بيزوس ضد أمباني: صراع أم لعبة انتظار؟

جيف بيزوس الرئيس التنفيذي لشركة أمازون (يمين) وموكيش أمباني رئيس شركة ريلاينس اندستريز  - المصدر: بلومبرغ
جيف بيزوس الرئيس التنفيذي لشركة أمازون (يمين) وموكيش أمباني رئيس شركة ريلاينس اندستريز - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

يشعل خلاف تجاري عادي فتيل النزاع بين أول وسادس أغنى رجلين في العالم، ولكن النزاع التجاري هو مجرد عرض جانبي؛ فما يتصارع جيف بيزوس، رئيس شركة "أمازون" و موكيش أمباني، رئيس شركة "ريلاينس اندستريز" بالفعل بشأنه هو المركز الأول في السوق الاستهلاكي الوحيد الذي يحوي أكثر من مليار شخص والمفتوح أمامهما هما الاثنين: الهند.

وساحة المعركة الظاهرية هي صفقة بقيمة 3.4 مليار دولار اقتنصتها شركة "ريلاينس اندستريز" المملوكة لأمباني في أغسطس للاستحواذ على أصول شركة التجزئة المحلية المثقلة بالديون "فيوتشر غروب Future Group ". وتحاول شركة أمازون منع الصفقة، وهذا في حد ذاته محبط؛ فقد كانت الآمال تتعلق بأن يعمل المليارديران معاً. وفي سبتمبر، نقلت "بلومبرغ نيوز"، أن أمباني أعطى خياراً لأمازون لشراء ما يعادل 40% من "ريلاينس ريتيل فينتشرز"، سعياً منه لتكرار النجاح الذي حققه العام الجاري في جذب "فيسبوك"، و"ألفابيت" كشركاء في منصته الرقمية.

ومن خلال محاولة منع أمباني من شراء "فيوتشر غروب"، ربما يريد بيزوس أن يشير إلى أنه يفضل أن يبقى منافساً، أو أن يشتري وقتاً لتحسين العرض المطروح على الطاولة حالياً.

صراع في قاعات المحاكم

وتصبح المعركة الحقيقية مثيرة للاهتمام خاصة عند قراءة ما بين سطور الإدعاءات والإدعاءات المضادة. فقد اشترت "أمازون" حصة بنسبة 49% العام الماضي في شركة خاصة يسيطر عليها كيشور بياني، رائد تجارة التجزئة الحديثة في الهند. وأعطى هذا الاستثمار عملاقة التجزئة الإلكترونية الأمريكية الحق في شراء أسهم بياني في "فيوتشر ريتيل المحدودة" الشركة المدرجة في البورصة اعتباراً من العام الثالث. والشرط الآخر لبيزوس هو ألا يبيع بياني أصوله – حوالي 1500 متجر حول العالم – لأشخاص معينين من بينهم "ريلاينس" التي تشغل أكبر سلسلة متاجر بالتجزئة في الهند.

وبعد الإعلان على اتفاقية "فيوتشر ريلاينس"، زعمت "أمازون" أن ذلك خرق الاتفاق، وحصلت على حكم مؤقت ضد البيع من محكمة تحكيم في سنغافورة، وهي محكمة محايدة مفضلة في آسيا لتسوية النزاعات في الاتفاقات الدولية. ثم كتبت الشركة الأمريكية خطاباً للبورصة الهندية وللجهة التشريعية وطلبت منهم عدم الموافقة على الصفقة.

وتحدت "فيوتشر ريتيل" موقف شركة "أمازون" قائلة إن حكم سنغافورة ليس له أي أساس قانوني في الهند؛ كما أن المحكمة في كل الأحوال لم تكن طرفاً في اتفافية المؤسسين. وبالنظر إلى التأثير المدمر لوباء كوفيد 19 على العمليات، يقول بائع التجزئة إنه يفعل الشيء الصحيح نيابة عن كل المساهمين فيما يتعلق ببيع الأصول إلى "ريلاينس".

وإذا حكمت محكمة التحكيم لصالح "أمازون" في مطالبتها بـ193 مليون دولار كأضرار بجانب الفائدة، فسيقع هذا الالتزام على عاتق الشركة الخاصة المملوكة لبياني والتي وقعت الاتفاق، حسبما قالت "فيوتشر ريتيل".

المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ


مستثمرون آخرون يدخلون على الخط

ويعد بياني مجرد بيدق في لعبة سيطرة أكبر بكثير، ولم تظهر أزمة النقدية لدى "فيوتشر"، فجأة، وكان لدى "أمازون" فرصة كبيرة للتحايل على القيود القانونية بشأن ملكية الأجانب لسلاسل التجزئة والتصرف كالفارس الأبيض المنقذ، ولكنها لم تفعل.

وربما لا تزال "أمازون" مهتمة بمشاركة أمباني ولكن بالسعر المناسب، وكتب له مستثمرون آخرون مثل "سيلفر ليك بارتنرز"، و"كيه كيه آر آند كو" شيكات بقيمة إجمالية 5 مليار دولار، خوفاً من أن يفوتهم ما قد يصبح أنجح مزيج في الهند بين التسوق المادي والرقمي، وهي استراتيجية من شأنها أن تعزز قيمة منافذ البيع بالتجزئة الخاصة بشركة "ريلاينس ريتيل" بجانب المتاجر المستقلة المتصلة بشبكة أمباني من الجيل الرابع التي تضم 400 مليون مستخدم، وتبلغ قيمة الحصة المعروضة على "أمازون" 20 مليار دولار، ولكن ربم سيتحمل بيزوس تكلفة انتظار رؤية كيف سينفذ أمباني خطته.

المنافسية الشديدة قد تحد من أرباح "ريلاينس ريتيل"

وأطلق موقع "أمازون" بالهند موسم الاحتفالات السنوي الشهر الماضي وسجل مبيعات قياسية في أول يومين، وقفزت كذلك إيرادات "ريلاينس ريتيل" بنسبة 30% في الربع المنتهي في سبتمبر مقارنة بالربع الذي يسبقه. ولكن رغم أن الإغلاقات بالهند انتهت، لم تفتح جميع المتاجر أبوابها بالكامل، ولم تتعاف الحركة تماماً خاصة في متاجر الموضة وأنماط الحياة في مراكز التسوق.

وتقدر شركة "ماكواري" أن ربحية سهم "ريلاينس اندستريز"، الشركة القابضة، في العام المالي المقبل ستكون أدنى بنسبة 23% عن إجماع المحللين. وتقول شركة السمسرة إن أسباب ذلك هي المنافسة الشديدة وارتفاع الاستثمار وانخفاض الهامش في قطاع التجزئة.

ويشير خطاب "أمازن" لمجلس الأوراق المالية والبورصة الهندي إلى سجل الهند في مؤشر "سهولة ممارسة الأعمال"، والذي يعد نقطة حساسة مع المستثمرين الأجانب بدءاً من "فودافون غروب"، إلى "كارين إنرجي Cairn Energy Plc". وقالت الشركة في الخطاب إنه يتعين على المشرّع محاسبة الشركات المدرجة في البورصة على معاملاتها، وفقاً لوكالة"رويترز".

صورة الهند كوجهة استثمارية تحت الاختبار

وآخر ما تريده الهند الآن هو المزيد من الانتقادات السيئة. وستضطر "أمازون" الواقعة في سياتل بالفعل للعمل ويدها مربوطة خلف ظهرها؛ حيث لا يُسمح لها -باعتبارها لاعب أجنبي في قطاع التجارة الإلكترونية- بامتلاك مخزن أو تقديم خصومات علنية على البضائع، كما قد يتم استحداث قواعد أكثر صرامة – تتعلق بالبيانات والخوارزميات – ومن الضروري ألا يعطي المشرعون فرصة للشركة لتصوير النزاع التجاري كدليل آخر على المعاملة غير العادلة للمستثمرين الأجانب في الهند.

ومن عدة جوانب، لعبة انتظار بيزوس قد لا تكون فكرة سيئة.

اضغط هنا لقراءة المقال الأصلي
تصنيفات