أدى تراجع سعر صرف الجنيه المصري أمام الدولار إلى زيادة الضغوط على الأنشطة التجارية غير النفطية في مصر، ومع ذلك تعافت ثقة الشركات على نحو طفيف كما استمرت مستويات التوظيف في الارتفاع، وفق تقرير مؤشر مديري المشتريات الصادر عن وكالة "إس أند بي".
تراجع مؤشر مديري المشتريات على نحو كبير من 47.7 نقطة في أكتوبر إلى 45.4 نقطة في نوفمبر، وهي ثاني أدنى قراءة منذ شهر يونيو 2020، لتمتد بذلك سلسلة الانكماش في الاقتصاد غير النفطي (دون 50 نقطة بالمؤشر) إلى عامين.
عانت الشركات المصرية من انكماش ملحوظ في ظروف الأعمال خلال شهر نوفمبر، إذ تأثر النشاط التجاري غير النفطي والطلب بسبب الضغوط التضخمية، بحسب التقرير، الذي أظهر انخفاض الإنتاج بأعلى معدل منذ أول إغلاق بسبب كوفيد في مايو 2020، إذ أدى الهبوط القوي في قيمة الجنيه المصري إلى ارتفاع أسعار الشراء بأقصى معدل منذ أكثر من 4 سنوات.
ورغم الانخفاض السريع في الطلبات الجديدة، فإن مستويات التوظيف ارتفعت للمرة الرابعة في 5 أشهُر، إذ تعافت ثقة الشركات على نحو طفيف بعد مستوى شهر أكتوبر القياسي المتدني.
تعويم العملة
"واجهت الشركات المصرية انخفاضاً فورياً في الطلب بسبب الانخفاض السريع في قيمة الجنيه منذ أواخر شهر أكتوبر"، وفق شريا باتل الباحثة الاقتصادية في "إس أند بي".
خفضت الدولة الواقعة في شمال أفريقيا الجنيه بنسبة 18% في أواخر أكتوبر الماضي، وأشارت إلى تحوّلها نحو نظام سعر صرف أكثر مرونة، في وقت يصارع فيه الاقتصاد تداعيات الغزو الروسي لأوكرانيا. وتراجعت العملة نحو 20% أمام الدولار مسجلة مستويات متدنية قياسية الربع الجاري لتكون الأسوأ أداءً في العالم بعد السيدي الغاني.
أضافت باتل أن انخفاض قيمة الجنيه مقابل الدولار الأميركي أدى إلى زيادة ملحوظة في أسعار المواد الخام، التي تفاقمت بالفعل بسبب قيود الاستيراد منذ أوائل عام 2022.
كان أحد العوامل الواضحة وراء الانخفاض الأخير في الأداء التجاري لمصر هو الانخفاض الحاد في قيمة الجنيه المصري مقابل الدولار، إذ تم تعويم العملة للسماح بالموافقة على اتفاق جديد مع صندوق النقد الدولي.
أدى ذلك فوراً إلى تسارع حاد في تضخم أسعار المشتريات وصل إلى أعلى مستوى في 52 شهراً، وفق التقرير.
ارتفاع أسعار الإنتاج أيضاً تسارع في نوفمبر مقارنة بأكتوبر، مع تردد البعض في زيادة الأسعار في ظل استمرار انخفاض المبيعات.
ارتفاع تكاليف الاستيراد وانخفاض الطلبات الجديدة، دفع الشركات إلى خفض مستويات شراء مستلزمات الإنتاج بمعدل سريع الشهر الماضي.
ظلت المخاوف بشأن ارتفاع التضخم وارتفاع أسعار الفائدة وضعف العملة وتباطؤ الاقتصاد العالمي عاملاً مثبطاً لثقة الشركات.
رغم سماح مصر للجنيه بالتراجع أكثر من أي عملة أخرى في العالم خلال الربع الجاري، لا يزال المستثمرون يتساءلون عمَّا إذا كانت السلطات ستخفف قبضتها تماماً، إذا تعرضت العملة لمزيد من الضغوط أم لا، وربما لا يضطرون للانتظار طويلاً لمعرفة الإجابة.
تُعدّ مصر، بين أقرانها من الدول النامية، صاحبة الاقتصاد الأكثر عرضة لأزمة عملة خلال الاثني عشر شهراً المقبلة، وفقاً لبنك "نومورا هولدينغز"، والذي توقع في وقت سابق موجات لبيع العملة. أما "إتش إس بي سي" (HSBC)، الذي توقع سابقاً أن يستقر الجنيه حول 24 للدولار، فيتصور مبدئياً الآن تحركه تجاه 26 جنيهاً للدولار، وهو ما ينطوي على هبوط يناهز 5.5% عن المستويات الحالية.