكلاً من أشكال التمويل غير المدرج في الميزانية العمومية للمجتمع الصناعي الصيني.

كما أنَّ القروض الأكثر خطورة - التي تقدّمها شركات ائتمان تستقي تمويلها من إعادة هيكلة مثل هذه القروض في منتجات إدارة الثروات- آخذة في الازدياد.

ارتفع كذلك حجم الديون المؤتمتة، وهي تمثل الاقتراض بين شركات تضطلع البنوك بدور الوسيط فيها، وبرغم أنَّها ليست قريبة من الذروة التي بلغتها في 2017، قبل حملة قوية لخفض الديون قضت على العديد من الشركات والمؤسسات الشبيهة بالبنوك؛ فإنَّ العودة إلى العادات السيئة أمر مثير للقلق.

البنوك ليست أفضل حالاً

في الوقت نفسه، ليست البنوك التجارية في المدن والريف بأفضل حالاً من الشركات الصغيرة والمتوسطة. فعادة ما تكون البنوك الأصغر مستودعات للأصول "السامة". فهوامشها المالية الاحتياطية ضعيفة، مما يحد من قدرتها على التعامل مع القروض المتعثرة نظرياً، من الشركات الصغيرة المتعثرة.

كما أنَّ هوامش الفائدة الصافية منخفضة وتتقلص. فضلاً عن ذلك، تُدار حوكمتها وأولوياتها، في كثير من الحالات، محلياً ولا تكون مخاطر الائتمان دائماً على رأس اهتماماتها. ولم تشهد إصلاحات منهجية واستئصال أوجه الخلل والقصور فيها.

في فبراير، وضعت بكين مسودة إجراءات صارمة تتماشى مع المعايير العالمية لمساعدة البنوك على تصنيف الأصول حسب نوع المخاطر وحجم الأعمال. ينصب تركيز هذه القواعد على تحديد القدرة الكلية للمقترضين على سداد ديونهم، وليس على مجرد قرض، مما يشير إلى تزايد القلق بشأن السلامة المالية للشركات، وليس على دفاتر البنوك فقط. غير أنَّه، ومثلما تظهر الإخفاقات العالمية وعمليات الإنقاذ الشهر الماضي، فإنَّ مجرد معرفة وجود المخاطر ليس كافياً.

الصين تخفض نسبة الاحتياطي الإلزامي للبنوك لتعزيز الاقتصاد

في ظل الهيئة التنظيمية الجديدة في الصين، في حال دُفعت الشركات إلى فعل شيء إزاء قروض من المحتمل أن تتعثر؛ فسيكون من الصعب على البنوك استيعابها. ومع تخبط النظام المصرفي العالمي، فمن غير المرجح أن تتخذ بكين أي خطوة من شأنها زعزعة الثقة. ولن تطبق هذه القواعد قبل العام المقبل.

تريد بكين الآن المزيد من الشركات الصغيرة والمتوسطة؛ فهي تأمل في إقامة 150 ألف مشروع صغير مُبتكر وأكثر من 10000 "عملاق صغير" بحلول نهاية هذا العام. وعلى خلفية الأوضاع الحالية، سيكون من الصعب على هذه الشركات الجديدة أن تنجح وأن تستمر الشركات القديمة، ومن دون تغييرات مؤلمة ودقيقة؛ لن يتغير مصيرها ومصير مقرضيها في أي وقت قريب.

اضغط هنا لقراءة المقال الأصلي
هذا المقال لا يعكس موقف أو رأي "الشرق للأخبار"وهو منشور نقلا عن Bloomberg Mediaولا يعكس بالضرورة آراء مجلس تحرير Bloomberg أو ملاكها
تصنيفات

قصص قد تهمك