أحرزت الشركات الصينية تفوقاً مبكراً العام الجاري على نظيراتها في الولايات المتحدة وأوروبا وذلك من حيث صفقات تمويل الأسهم، مدعومة بالتفاؤل بشأن إعادة فتح البلاد في الوقت الذي يواجه فيه العالم المتقدم أزمةً نتيجة ارتفاع أسعار الفائدة ومخاوف الركود.
جمعت الشركات الصينية والمساهمون بها 8.1 مليار دولار من خلال صفقات بيع أسهم إضافية والطروحات العامة الأولية من شنغهاي إلى نيويورك منذ بداية العام 2023، مقابل 4 مليارات دولار جمعتها الشركات الأميركية و1.1 مليار دولار من الشركات في أوروبا، حسبما أفادت البيانات التي جمعتها "بلومبرغ".
أداء الشركات الصينية يضعها على المسار الصحيح لتكون أول من يتعافى من الركود العالمي الذي ضرب مبيعات الأسهم العام الماضي، بعد الارتفاع الحادّ الذي دفعه محور بكين الهادف إلى إعطاء الأولوية للنمو من قيود "كوفيد". من المتوقع أن يكون الطريق إلى التعافي أكثر وعورة بالولايات المتحدة وأوروبا، حيث يستمر تشديد السياسة النقدية، فضلاً عن الضعف الاقتصادي الذي يلوح في الأفق، في تراجع الرغبة في المخاطرة.
قال جيمس بين، مدير محفظة لأسواق الاستثمار بالأسهم في "ميرياد أسيت مانجمنت" (Myriad Asset Management): "يُعدّ المستوى المتزايد لجمع رأس المال من قبل الشركات الصينية المُدرجة في الأسابيع القليلة الأولى من عام 2023 مؤشراً للمزيد من هذه العملية. الميزانيات العمومية للشركات الصينية بحاجة إلى التعزيز والاحتياطيات النقدية بحاجة إلى التجديد، بينما يستعيد الاقتصاد الصيني مسار نموه".
%46 حصيلة الاكتتابات الصينية في 2022
جاء تفوق الشركات الصينية في السوق الأولية مع انضمام الأسهم من هونغ كونغ إلى شنزن إلى قائمة أفضل الشركات أداءً في العالم، حيث ارتفع المقياس الرئيسي لشركات البر الرئيسي المدرجة في هونغ كونغ بنسبة 16% تقريباً هذا العام، مقارنة مع زيادة مؤشر "إس أند بي 500" بنسبة 5.8%.
يحدث ذلك أيضاً على خلفية عام قياسي من الاكتتابات العامة الأولية في السوق الصينية المحلية. دفعت طفرة الإدراج الجديدة في عام 2022 حصة الدولة من الحصيلة العالمية لعائدات الاكتتابات العامة الأولية لتصل إلى 46%، أي ما يقرب من أربعة أضعاف الولايات المتحدة، بعد أن كانت 13% فقط في نهاية العام السابق.
يُعزى هذا الارتفاع إلى عدد كبير من التعديلات في السياسة التي أقرها المسؤولون الصينيون في الأشهر الأخيرة، من إنهاء استراتيجية "صفر كوفيد" إلى تخفيف الحملة الشرسة بحق شركات التكنولوجيا، والحملة الشاملة لإنقاذ القطاع العقاري. كذلك بذلت السلطات جهوداً لتحسين العلاقات مع دول من بينها الولايات المتحدة وأستراليا.
السياسة النقدية الداعمة التي اتبعتها بكين، وهي تجنب الموقف المتشدد الذي يتبناه بنك الاحتياطي الفيدرالي وغيره من البنوك المركزية الكبرى على مستوى العالم، واصلت تأثيرها في توفير حماية للأصول الصينية.
الطروحات الثانوية تتعافى
تصدّرت المبيعات الإضافية للأسهم قائمة عمليات بين الأسهم من قبل الشركات الصينية والتي تعافت هذا العام، نظراً لأنها أسرع في التنفيذ وتعكس اتجاهاً لإنجازها قبل عطلة رأس السنة القمرية الجديدة في أواخر يناير الجاري. انتشرت هذه المبيعات من سوق البر الرئيسي للصين إلى أماكن مثل هونغ كونغ ونيويورك.
جمعت الشركات الصينية ما يقرب من ملياري دولار من خلال مثل هذه الطروحات في هونغ كونغ منذ بداية 2023 وحتى الآن، بزيادة قدرها 41% على أساس سنوي. تشمل الصفقات بيع الجهة المساهمة الرئيسية حصة في شركة الأدوية "وشي بيولوجكس كايمان" (Wuxi Biologics Cayman) بقيمة 509 ملايين دولار، وتعيين زيادة بقيمة 206 ملايين دولار من قبل "تشاينا إديوكيشن غروب هولدينغز"(.China Education Group Holdings Ltd).
كما طُرحت خمس صفقات من هذا النوع بالولايات المتحدة لجمع نحو 1.4 مليار دولار، بما في ذلك بيع أسهم بـ510 ملايين دولار من قبل شركة محتوى الفيديو الترفيهي "ايتشيي" (.iQIYI Inc).
بالنظر إلى هذا الإقبال القوي، من المتوقع أيضاً أن تتسم عمليات الإدراج الثانوية والاكتتابات العامة الأولية من قبل الشركات الصينية بأفضل أداء على مستوى الأسواق، بما في ذلك أوروبا، حيث من المرجح أن يستمر الأداء القوي بعد أن وسّعت الجهات التنظيمية برنامج الإدراج عبر الحدود.
مبيعات أوروبا والولايات المتحدة
تفيد تقارير بأن شركة "مويوان فودز" (Muyuan Foods)، التي تعمل في مجال تربية الخنازير والمدرجة في شنزن، تتطلع إلى جمع نحو 1.5 مليار دولار من خلال إصدار إيصالات إيداع عالمية في زيورخ. تشمل الصفقات المرتقبة للدولة أيضاً صفقة بيع ضخمة من قبل شركة معدات الطاقة الشمسية "لونغي غرين إنرجي تكنولوجي" (.Longi Green Energy Technology Co) في سويسرا والتي قد تصل قيمتها إلى 4 مليارات دولار، حسبما ذكرت "بلومبرغ" في نوفمبر الماضي.
هناك أيضاً مؤشرات على تعافي الاكتتابات العامة الأولية الصينية في الولايات المتحدة، وهو المسار الذي أُلغي في الغالب بسبب التضييق أو القيود التنظيمية من قبل كل من بكين وواشنطن منذ منتصف عام 2021.
قال كي يان، رئيس الأبحاث في "دي زي تي ريسيرش" (DZT Research) في سنغافورة: "الأداء العام للأسهم الصينية يساعد على زيادة رأس المال. عندما يقيّم المستثمرون الصفقات، يتعين مراعاة عوامل مهمة تتمثل فيما إذا كانت الشركة ذات صلة في حقبة ما بعد التشديد، وقدرتها على تسييل نموذج أعمالها".