استيقظ تيمور تورلوف من نومه داخل غرفة بفندق في دبي على صوت زوجته تُخبره أن وطنه غزا أوكرانيا.
جاء تورلوف (35 عاماً)، مؤسس شركة "فريدوم هولدينغ" (Freedom Holding Corp) المدرجة في الولايات المتحدة إلى منطقة الخليج لمناقشة تطوير أعمال شركته مع رؤساء مكاتب الشركة التابعة ومن بينها روسيا وأوكرانيا، ليأتي هجوم 24 فبراير ويغير الأمر بالكامل.
تحوّل اهتمام فريق عمل تورلوف إلى كيفية إجلاء موظفي الشركة من مكتب أوكرانيا والتخلي عن أعمالها في روسيا، التي تساهم بنحو رُبع إيرادات الشركة البالغة أكثر من 350 مليون دولار خلال السنة المالية المنتهية في مارس 2021.
تورلوف يتنازل عن جنسيته الروسية
قال تورلوف في مقابلة أُجريت بمكتبه المطل على مجمع القفز على الجليد في ألماتي، أكبر مدن كازاخستان: "لم يكن واضحاً بالنسبة لنا من أين قد تأتي المشاكل وما الخطوة التي يمكن أن تؤدي إلى نتائج لا يمكن الرجوع فيها"، وأضاف تورلوف بأن إلغاء الولايات المتحدة إدراج الشركة أو فرض عقوبات عليها سيكون له تأثير سلبي كبير.
تعرضت شركة الوساطة المدرجة في بورصة ناسداك وتتخذ من ألماتي مقراً لها لتدقيق سابق قبل أن تشهد تدقيق إضافي وربط استثنائي مع صندوق تحوط ما سمح لها بالمشاركة في بعض أهم الاكتتابات العامة الأولية في الولايات المتحدة ومن بينها "إير بي إن بي" (Airbnb Inc) و"بامبل" (Bumble) ما انعكس إيجاباً على أداء سهم "فريدوم" الذي ارتفع بنحو 900% خلال السنوات الخمس الماضية.
دفعت الحرب في أوكرانيا تورلوف إلى إعادة هيكلة الشركة. وخلال الأشهر التي أعقبت الغزو الروسي، باع وحدتها التابعة في روسيا كما تنازل عن جنسيته الروسية، ويخطط الآن لفتح بنك في أوكرانيا التي دمرتها الحرب محاولاً تكرار تجربته الفاشلة إلى جانب وحدة الوساطة التابعة ضمن.
أثرياء روس بينهم أبراموفيتش يطعنون بقرار فرض عقوبات أوروبية عليهم
معاقبة "فريدوم" بالخطأ
يحمل ذلك التوجه تحدياً في ظل معاقبة البلاد وحدته التابعة هناك بسبب علاقاته مع روسيا. وفي رسالة نصية صادرة عن المكتب الصحفي، أعلن البنك المركزي الأوكراني استعداده التعاون بشأن تأسيس أعمال تجارية مع الأجانب ممن يتمتعون بسمعة "لا تشوبها شائبة" فقط دون الكيانات الخاضعة للعقوبات.
اقرأ أيضاً: "الادعاء الأوروبي" يتوعد مخالفي العقوبات على روسيا وكيانات التهرب الضريبي
قال تورلوف إن "فريدوم" قدمت المستندات اللازمة لاستبعادها من قائمة العقوبات، كما يرى أن إدراج اسمه وشركته جاء عن طريق الخطأ حيث حصل من قبل على الجنسية الكازاخستانية معرباً عن ثقته في حذفهما من القائمة قريباً.
لم يتعرض تورلوف ولا شركته "فريدوم" لعقوبات في الولايات المتحدة أو المملكة المتحدة أو الاتحاد الأوروبي.
تراج ثروة "فريدوم" إلى 2.5 مليار دولار
يستحوذ تورولوف على نحو ثلاثة أرباع "فريدوم" ويبلغ صافي ثروته 2.5 مليار دولار تقريباً، وفقاً لمؤشر بلومبرغ للمليارديرات متراجعة من ذروتها البالغة 3 مليارات دولار، ورغم ذلك، يبقى حاله أفضل بكثير مقارنةً بالعديد من كبار رجال الأعمال الذين تراجعت ثرواتهم هذا العام بسبب رفع أسعار الفائدة وضعف الاقتصاد.
بدأ صعود نجم تورلوف في 2013 عندما اشترى شركة استثمارية صغيرة في ألماتي ودمجها مع "فريدوم فاينانس أي سي" (Freedom Finance IC) الروسية للوساطة، التي أسسها وسط ذروة الأزمة المالية في 2008.
في 2011، انتقل تورولوف إلى كازاخستان. وبعد مرور 4 سنوات، استحوذ على شركة النفط والغاز المحلية "بي إم بي موناي" (BMB Munai Inc) المدرجة في الولايات المتحدة ما سمح له بالمشاركة في أكبر سوق للأسهم في العالم دون الاضطرار لعملية اكتتاب عام صعبة هناك، ليعود بعد ذلك ويغير اسم الشركة إلى "فريدوم هولدينغ" (Freedom Holding Corp) ويضم لها أصول الوساطة الخاصة به في كازاخستان وروسيا.
العقوبات تدفع المليارديرات الروس إلى أحضان بوتين
"فريدوم" تتوسع في أميركا
حتى يمكنه المشاركة في اكتتابات عامة أولية كبيرة في الولايات المتحدة، تعاونت "فريدوم" مع شركة تابعة لصندوق تحوط يشتري الأسهم وينقل ملكيتها للشركة، ما يجعل العملاء يحصلون على تخصيص أسهم أكبر عند شراء مزيد من أسهم "فريدوم"، التي ارتفعت بقوة خلال تفشي كوفيد 19 وسط تزايد إقبال العالقون في المنازل على تداولات الأسهم.
في يناير 2021، اشترت "فريدوم" شركة الوساطة "برايم إكسيكيوشنز" (Prime Executions Inc) في نيويورك، كما تقدمت في وقت لاحق من نفس العام بعرض لشراء شركة أصغر في وول ستريت وهي "إم كيه إم بارتنرز" (MKM Partners) بهدف مزيد من التوسع في الولايات المتحدة، لتأتي حرب أوكرانيا وتوقف بشكل مفاجئ تلك الطموحات، حيث تعطلت صفقة شراء "إم كيه إم" رغم انتهاء الطرفان من الاتفاقي في أبريل.
اقرأ أيضاً: عودة زخم الاكتتابات بأميركا في 2023 مرهون بقرارات "باول"
على صعيد منفصل، فرض المسؤولون الأمريكيون غرامة على 3 من مدققي "فريدوم" لعدم الإشارة إلى بعض الإفصاحات المتعلقة بشركتها التابعة في بليز وانتهاكات أخرى، وأكدت "فريدوم" معالجتها لجانب كبير من تلك المشكلات في النتائج المالية السنوية للعامين 2021 و2022.
تورلوف يسعى للهيمنة في كازاخستان
منذ ذلك الحين، وافقت الشركة على صفقة بيع وحدتها الروسية التابعة لعضو مجلس الإدارة، مكسيم بوفاليشين مقابل 33 مليون دولار بما يمنحه السيطرة على 43 مكتباً وأكثر من 1700 موظف في البلاد، بينما تخضع الصفقة لموافقة البنك المركزي الروسي.
إلى جانب خطته في أوكرانيا، يركز تورلوف على التوسع بأماكن أخرى، حيث يسعى إلى شراء بنك في الاتحاد الأوروبي ونمو أعماله في كازاخستان، حيث تستحوذ وحدة "فريدوم" التابعة هناك على أكبر حصة من سوق الرهون العقارية المدعومة من الدولة بفضل نظام التصنيف الائتماني للعملاء الذي يمنحهم قروضاً عقارية أونلاين في أقل من 48 ساعة، وفقًا لـ"ستاندرد آند بورز غلوبل ريتينغ"، كما أطلقت الشركة في يونيو الماضي برنامجاً لإقراض السيارات عبر الإنترنت.
أشار رومان ريبالكين، المحلل في "ستاندرد آند بورز" خلال مقابلة إلى ضرورة تجربة الشركة سريعة النمو عمليات اكتتاب خاصة بشركاتها. وأضاف في مذكرة بحثية خلال يونيو الماضي: "إنها سريعة ورقمية وقد ينجح شيء ما بالنسبة لها".
تعليقاً على استفادة الشركة من تراجع الشركات الروسية بالمنطقة، قال تولرلوف: "تحسنت أعمالنا في كازاخستان بشكل ملحوظ عقب تخارج كافة المنافسين الروس تقريباً كما دفع تشديد سياسات الشركات المالية الغربية إلى التوقف عن تقديم الخدمات للعملاء في المنطقة".