فشل الخطوط الإيطالية في التوسع أو تقليص نشاطها أدى لإيقاف عملياتها رسمياً في 2021

كيف يمكن لإيطاليا التخلص من شبح شركة "أليطاليا"؟

إيطاليا تودع شركة "أليتاليا" بعد إفلاسها وتطلق شركة طيران جديدة - المصدر: بلومبرغ
إيطاليا تودع شركة "أليتاليا" بعد إفلاسها وتطلق شركة طيران جديدة - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

عندما أوقفت الخطوط الجوية الوطنية الإيطالية، المعروفة باسم "أليطاليا"، رحلاتها في 2021 بعد عقود من الخسائر، واقترابها عدة مرات من حافة الإفلاس، شكّل ذلك نهاية العهد القديم للشركة.

كانت الناقلة الإيطالية الوطنية، صاحبة العلم الملون بالأخضر والأحمر والأبيض، هي المفضلة لدى الباباوات والنجوم اللامعين مثل صوفيا لورين، وتم استبدالها بشركة "إيتا إيرويز" (ITA Airways) التي تدعمها الدولة، وتعتمد على جزء ضئيل من أسطول وطاقم عمل "أليطاليا" وشبكة عمل مبسطة.

رغم ذلك، فإن التنافس مع شركات الطيران منخفضة التكلفة في سوق مزدحمة –ووسط جائحة عالمية– بدا صعباً للغاية.

في ظل التوقعات بتكبد الشركة لخسائر مستمرة على مدار عدة سنوات، تقول حكومة إيطاليا الجديدة إنها نجحت أخيراً فيما فشل فيه آخرون، حيث وجدت مشترياً لـ"أليطاليا"وهي شركة "لوفتهانزا" الألمانية، لكن لم تتضح بعد التغيرات التي تفكر فيها الشركة الألمانية العملاقة، وما إذا كانت "إيتا" ستحتفظ بأي طابع إيطالي، أو ما إذا كانت روما ستتخلى بالفعل عن إدارتها.

1) ماذا حدث لـ"أليطاليا"؟

بدأت الشركة رحلاتها الجوية بعد الحرب العالمية الثانية خلال 1947 في ظل ملكية الدولة لها، وكانت تعتمد حينها على 4 طائرات من طراز "جي-12" (G-12) صنعتها شركة "فيات" (Fiat) واستأجرتها من القوات الجوية الإيطالية، وفقاً لسرد تاريخي في مجلة "إيرو" (Aero) التابعة لشركة "بوينغ". وكان البابا بولس السادس الأول بين العديد من الباباوات الذين سافروا على متن رحلات "أليطاليا" حول العالم.

ورغم أن الشركة واجهت صعوبات عديدة في تحقيق أرباح، إلا أن التراجع الحقيقي بدأ في أواخر تسعينيات القرن الماضي، عندما أدى تحرير قطاع الطيران إلى دخول منافسين جدد منخفضي التكلفة في السوق، وفشلت "أليطاليا" في توسيع نطاق شبكة الرحلات طويلة المدى المُدرّة للأرباح، كما لم تستطع تقليص نشاطها مثل شركات الطيران منخفضة التكلفة.

نتيجةً لذلك، خسرت الشركة حصة سوقية في كل من الرحلات المحلية والدولية لصالح منافسيها. وفشلت الحكومات المتعاقبة في العثور على حل طويل المدى أو مشترٍ لـ"أليطاليا"، مما أدى إلى إفلاسها في 2008.

أصبحت "إير فرانس" (Air France) أكبر مساهم في "أليطاليا" بعد شراء حصة تبلغ 25% مقابل 323 مليون يورو (ما يعادل 349 مليون دولار) في 2009، لكنها خسرت أغلب استثمارها بعد ذلك.

جربت شركة "الاتحاد للطيران" حظها بعد سنوات قليلة بشراء حصة تبلغ 49% في "أليطاليا" ليمر جزء أكبر من حركة السفر من خلال مركزها في الخليج، لكن تلك الخطة باءت بالفشل أيضاً. وقدمت "أليطاليا" دعوى إفلاس مرة أخرى في 2017. وأوقفت العلامة التجارية عملياتها رسمياً أواخر 2021، عندما وُلدت سوقياً من جديد تحت اسم "إيتا".

منذ ذلك الحين، أدارت الخطوط الجوية رحلات على ظهر 52 طائرة فقط، بانخفاض من نحو 160 طائرة ضمها أسطول "أليطاليا" في منتصف التسعينيات. وفقاً لخطة العمل الخاصة بها لم تتوقع "إيتا" تحقيق أرباح قبل 2024، وعرض رئيس الوزراء حينها ماريو دراغي الشركة للبيع مرة أخرى في فبراير 2022.

2) ما خطة "لوفتهانزا"؟

قالت أكبر شركة طيران أوروبية في 18 يناير الجاري إنها تستهدف شراء ما يصل إلى 40% من "إيتا" في خطوة أوّلية، مع احتمال شراء الباقي "في تاريخ لاحق". وكانت "لوفتهانزا" تضع "أليطاليا" نصب أعينها منذ سنوات.

ستتيح صفقة الشراء للشركة التوسع في سوق رئيسية، فيما ترسم مساراً يسمح لروما بالتخلص أخيراً من أحد الأصول المشهورة بعدم الربحية. ستحصل "لوفتهانزا" أيضاً على مزيد من مسارات الطيران فوق المحيط الأطلسي، فيما تمنع أحد منافسيها من بناء قاعدة في شمال إيطاليا قد تجذب الركاب بعيداً.

3) ما سجل إنجازات "لوفتهانزا"؟

تدخلت "لوفتهانزا" لإنقاذ شركات الطيران الوطنية المتعثرة من قبل، حيث أصبحت "الخطوط النمساوية" (Austrian Airlines) و"خطوط طيران بروكسل" البلجيكية (Brussels Airlines) و"الخطوط الجوية الدولية السويسرية" (Swiss International Air Lines) التابعة لسويسرا جزءاً من أسطولها.

كما أن استعداد "لوفتهانزا" للسماح للشركات التابعة لها خارج ألمانيا بالحفاظ على علاماتها التجارية المنفصلة يجعلها الخيار المفضل للسياسيين، الذين يفضلون التظاهر بأنهم لم يبيعوا خطوط الطيران الوطنية للأجانب.

ورغم أن هذه الخطوط الجوية لم تتمتع دوماً بأداء مالي جيد، فعلى سبيل المثال، حققت "الخطوط النمساوية" هامش أرباح وصل بالكاد إلى 1% في 2019، وهو العام الذي سبق الجائحة، إلا أنها ساهمت في حماية السوق الألمانية الأساسية لـ"لوفتهانزا" ودعم حركة السفر في فرانكفورت وميونيخ، وهما مركزا الرحلات العابرة للأطلسي وكلتاهما تُدر أرباحاً وفيرة. وتستهدف استراتيجية "لوفتهانزا" الأساسية الهيمنة على نشاط السفر الأوروبي.

4) ما الآفاق المستقبلية للمنافسة؟

يتحتم على المفوضية الأوروبية الموافقة على أي عملية استحواذ، وقد تأمر "لوفتهانزا" بالتخلي عن مراكز الهبوط والإقلاع في فرانكفورت وميونيخ، أو اتخاذ إجراءات أخرى للسماح للشركات الجديدة بالانضمام للسوق.

رغم ذلك، من غير الواضح ما إذا كان هناك من سيحل محلها، إذ تقلل اثنتان من أكبر شركات الطيران منخفضة التكلفة في أوروبا، وهما "رايان إير" و"إيزي جت"، حجم نشاطهما في ألمانيا بسبب الرسوم المرتفعة نسبياً للمطارات في الدولة. وارتفعت الأسعار على مسارات الرحلات التي استحوذت عليها "لوفتهانزا" والشركات التابعة لها من الشركات الناقلة التي لم تنجح.

يشمل ذلك مسار فرانكفورت إلى برلين، الذي كانت شركة "إير برلين" (Air Berlin) -التي لم يعد لها وجود- مسؤولة عنه. ورغم أن الركاب يلاحظون الفارق، فمن الصعب للغاية إثبات أن تسعير التذكرة ليس عادلاً. لذلك؛ لم يعد أمام الجهات التنظيمية سوى خيارات محدودة لتحقيق المنافسة.

5) هل ستحتفظ الحكومة الإيطالية بدور في الشركة؟

حرصت حكومة رئيسة الوزراء جورجا ميلوني على الاحتفاظ بحصة الأغلبية في المرحلة الأوّلية من عملية البيع للإشراف على الانتقال، وإظهار التزامها بمستقبل الشركة ومستوى التوظيف.

رغم أن "لوفتهانزا" تملك خيار شراء 100% من الشركة، سيظل بإمكان إيطاليا الإدلاء بدلوها في نشاط الشركة، نظراً لأن الشركة تعمل في قطاع استراتيجي.

6) ما رأي الإيطاليين؟

لطالما اعتاد الإيطاليون على حقيقة أن الخطوط الجوية الوطنية مشروع يتسبب في خسارة الأموال، لدرجة أن ذلك أصبح تقريباً جزءاً من ثقافة البلاد.

ورغم أن بيعها إلى شركة ألمانية قد يزعج البعض ممن يرون أهمية رمزية لامتلاك ناقلة وطنية، فمن المتوقع أن يسود الارتياح بشأن عدم الحاجة للاستمرار في تمويلها لكي يستمر في العمل.

اضغط هنا لقراءة المقال الأصلي
تصنيفات

قصص قد تهمك