تشكّلت أنماط شراء مختلفة في أرجاء العالم كافة نتيجة بدء استخدام السيارات الكهربائية. ويستهدف غالبية مُصنِّعي السيارات في بعض البلدان الشريحة العليا من السوق، ولكنَّهم يعملون ببطء على تخفيض الأسعار. ويرى آخرون أنَّ شركات تصنيع السيارات ستمارس المزيد من التطويق على الشريحتين الفاخرة والوافدة الجديدة على السوق معاً.
في الولايات المتحدة والصين على سبيل المثال، نجحت غالبية شركات صناعة السيارات في أميركا، بقيادة "تسلا"، في تقديم طرازات كهربائية للسوق المميّزة والتوسع ببطء في شريحتي الأسعار المتوسطة وذات الحجم الكبير. تم بيع 322 ألف سيارة فقط في عام 2019 في الولايات المتحدة، وتتوقَّع "بلومبرغ إن إي إف" بيع 1.4 مليون سيارة هذا العام.
تفوقت السيارات الكهربائية في الشريحتين الفاخرة والرخيصة بالسوق الصيني. بيعت 567 ألف سيارة كهربائية تقريباً في يوليو، بزيادة بلغت 120% عن العام الماضي، وتتوقَّع "بلومبرغ إن إي إف" تسليم 6 ملايين سيارة هذا العام. وصلت حصة السيارات الكهربائية من إجمالي مبيعات سيارات الركوب نحو 24% حتى الوقت الحالي من عام 2022، ومن المرجح ارتفاع الأرقام بكثير في السنوات القليلة المقبلة بفضل تزايد اهتمام المستهلكين. نتيجة لذلك؛ تنخفض مبيعات سيارات محرّك الاحتراق الداخلي بوتيرة سريعة.
قصة شرائح السوق
هذه هي الصورة العامة، ولكنَّ قصة شرائح السوق مثيرة للغاية في الصين. إذا قسّمت شرائح سوق السيارات الصينية وفقاً للحجم الأكبر إلى الأصغر من السيارات، ستجد أنَّ استخدام المركبات الكهربائية يتشابه مع الكماشة أو الدائرة إلى حد ما.
أصبحت السيارات الأصغر حجماً (الميني) تعمل بالكهرباء فعلياً بفضل طرازات مثل "هونغوانغ ميني"(Hongguang Mini)، التابعة لـ"سايك-جي إم وولينغ" (SAIC-GM-Wuling)، والتي يبدأ سعرها من 5000 دولار فقط، وتعتبر السيارة الكهربائية الأكثر مبيعاً حتى الوقت الحالي من العام. وتتمتع السيارات الكهربائية الكبيرة وسيارات الاستخدامات الرياضية الكبيرة كذلك بمعدلات استخدام عالية، إذ شكّلت مبيعاتها نحو 29% و32% على التوالي. هذه الفئات تقودها نماذج مثل "بي واي دي هان" (BYD Han) و"فولكس واجن أي دي.6" (Volkswagen ID.6) .
تعتبر فئات السيارات المدمجة وسيارات الدفع الرباعي الرياضية متعددة الاستخدامات المدمجة - وهي التي تقع في منتصف الدائرة - من الفئات التي تباع بأعداد كبيرة، حيث تُمثِّل نصف سوق السيارات تقريباً في الصين. في حين أنَّ معدلات انتشار المركبات الكهربائية منخفضة عن ذلك بكثير، وتمثل نحو 16% من إجمالي المبيعات.
تهيمن شركات تصنيع السيارات الحالية من أمثال "نيسان" و"تويوتا" و"فولكس واجن" على هذين القطاعين. وستقوم المعارك القادمة هنا تحديداً، حيث تتجه الشريحتان العليا والسفلى للسوق فعلياً إلى استخدام السيارات الكهربائية بسرعة كبيرة.
يمكن أن تساعد الطرازات الجديدة، وزيادة المساحة المغطاة بخدمة الشحن بالكهرباء، وأساطيل التنقل التشاركي في زيادة شعبية المركبات الكهربائية في الفئات الوسطى، ولكنَّ الأمر قد يستغرق فترة أطول قليلاً لإزاحتها عن الوقت الذي تستغرقه الفئتان العليا والسفلى من السوق.
البحث عن الأرخص
يعود ذلك إلى أنَّ قصة نجاح السيارات الكهربائية في أصغر السيارات اعتمدت إلى حد كبير على المشترين في المناطق الحضرية المهتمين بالتكلفة والباحثين عن الخيار الأرخص والمناسب للتنقلات والرحلات القصيرة. وأغرت هوامش الأرباح العالية في فئات السيارات الأكبر شركات تصنيع السيارات لإنتاج المركبات الكهربائية، التي أصبحت كذلك الشريحة من السيارات التي يمكن للمستهلكين فيها الوصول إلى أحدث التقنيات الرقمية، مثل تحديثات البرامج عبر الهواء ومزايا مساعدة السائق المتقدّمة.
مع ذلك؛ علينا أن نتذكّر أنَّ أهداف الصين لم تتغير، حيث تهتم البلاد في المقام الأول بالمركبات الكهربائية لأسباب متعلّقة بالسياسة الصناعية، وتحديداً من أجل المساعدة في تقليل واردات النفط وتحسين جودة الهواء في المناطق الحضرية. وبما أنَّ الفئات العليا والسفلى من سوق السيارات ستتشبّع في السنوات القليلة المقبلة بالسيارات الكهربائية؛ من المتوقَّع أن تستهدف المزيد من السياسات السوق المتوسطة التي ستُساعد في قلب الموازين لصالح السيارات الكهربائية. يجب على الشركات العاملة في هذه الشرائح من السوق أن تنتبه مع بداية عملية التحول، فقد تبدأ الدائرة في الانغلاق بسرعة أكبر.