الشركة استفادت من أزمة التوريد وربحت 31 مليار دولار العام الماضي لكنها تتوقع 2 مليار دولار فقط هذا العام

الأرباح الأسطورية لعملاقة الشحن "ميرسك" لن تتكرر في 2023

سفينة راسية في ميناء تحمل شعار "ميرسك" - المصدر: بلومبرغ
سفينة راسية في ميناء تحمل شعار "ميرسك" - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

- مقال رأي

لو أخبرتك قبل ثلاث سنوات أنَّ شركة الشحن الدنماركية العملاقة "أي بي مولر ميرسك" (A.P. Moller-Maersk) ستُبلغ عن أرباح تشغيلية تبلغ 31 مليار دولار لعام 2022، وتعد بإعادة ما يقرب من نصف ذلك إلى المساهمين، لكنت قلت إنَّني مجنون، لكنَّها فعلت هذا. برغم ذلك؛ فإنَّ ازدهار صناعة الشحن خلال حقبة "كوفيد" قد انتهى، وتبدو آثار ذلك قاتمة.

توقَّعت شركة "ميرسك"، يوم الأربعاء الماضي، أن تنخفض أرباحها التشغيلية إلى ما لا يزيد عن ملياري دولار هذا العام (أو 5 مليارات دولار إذا سارت الأمور على ما يرام)، في ظل خفض المستهلكين حول العالم لإنفاقهم، مما تسبب في انخفاض أحجام الشحن، وأسعاره. في حين أنَّ "ميرسك" في وضع جيد لاجتياز هذه العاصفة؛ فإنَّ أيامها كواحدة من أكثر الشركات ربحية في أوروبا باتت معدودة.

العودة إلى الوضع الطبيعي

ما يبدو وكأنَّه يمثل كارثة، هو في الحقيقة عودة إلى الوضع الطبيعي. ففي السنة المالية 2019 التي سبقت الوباء، أعلنت "ميرسك" عن أرباح تشغيلية بلغت 1.7 مليار دولار. من وجهة نظر العملاء؛ فإنَّ عودة الأمور إلى طبيعتها هو أمر جيد بالتأكيد.

خلال الفترة الفاصلة، كان المصدرون والمستوردون يدفعون أسعاراً باهظة في محاولة يائسة لتأمين مساحة على متن السفن، مما ولّد عدة مكاسب هائلة لمشغلي السفن.

اقرأ أيضاً: "ميرسك" تتوقع انكماش التعاقدات التجارية عالمياً 2.5% في 2023

لكن في عام 2023، تتوقَّع شركة "ميرسك" أن ينكمش الطلب على الحاويات بنسبة تصل إلى 2.5%. يرجع ذلك جزئياً إلى أنَّ تجار التجزئة طلبوا الكثير من البضائع أثناء الوباء، ولديهم الآن فائض في المخزون. تراجعت حدة الازدحام في الموانئ، ما أجبر مشغلي الأساطيل على وقف نشاط بعض السفن. وقد يتفاقم فائض القدرة الجديد في نهاية هذا العام عندما يبدأ منافسو "ميرسك" في استلام سفن جديدة.

تغير خريطة المنافسة

يقع على عاتق الرئيس التنفيذي الجديد فينسينت كليرك تحديد مسار لاجتياز العاصفة الوشيكة، بعدما استقال سلفه سورين سكو في بداية يناير، في توقيت مثالي عندما كانت السوق في قمتها، كما لو أنَّه استشعر انحدارها.

يعد القرار الأول الكبير لـ"كليرك" - المتمثل في حل تحالف مشاركة السفن مع شركة "ميديتريانيان شيبينغ" (Mediterranean Shipping) للشحن التي تتخذ من سويسرا مقراً لها اعتباراً من عام 2025 - إيجابياً لأولئك الذين يعتقدون أنَّ لدى شركات الشحن علاقة متقاربة للغاية، وتستفيد من إعفاءات مكافحة احتكار مفرطة السخاء.

اقرأ المزيد: ارتفاع تكاليف الشحن يفاقم الضغوط على أسواق النفط

لكنَّ الأمر يُنذر بمزيد من المنافسة في المياه الدولية المفتوحة، الأمر الذي لن يسعد المستثمرين. إنَّ الاتجاه الذي أعيد تشكيله، حيث يتم نقل سلاسل التوريد الصناعية من آسيا إلى أوروبا، والولايات المتحدة هو بمثابة تأثيرات معاكسة أخرى.

حلول غير ناجحة

حاولت شركة "ميرسك" التحوط ضد تباطؤ الشحن عن طريق تحويل العملاء إلى عقود أطول أجلاً، وتوسيع أنشطتها اللوجستية البرية من خلال عمليات الاستحواذ، لكنَّ الأمر لم يكن دواءً سحرياً.

تتجه معدلات الفائدة على العقود طويلة الأجل لتقترب من معدلات الفائدة الفورية الهابطة للعقود قصيرة الأجل، في حين أنَّ ذراع الخدمات اللوجستية الأقل ربحية لشركة "ميرسك" تشعر بنفس الضغوط الناجمة عن ضعف الطلب.

اقرأ أيضاً: تكاليف الشحن القياسية تُضيف مزيداً من الأزمات لمنتجي السيارات في العالم

الآن، انخفضت أرباح أعمال خدمات الموانئ لدى "ميرسك" المرتبطة بتقديم حلول التخزين للعملاء المتأثرين بازدحام الموانئ (وهو شيء لن يكون العملاء غير سعداء بشأنه).

أساس مالي متين

أحد الجوانب الإيجابية التي أنتجتها ثلاث سنوات من الفوضى بسبب الوباء يتمثل في أنَّ شركات الشحن لديها أساس مالي أكثر متانة، إذ كان لدى "ميرسك" 12.6 مليار دولار من صافي السيولة النقدية في نهاية ديسمبر، مقارنةً بصافي ديون بلغ حوالي 12 مليار دولار في عام 2019.

من خلال الحفاظ على حجم أسطولها الحالي، ورفضها التبذير على سفن جديدة، كانت "ميرسك" أكثر حذراً بكثير من بعض منافسيها. فحتى بعد إعادة 14 مليار دولار نقداً إلى المساهمين عن طريق توزيعات الأرباح، وإعادة شراء الأسهم في عام 2023، والسعي لمزيد من الاستثمارات في مجالات الخدمات اللوجستية، وإزالة الكربون، ستكون ميزانيتها العمومية في حالة جيدة.

ستظل "ميرسك" ركيزةً حيويةً في سلاسل التوريد العالمية، لكنَّنا لن نتحدث عنها كثيراً في المستقبل القريب. وربما يكون هذا الأمر جيداً.

اضغط هنا لقراءة المقال الأصلي
هذا المقال لا يعكس موقف أو رأي "الشرق للأخبار"وهو منشور نقلا عن Bloomberg Mediaولا يعكس بالضرورة آراء مجلس تحرير Bloomberg أو ملاكها
تصنيفات

قصص قد تهمك

الآراء الأكثر قراءة