أسهم الشركة انخفضت دون الحاجز النفسي عند 100 بنس.. وسوقها الرئيسية بألمانيا تعاني من وطأة المنافسة

"فودافون" دراسة حالة لاضطرابات صفقات الدمج والاستحواذ

أحد المارة ينظر إلى هاتفه الذكي أثناء مروره أمام متجر بيع بالتجزئة لـ"فودافون" في لندن، المملكة المتحدة - المصدر: بلومبرغ
أحد المارة ينظر إلى هاتفه الذكي أثناء مروره أمام متجر بيع بالتجزئة لـ"فودافون" في لندن، المملكة المتحدة - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

- مقال رأي

هناك قيمة خفيّة في مجموعة "فودافون"، شركة الاتصالات المتشعبة التي فقدت من رأس مالها السوقي ما يربو على 50 مليار دولار خلال 5 سنوات تقريباً. تُقدِّم الشركة درساً لطلاب إدارة الأعمال يطرح محاسن ومساوئ عمليات الدمج والاستحواذ. الشيء الوحيد المفقود هو الصفقة النهائية: عرض شراء ينطوي على تفكيك الشركة.

لا تسير الأمور على ما يرام. انخفضت الأسهم مؤخراً دون الحاجز النفسي عند 100 بنس. وتعاني "فودافون" في ألمانيا، وهي سوقها الرئيسية، من وطأة المنافسة. وتعاني الإدارة لإقناع المستثمرين أن الديون الكبيرة من عقد الصفقات ستكون تحت السيطرة. تخلّت شركة الاستثمار الناشطة "سيفيان كابيتال" (Cevian Capital) عن أسهم "فودافون" في وقت سابق من هذا العام، لكن خافيير نيل، ملياردير الاتصالات، حل محلها كمشاغب محتمل.

إذا عدنا للوراء حتى 2013، من الصعب تصديق أن "فودافون" قد ينتهي بها الحال في مثل هذا المأزق. وافق فيتوريو كولاو، الرئيس التنفيذي حينها، على التخارج من مشروع الشركة المشترك مع "فيرايزون كوميونيكيشنز" مقابل 130 مليار دولار. وذهبت أغلب هذه المدفوعات التي تلقتها الشركة، وكانت بشكل رئيسي عبارة عن مزيج من الأموال والأسهم في "فيرايزون"، إلى المساهمين. كانت هذه صفقة ممتازة، كما كانت بمثابة فترة توقف عن النشاط خلال سنوات من بناء الإمبراطورية. للأسف، كانت الصفقات التي تلت ملحمة الدمج والاستحواذ هذه مُحبِطة.

صفقات الدمج والاستحواذ

أضافت "فودافون" بنية تحتية من الكابلات إلى مشروعاتها، إذ سعت لما يُسمّى استراتيجية التقارب لبيع خدمات الهواتف والإنترنت وتلفزيون الدفع مقابل المشاهدة. بعدما عرضت 11 مليار دولار للاستحواذ على "كابل دويتشلاند هولدينغ" (Kabel Deutschland Holding) في ألمانيا، استحوذت بعدها على "غروبو كوربوراتيفو أونو" (Grupo Corporativo ONO) الإسبانية مقابل 10 مليارات دولار. أصبحت المنافسة في السوق الإسبانية بعد ذلك شرسة.

في 2018، جرت صفقة الاستحواذ، التي بلغت قيمتها 22 مليار دولار، على أصول من شركة "ليبرتي غلوبال" المنافسة. خلال أقل من أسبوع بعد الإعلان، أعلنت الشركة أن نيك ريد، الذي كان المدير المالي حينها، سيخلف كولاو، وسيتولى مسؤولية الدمج الضخمة. صحيح أن كولاو تولّى المنصب لما يقرب من 10 سنوات، لكن تسليم زمام الأمور بالكاد كان مثالياً. كان أداء أسهم "فودافون" أقل بكثير من نظرائها الأوروبيين منذ ذلك الحين.

سوء إدارة أصول "فودافون"

للإنصاف، بدا من المنطقي أن تصبح الشركة مزود خدمات اتصالات ينضوي تحت لوائه شركات عدة، وكان الأمر سيتطلب سنوات لتحقيقه من الصفر بدلاً من القيام بصفقات استحواذ. المشكلة هي أن "فودافون" لم تحسن إدارة الأصول. بعدما استفادت الشركة من الوفورات في البداية، تسببت خدمة العملاء السيئة في فقدان الشركة حصتها من السوق في ألمانيا. إذا قمت بعملية استحواذ باهظة الثمن، عليك أن تدير ما اشتريته بلا أخطاء.

اقترضت "فودافون" أيضاً مبالغ كبيرة. الحكم على ذلك الأمر ليس سهلاً، لكنه كان من الأفضل الاحتفاظ بجزء أكبر من المبلغ الذي يصل لنحو 80 مليار دولار والذي جرت إعادته للمساهمين بعد صفقة "فيرايزون" والحفاظ على مساحة للمناورة.

لا حلول سحرية لـ"فودافون"

ثم هناك صفقات لم تقم بها "فودافون" أو قضت وقتاً في دراستها. تنتشر أصول الشركة في أوروبا والأسواق الناشئة. لكن أكثر ما يهم في مجال الاتصالات هو النطاق داخل الحدود وليس عبرها، فيما تزيد البصمة متعددة الجنسيات الصورة تعقيداً للمستثمرين. كان بوسع "فودافون" القيام بالمزيد للتركيز على أسواق مختارة في أوروبا، فيما تسعى للحصول على مستثمرين أفضل لكل شيء آخر. كان ذلك سيُسرِّع تخفيض الديون، كما كان سيجعل من الشركة عملاقاً أسلس في إدارته.

في وقت سابق من العام الجاري، رفضت "فودافون" صفقة مع "ماسموفيل إيبركوم" (Masmovil Ibercom)، مما أتاح لشركة "أورانج" الاستفادة من الاندماجات الإسبانية في القطاع. ورغم أن اتفاق هذا الشهر على البيع الجزئي لأبراج شبكات المحمول سيخفض الديون ، فهي سقطة في الحوكمة مع ائتلاف من صناديق الاستثمار المباشر والأموال السعودية. كان من الأفضل القيام بعملية بيع مباشر منذ سنوات.

لا يوجد الآن حل سحري يمكن لريد، الرئيس التنفيذي، تطبيقه. من المرجح أن تكون الجهات التنظيمية أكثر حذراً في السماح بالدمج داخل أسواق "فودافون" في الوقت الذي يعاني فيه المستهلكون من الضغوط. لم يبرز بعد مزيج مُقترَح من شركة "ثري يو كيه" (Three UK) ، المملوكة لـ"سي كيه هتشينسون" (CK Hutchinson).

المضي قدماً

أفضل رهان لريد هو إدارة العمليات بشكل أفضل وخفض التكاليف والتمسك بأي فرص للدمج والاستحواذ التي يقدمها الحظ من الآن فصاعداً. يمكنه أيضاً أن يكون أكثر وضوحاً أن المساهمين سيستفيدون من انخفاض حجم الديون. يتوقع محللون في "نيو ستريت ريسيرش" (New Street Research) إمكانية رد أموال للمساهمين بقيمة 4.9 مليار يورو (5.1 مليار دولار)، إذا سارت الأمور بشكل جيد.

ستكون شركة أصغر بهذا السجل هدفاً للاستحواذ هي نفسها. تُقدِّم قيمة "فودافون"، التي تتخطى 90 مليار دولار، حماية من هذا الخطر. تتمثل الصفقة المتخيلة في مجموعة من المشترين المُنظَّمين الذين يسعون لتقسيم الشركة فيما بينهما. إذا أصبح ذلك الاحتمال وارداً، سيكون الدفاع عن الوضع القائم تحدياً ضخماً.

الأمر متروك لرئيس مجلس الإدارة، جون-فرانسوا فان بوكسمير، لتحديد ما إذا كان ريد ينتشل "فودافون" من الأزمة بنجاح. لكن أي رئيس تنفيذي هنا سيواجه نفس الخيارات المحدودة لإصلاح وضع الشركة.

اضغط هنا لقراءة المقال الأصلي
هذا المقال لا يعكس موقف أو رأي "الشرق للأخبار"وهو منشور نقلا عن Bloomberg Mediaولا يعكس بالضرورة آراء مجلس تحرير Bloomberg أو ملاكها
تصنيفات

قصص قد تهمك

الآراء الأكثر قراءة