1.3 مليار دولار صافي ثروة العبار حالياً بعدما منحه طرح "أمريكانا" مكاسب صافيه بـ900 مليون

رهان قطب العقارات في دبي على الوجبات السريعة يجعله مليارديراً

محمد العبار، رئيس مجلس إدارة "أمريكانا" - المصدر: بلومبرغ
محمد العبار، رئيس مجلس إدارة "أمريكانا" - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

اشتهر محمد العبار بأنه مؤسس شركة العقارات التي شيدت أطول ناطحة سحاب في العالم في دبي. إلا أن استثماراً في الوجبات السريعة، هو ما دفعه لينضمّ إلى صفوف أغنى رجال الأعمال في المنطقة.

حالياً، تبلغ قيمة "مجموعة أمريكانا"، مشغلة سلاسل "كنتاكي" و"بيتزا هت" في الشرق الأوسط، 6.24 مليار دولار - وهو رقم أعلى بكثير من قيمتها البالغة 3.5 مليار دولار عندما تحوّلت إلى ملكية خاصة في 2017 – بعدما أطلقت بنجاح أول طرح مزدوج في المنطقة. تدافع المستثمرون على الطرح الأولي للجمهور بطلبات اكتتاب وصلت إلى 105 مليارات دولار، وصعد السهم 13% في أبوظبي يوم الاثنين، قبل أن يقلص مكاسبه.

سيجني العبار مكاسب صافية تصل إلى 900 مليون دولار من طرح "أمريكانا" الأولي للجمهور، فيما تقدر قيمة حصته المتبقية حالياً بـ1.98 مليار دولار، وفق سعر الطرح. وبالتالي أصبح واحداً من أغنى رجال الأعمال في الإمارات، بثروة تبلغ 1.3 مليار دولار، وفق مؤشر "بلومبرغ" للمليارديرات، بعد احتساب الصفقات السابقة التي تتضمن الشراء الأصلي لـ"أمريكانا". هناك احتمال بأن العبار كان مليارديراً من قبل، لكن عبر امتلاك أصول غير معروفة أو صعبة التقييم.

قال العبار لـ"بلومبرغ" في مقابلة، رافضاً التعليق على صافي ثروته: "بالنسبة إليّ، الأمر لا يتعلق بالمال. أنا أفعل ما أفعله فقط من أجل المتعة.. حتى أنني لا أحب ارتداء ساعة باهظة الثمن".

لم يقرّر الملياردير بعد ماذا سيفعل بأرباحه المفاجئة بعد، وقال: "أتحدث مع مجموعة من الأشخاص، لكن لن أبتعد كثيراً عن أعمالي التقليدية.. سأدخل في أعمال أعرفها".

ازدهار مشترك

ترتبط ثروة العبار ارتباطاً وثيقاً باقتصاد دبي – المدينة التي ولد فيها وساعد في تحويلها إلى مركز تجاري رئيسي. ويأتي دخوله نادي الأثرياء ممن يمتلكون ثروات بأرقام من 10 خانات، في وقت يزدهر فيه الاقتصاد مجدداً، جاذباً إليه الجميع، من مصرفيين وصناديق تحوط، إلى مناصري عالم التشفير.

أصبحت دبي ملاذاً للهاربين من الصراع في أوكرانيا أو من إغلاقات كوفيد في أماكن أخرى. وللاستفادة من هذا الإقبال عليها، استحدثت السلطات مجموعة من الإجراءات تهدف إلى جعل المدينة أكثر جاذبية للقوى العاملة المغتربة لديها، والتي تكون إقامتها في العادة مؤقتة.

دفع تحسن الآفاق أسعار العقارات إلى مستويات مرتفعة قياسية وعزز القطاع السياحي، مع تدفق ملايين الزوار إلى شواطئ الإمارة ومراكز التسوق الضخمة. أما مشاريع التطوير العقاري الجديدة فتباع سريعاً، وهذا زاد من إيرادات المطورين، مثل "إعمار العقارية".

ثاني أفضل عام للطروحات

شكّل بروز الشرق الأوسط كمركز للطروحات الأولية العامة بفضل ارتفاع أسعار النفط والتدفقات الداخلة من المستثمرين في بداية العام، أهمية كبيرة للعبار. أكثر من 20 مليار دولار تم جمعها من مبيعات الأسهم حتى الآن العام الجاري، ما يدفع المنطقة لتسجيل ثاني أفضل عام لها على الإطلاق بعد عام 2019 الذي شهد طرح "أرامكو السعودية" بقيمة 29.4 مليار دولار، حسبما تظهر بيانات جمعتها "بلومبرغ".

استفادت "أمريكانا" من هذه الطفرة، حيث باع العبار وصندوق الاستثمارات العامة السعودي حصة نسبتها 30%. تعافت الشركة من الوباء محققة إيرادات بلغت ملياري دولار للعام المالي المنتهي في ديسمبر 2021، بارتفاع قدره 8.5% مقارنة بعام 2019، وهامش ربح 9.9%.

في نشرة الاكتتاب العام، حددت الشركة استراتيجية لمضاعفة إيراداتها وزيادة الربحية على المدى المتوسط، مشيرة إلى زيادة الدخل المتاح في أسواقها، وتزايد عدد السكان المستهدفين الذين يزيدون على 270 مليون نسمة، 78% منهم تحت سن 45 عاماً.

المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ

تنويع الاستثمارات

بدأ العبار، البالغ من العمر 66 عاماً والمحب للسيجار وسباق تحمل الخيول، إمبرطوريته بالعقارات في 1997، وأسس "إعمار"، وهي الشركة التي أطلقت من دون شك، ثورة العقارات في دبي، والتي تظهر بصمتها في كل مكان تقريباً في المدينة.

إلى جانب أطول برج في العالم – وهو برج خليفة الذي يبلغ ارتفاعه 830 متراً حيث تباع الشقق السكنية بما يصل إلى 4 ملايين دولار، طوّرت "إعمار" مساحات شاسعة من المناطق السكنية، وشيّدت أبراجاً مزخرفة باسم الشركة. وفي رهان على أن السكان سيتدفقون على مراكز التسوق في أشهر الصيف شديدة الحرارة في دبي، بنى العبار أكبر مركز تسوق في العالم، يضم حوض أسماك ضخماً.

تبلغ حصة العبار الحالية في "إعمار العقارية" حوالي 4.6 مليون دولار، وفق حسابات "بلومبرغ"، وتمتلك حكومة دبي حصة كبيرة من المطور العقاري، إلا أن حجم هذه الحصة غير واضح.

عبر مسيرته، نوّع العبار أعماله بعيداً عن العقارات، التي وصفها في إحدى المناسبات بأنها "أعمال بسيطة". فبالإضافة إلى "أمريكانا"، أسس "نون دوت كوم" – المكافئة الإقليمية لـ"أمازون" – بالتعاون مع صندوق الاستثمارات العامة السعودي.

حالياً، تخسر "نون"، لكن الملياردير يرى مجالاً للنمو. وقال: "الأرقام تبدو جيدة.. وفي حال استقر العالم بالقدر الكافي، ربما أفكر أنا والمساهمون الآخرون في غضون عامين، في طرحها للجمهور".

يمتلك العبار 50% من "نون"، فيما النصف الآخر مملوك للصندوق السيادي السعودي. ولدى الطرفين، شراكة طويلة الأمد، رغم أنهما لا يخططان لأي صفقات جديدة في هذه المرحلة.

قال العبار: "أعتقد نظراً لطريقة سير العلاقة أنه يمكننا فعل المزيد معاً".

مدينة هادئة.. ومرفأ

بدأ صعود نجم العبار منذ فترة طويلة. عندما وُلد في خمسينيات القرن الماضي، كانت دبي بعيدة كل البعد عن صورة مركز الأعمال المُزيّن بناطحات السحاب، التي أصبحت عليها اليوم. كانت دبي مدينة هادئة ذات مرفأ، افتقر الكثير من المنازل فيها للمياه الجارية، ولم يكن مطارها، الذي يعتبر اليوم أكثر مطارات العالم ازدحاماً بالرحلات الدولية، قد بُني بعد.

ارتاد العبار، وهو ابن رُبّان قارب "داو" (قارب عربيّ تقليدي ذو شراع مثلث)، الجامعة في سياتل، وأصبح أول فرد في أسرته يحصل على تعليم جامعي. وعمل العبار لاحقاً في سنغافورة، وهي مدينة يعتبرها كثيرون نموذجاً لدبي الحديثة، ثمّ شغل مناصب حكومية عدة بعد عودته إلى الإمارة، حيث لعب دوراً رئيسياً في تحويلها إلى مركز عالمي.

من بين مبادراته لجذب السياح وتعزيز سمعة الإمارة، أسس العبار مهرجاناً للتسوق، وبطولة للعبة الغولف، ومركز دبي التجاري العالمي، الذي كان عامل جذب للمؤتمرات الدولية. من خلال ذلك، أصبح العبار أحد أكثر الخبراء موثوقية لحاكم إمارة دبي، الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم.

قال العبار: "في سنغافورة، كان هناك كل يوم خبر عن تطوير المدينة (في الصحيفة)". في دبي، جمع العبار 300 مليون دولار لبدء شركة تطوير عقاري، وعندما انتشر الخبر، حدّثه الشيخ محمد بن راشد على الهاتف أثناء وجوده في فعالية لسباق الجمال، ليبلغه بأن الحكومة ستستثمر في الشركة الجديدة، "إعمار".

أكبر خطأ

رغم ذلك، لم تكن الأمور كلها سلسة.

بعد عقد على تأسيس "إعمار"، واجه العبار ودبي أكبر تحدٍ لهما عندما وصلت الأزمة المالية العالمية إلى الإمارة، وكادت أن تؤدي إلى انهيار سوق العقارات فيها، ما دفع إمارة أبوظبي المجاورة إلى التدخل بعملية إنقاذ.

قال العبار: "كنا متعقلين في ما يخص الديون، وأحسنّا إدارة تدفقاتنا النقدية. لذا عندما ضربت الأزمة عام 2008 – رغم أن المبيعات كانت كارثية، والربحية كانت كارثية – لم نُشرِك الحكومة على الإطلاق".

لبرهة من الوقت، بدا وكأن حظوظ العبار تتبدل. فقد جرى إقصاؤه عن مجلس إدارة مؤسسة دبي للاستثمارات الحكومية، وهي الشركة القابضة الرئيسية في الإمارة، وذلك في 2009، قبل أسابيع فقط من افتتاح برج خليفة، لتحل مكانه مجموعة جديدة من المسؤولين.

في ذلك الوقت، خسر العبار 100 مليون دولار في مشروع للتعدين في أفريقيا. مع ذلك، استمتع بالسفر في أنحاء القارة، معتبراً أنها تجربة غنية. أوضح العبار: "كانت الأمور تسير على ما يرام دون متاعب كثيرة، ثم حلّ فيروس الإيبولا ودمّر كل شيء".

أيضاً انتهى مشروع مشترك في العقارات الأميركية في 2005 نهاية كارثية، وقال عنه العبار إنه أكبر خطأ ارتكبه. صرح العبار لبلومبرغ: "كنت مدفوعاً بعواطفي بشأن الشراء في الولايات المتحدة، وبعد ذلك بفترة قصيرة، حلّت بنا الأزمة".

لكن عندما بدأت دبي في التعافي، تعافت معها إمبراطورية العبار، وأدرجت "إعمار" شركتين تابعتين في البورصة المحلية. وفي 2016، أعلن العبار عن أحد أكثر مشروعاته طموحاً: برج أطول حتى من برج خليفة.

كما يحدث عادةً مع دورات الانتعاش والركود في دبي، كان انخفاض أسعار النفط يعني أن نجم دبي قد أفل مرة أخرى، إذ كانت حركة التداول في البورصة المحلية ضعيفة، وتراجعت أسعار العقارات، ثم أتت أزمة كوفيد، وكان تأثيرها قوياً على دبي بشكل خاص، باعتبارها مركزاً للتجارة والسياحة.

شُطبت شركة إدارة مراكز التسوق التابعة لـ"إعمار" من البورصة، وجرى تجميد خطط بناء أطول برج في العالم. قال العبار إن إنفاق 2.5 مليار دولار على برج جديد من قبل شركة مدرجة في فترة محفوفة بالكثير من الضبابية السياسية في العالم، مشكوك في جدواه.

أضاف: "لن يضرنا الانتظار لعام أو اثنين. أفضل الانتظار في هذه المسألة رغم أن السوق جيدة في دبي، لكني أعتقد أن على المرء أن يكون حذراً".

اضغط هنا لقراءة المقال الأصلي
تصنيفات

قصص قد تهمك