تسعى شركة "ويز للطيران" (Wizz Air) لاقتناص فرصة أن تصبح قوة في جميع أنحاء أوروبا، باستخدام هيكلها منخفض التكلفة ونفوذها المالي للاستحواذ على حصة أكبر من السوق عندما تنتهي جائحة كورونا.
فقد استغلت شركة الخصومات المَجريَّة سعة المطارات في إيطاليا وألمانيا والنرويج والمملكة المتحدة خلال الوباء، لكن هذا الاندفاع نحو الغرب تباطأ بسبب تدابير تهدف إلى تحقيق الاستقرار في صناعة تضررت بشدة من تفشي المرض.
وكانت السلطات في المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي مدّدت إعفاءً على القواعد التي تجبر شركات الطيران على التخلي عن فترات الإقلاع والهبوط غير المستخدمة، مما يحميها من المنافسين الذين يستهدفون التوسع في مراكز مثل مطار "غاتويك" في لندن.
وفي هذا السياق يجادل جوزيف فارادي، وهو الرئيس التنفيذي لـ"ويز للطيران"، بأن الإجراءات حمائية، وأن المطارات المتعطشة للرسوم سترحب بالمستأجرين الجدد.
ويضيف فارادي خلال مقابلة أُجريَت معه أن "المطارات تسرّح الموظفين نتيجة توقف شركات الطيران الحالية عن الرحلات، يمكننا إحياء تلك المطارات، لكننا نُمنع من ذلك".
خطة مطار غاتويك
سيساعد التحكم في مزيد من الخانات الزمنية شركة "ويز للطيران" على الحصول على حصة أكبر من انتعاش السفر عندما يحدث.
فلقد صمم فارادي نموذج الشركة على غرار شركة "رايان إير" (Ryanair) الأيرلندية، وهي أكبر شركة طيران في أوروبا. وأشارت الشركتان إلى أنهما ستستمران في تَسلُّم شحنات الطائرات وفتح قواعد جديدة استعداداً لموجة الصعود.
وفي سوق من غير المرجح أن تعود إلى مستويات عام 2019 لعدة سنوات، فإن أي مكاسب يحققونها ستأتي على حساب الآخرين.
يُذكر أن أسهم "ويز للطيران" قد اكتسبت 12% خلال العام الماضي، وهو الأداء الإيجابي الوحيد على مؤشر "بلومبرغ إي إم إي إيه لشركات الطيران" (Bloomberg EMEA Airlines).
وكان فارادي شعر بالإحباط بشكل خاص من مطار "غاتويك"، إذ تراجع كل من شركة "الخطوط الجوية البريطانية" (British Airways) وشركة "الطيران النرويجية" (Norwegian Air) وشركة "فيرجن أتلانتيك" (Virgin Atlantic)، فيما تريد "ويز للطيران" أن تضع 20 طائرة من طائراتها في هذا المركز الواقع في جنوبي لندن، لتنافس خطوط "إيزي جيت" (EasyJet).
لكن "ويز للطيران" لم تستطع حتى الآن إلا وضع طائرة واحدة فقط في مطار "غاتويك"، وتقول إنها عانت أيضاً بشأن توسعها في فرنسا وإيطاليا وهولندا والبرتغال وبولندا.
وفي هذا السياق قال جون ستريكلاند، الذي يدير شركة "جيه إل إس" (JLS) الاستشارية التي تتخذ من لندن مقراً لها: "أستطيع أن أفهم كلا الجانبين، فمن جهةٍ لديك شركة طيران تريد النمو في مطار شبه فارغ حالياً، ومن جهة أخرى لديك شركات طيران استثمرت لوقت طويل من أجل بناء هذه المحفظة القيّمة في الخانات الزمنية بالمطار".
ومن جهتها سعت شركة الطيران الأمريكية "جيت بلو" (JetBlue) للتوسع في مطار "غاتويك" ومطار "هيثرو" في لندن لإطلاق رحلات عبر المحيط الأطلسي.
وفي الشهر الماضي اشتكت "جيت بلو" إلى وزارة النقل الأمريكية من "التحديات المستمرة" في الحصول على خانات زمنية في المملكة المتحدة، حتى عندما وقفت شركة "فيرجن أتلانتيك" التابعة لـ"ريتشارد برانسون" عملياتها في "غاتويك" وخرجت شركة "الخطوط الجوية النرويجية" من أعمال المسافات الطويلة الموجودة هناك.
قوانين الخانات الزمنية
في الأوقات العادية، على شركات الطيران استخدام 80% على الأقل من أوقات الإقلاع والهبوط المخصصة لها في المطارات الأوروبية أو مواجهة فقدانها في العام التالي، وهو شرط عُلّق خلال فصل الشتاء. ويستعد الاتحاد الأوروبي لخفض هذا المعدّل إلى 25% بدءاً من 28 مارس حتى 30 أكتوبر.
ويمكن أن تعيد الشركات الخانات الزمنية إلى مجموعتها الأصلية، ولكن قبل ثلاثة أسابيع فقط من تاريخ المغادرة، وهذا ما ترى "ويز للطيران" أنه لا يتوافق مع تخطيط الجدول الزمني.
من جهتها تنازلت وزارة النقل في المملكة المتحدة، التي تشرف على حصص المطارات في المملكة المتحدة بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، تماماً عن قواعد الاحتفاظ بالخانات الزمنية في موسم الصيف المقبل.
وفي هذا الصدد قالت وزارة النقل في المملكة المتحدة في رسالة لها عبر البريد الإلكتروني، إن "من المهم أن ندعم قطاع الطيران حتى تتمكن شركات النقل من إعادة تشغيل خدماتها الاعتيادية فور سماح الوباء بذلك". وأضافت أن الإعفاءات تمنع أيضاً "الرحلات الجوية الوهمية المضرة بالبيئة" التي تُجرى لحماية السعة.
يُذكر أن مطار "غاتويك" الذي تملكه شركة " فينشي" (Vinci SA) الفرنسية، شهد انخفاضاً في حركة المسافرين بنسبة 78% في عام 2020. وفي حالة تعافي حركة السفر، سيسعى هذا المركز لإعادة القواعد المعتادة المتعلقة بالخانات الزمنية عند نهاية الصيف "لتحفيز شركات الطيران على التجارة أو إعادة الخانات غير المستخدمة" وفقاً لما قاله ستيوارت وينجيت، الرئيس التنفيذي لشركة "غاتويك"، في بيان له عبر البريد الإلكتروني.
من جهتها أضافت "إيزي جيت" أربع طائرات لأسطولها في مطار "غاتويك"، ليصل إجمالي طائراتها إلى 71 طائرة، عبر استخدام مقايضات وعقود إيجار مصدرها شركة "الطيران النرويجية" المفلسة.
وفي هذا السياق قالت شركة "إيزي جيت" عبر البريد الإلكتروني: "لشركات الطيران التي ترغب في النمو خانات زمنية متاحة". وأضافت أنه "لا ينبغي أن توضع شركات الطيران في موقف تحتاج فيه إلى القيام برحلات فارغة" للاحتفاظ بحصتها من أوقات الإقلاع أو الهبوط (الخانات الزمنية).
التكاليف وعمليات الإنقاذ
تقول "ويز للطيران"، وهي ثالث أكبر منافس بين شركات الطيران ذات الخصومات في أوروبا بعد "رايان إير" و"إيزي جيت"، إنها تحتاج إلى حقوق مطار دائمة لتبرير الاستثمار في مطار "غاتويك"، إذ إنها تتصور توظيف 800 شخص.
وتضيف "ويز للطيران" التي تتخذ من بودابست مقراً لها، بدعم من شركة "إنديغو بارتنرز" (Indigo Partners) التابعة لـ"بيل فرانك"، طائرات وتعزز شبكة قواعدها بأكثر من 50%.
وتنبع ميزتها في ما يتعلق بالتكلفة، من انخفاض الأجور في وسط أوروبا، إلى جانب أسطول يرتكز على طائرة "إيرباص SE A321" الأكبر حجماً ذات الهيكل الضيق، مما يقلّل التكاليف المتعلقة بكل راكب.
وبالإضافة إلى ذلك، خفض فارادي السعة بشكل أقل وقام بمطاردة حركة المرور المتبقية بشكل أكبر. وشغّلت شركة النقل هذه 27% من مقاعد ركابها المعتادة في شهر يناير، مقارنة بـ15% لدى "رايان إير".
وفي الوقت نفسه، استنكر كل من هذين الخصمين مليارات اليوروهات المقدمة في عمليات الإنقاذ الحكومية التي أغدقت على شركات طيران مثل "لوفتهانزا" (Deutsche Lufthansa AG) وعلى "الخطوط الجوية الملكية الهولندية" (KLM)، وأيضاً على "إير فرانس" (Air France)، إذ ذكرت صحيفة "لا تريبيون" يوم الثلاثاء أن الخطوط الجوية الفرنسية تتعرض لضغوط في مطار "باريس-أورلي" للتخلي عن مساحة هناك مقابل الحصول على مساعدة إضافية.
وبينما هم متحالفون الآن، فمن المرجح أن تضع طموحات "ويز للطيران" بشكل متزايد هذه الشركة في مرمى منافسها الأكبر.
وختاماً، قال نيل سوراهان، المدير المالي لشركة "رايان إير" في مقابلة هذا الأسبوع: إن "ويز للطيران ستستمر في النمو، وأتوقع تحقيقها مزيداً من النمو في وسط وشرق أوروبا، نحن لدينا قاعدة تكلفة أقل بكثير منهم، لكنهم مع ذلك يشكلون منافساً جيداً، أعتقد أننا سنبلي بلاءً حسناً خلال السنوات القليلة المقبلة".